"مفاجأة.. اعرف أجر الممثلة في المسلسل الجديد". "كارثة.. شاهد بماذا صرح المسؤول مع سفير الدولة المعادية". "أسعار الدواجن ترتفع إلى هذا الرقم"!. "تعرف على سر ظهور الفنان في زفاف لاعب الكرة الشهير". كل هذه جمل تراها منشورة أمامك يوميًا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي للصحف الإلكترونية، مذيلة بجملة "للتفاصيل .. اضغط على الرابط التالي"، وربما تكون الجملة الأخيرة هي الأكثر صدقًا في أغلب ما يُصَدرَ للقراء من كلمات، فالأهم هو أن يضغط القارئ على الرابط، ولا شيء مهم غير ذلك على الإطلاق.
صارت المواقع الإخبارية تضع عناوين مبهمة هنا وهناك بلا أي داعٍ يذكر سوى "الترافيك"
اقرأ/ي أيضًا: مثقفو الواجهة في الجزائر.. ضوء مغشوش
تحولت كل المواقع الإخبارية في الفترة الأخيرة إلى التنافس على جذب القراء بشتى الطرق، فالغاية تبرر الوسيلة في هذه الحالة، ولذلك فلا مانع من استخدام أي عامل مثير لكي يدخل القارئ على الخبر المقصود، فأصبح كل شيء يجلب القراءات متاحًا لدى الصحف الإلكترونية، إلى أن وصل البعض منها إلى مستوى الصحف الصفراء علانية دون خجل، بدعوى أن العصر اختلف وأن ما يطلبه القارئ يجب أن يُلبى.
هناك خيط رفيع يفصل بين العنوان الجذاب المثير والعنوان الأصفر، وهذا الخيط قد انتُهِكَ بكل الطرق في الآونة الأخيرة، كما صارت المواقع الإخبارية تضع عناوين مبهمة هنا وهناك بلا أي داعٍ يذكر سوى أنها تريد للقارئ أن يدخل على الخبر، حتى لو شاب العنوان تهويل أو كذب، فالأهم أن تزيد القراءات.
لغة "الترافيك" أصبحت هي السائدة، فلا أهمية للخبر إن لم يجلب القراءات المطلوبة، صحيح أن القراءات هي أهم عنصر للجريدة الإلكترونية لما يترتب عليها من جلب للإعلانات ومن ثم استمرار الجريدة في البقاء، إلا أن هذا الأمر يجب أن يدار بعناية دون أن تفقد الجريدة احترامها لقارئها ولعقله، ولمهمتها الصحافية بما يترتب عليها من التزامات أخلاقية.
أما إذا تجولت بين صفحات الجرائد على الإنترنت ستجد ضحالة لا مثيل لها من قبل ، في الأسلوب وفي اللغة وفي طريقة العرض، ستجد انحدارًا في المعنى وفي الهدف وفي الروح، ستجد انعدامًا لقيمة الإضافة إلى المحتوى الثقافي والصحفي، وما ستجده هو عنوان جذاب فقط، تقرأه ثم تذهب بعيدًا لِتُكمِل طريقك.
أدعوكم لأن تحترموا عقولكم ولا تكونوا مجرد أرقام لآخرين. أدعوكم ألا تضغطوا على رابط خبر بمواقع التواصل الاجتماعي يعاملكم كالكلاب اللاهثة، وأدعوكم أن تتعاملوا مع من يحترمكم كقراء، وليس كزبائن.
اقرأ/ي أيضًا: