10-مارس-2024
مقال لغة الجسد في اليدين ودلالاتها النفسية

لغة جسد اليدين تعكس أفكارًا ومشاعرَ غالبًا لا يُعبر عنها بالكلام

 

تشكل حركات الجسم ما يسمى عادة بالتواصل غير اللفظي، وتعتبر لغة جسد اليدين واحدة من أكثر الطرق تعبيرًا في التواصل غير المحكي. الأيدي، على وجه الخصوص، هي التي تخون أكثر من غيرها، يحرك الناس أيديهم بشكلٍ عفوي أثناء حديثهم، إيماءاتٌ صغيرة بالأيدي تكشف عنهم الكثير مما يرغبون أو لا يرغبون في قوله، إنها تعكس أفكارًا ومشاعرَ غالبًا لا يُعبر عنها بالكلام. إن حركات اليد التي يقوم بها الأشخاص أثناء التحدث ترتبط بشكل وثيق مع الحديث نفسه من حيث التوقيت والمعنى والوظيفة، لذا إن تجاهل المعلومات المنقولة من حركات اليد والإيماءات يعني تجاهل جزء من المحادثة، ورغم أهمية تلك الرسائل التي تُنقل عبر حركات اليد في توجيه المحادثة، إلا أنها لا تُشكل المحادثة بشكل كامل في حد ذاتها. أهم الدلالات النفسية للغة جسد اليدين: 

من الضروري مراعاة تلك الاختلافات الثقافية بالاضافة لمراعاة السياق التي تظهر فيه إيماءات لغة جسد اليدين.  

دلالات لغة جسد اليدين

تعتبر الإيماءات من أكثر إشارات لغة الجسد المباشرة والواضحة، ويمكن فهمها بسهولة لأنها شائعةٌ جدًا، مثل التلويح باليد أو استخدام الأصابع للإشارة إلى الأرقام، مع مراعاة أن بعض الإيماءات لها خلفياتٌ ثقافية، لذا فإن رفع الإبهام أو إشارة السلام في مكان ما قد يكون له معنى مختلف تمامًا في مكان آخر، بالاضافة إلى مراعاة السياق لتحديد المعنى المناسب. هنا بعض الأمثلة على إيماءات شائعة ومعانيها المحتملة:

  • المصافحة

 عادةً ما تتم المصافحة عند اللقاء بشخصٍ آخر وربما عند وداعه أيضًا، فهي تظهر احترامًا وودًا للآخرين، وتعبر المصافحة بقوةٍ وثبات عن الثقة والصدق، وتعزز العلاقات الاجتماعية والمهنية.

  • قبضة اليد المضمومة

 تشير إلى الغضب في بعض المواقف خاصةً إن كانت مصاحبةً لعلامات توترٍ أو قلق فقد يستخدمها البعض لتهدئة أنفسهم، أو ربما تأخذ معنى التضامن أو التعبير عن الاهتمام في بعض المواقف الأخرى.

  • إبهام اليد لأعلى أو لأسفل

من إيماءات لغة جسد اليدين التي تستخدم بكثرة، الإبهام باتجاه الأعلى يعني الموافقة والإيجابية في أغلب الثقافات، والعكس صحيح، إن كان الإبهام في اتجاه الأسفل فمن الممكن يعني الرفض والسلبية. 

  • اليدان خلف الرأس

 عادة ما تكون علامة على الثقة بالنفس والشعور بالسيطرة خاصةً إذا كان الشخص يشغل منصبًا قياديًا، ومع ذلك يمكن أن تكون علامة على الإرهاق أو الاسترخاء والراحة، ويمكن أن يستخدم بعض الأشخاص هذا الإيماء لمراجعة بعض الأفكار والتأمل.

التواصل بلغة جسد اليدين أو التواصل الجسدي بشكل عام يمكن أن يكون فعالًا في تحسين الصحة العامة للأشخاص.

  • قضم الأظافر

 يلجأ البعض لاستخدام هذه الطريقة لتهدئة أنفسهم عند شعورهم بالقلق أو التوتر، وقد يقوم البعض بقضم أظافرهم عند التركيز أو التفكير العميق دون وعي منهم، فتصبح هذه الطريقة سلوكًا متكررًا لتهدئة أنفسهم نتيجة القلق المستمر والضغط النفسي. 

  • اليدان خلف الظهر

 يمكن أن يدل وضع اليدين خلف الظهر على الثقة بالنفس والشعور بالقوة، وعندما يتمتع الشخص بموقف مريح فيدل هذا الإيماء على الراحة والاسترخاء، في المقابل يمكن أن تكون إشارة لإخفاء التوتر والانزعاج أو عدم الارتياح في سياقات أخرى.

  • فرك اليدين

تظهر عادة هذه الإيماءة عند التوتر أو عند الاستعداد للقيام بشيء ما، فيقوم بها الشخص حماسًا لموقفٍ هام، أو استعدادًا لمواجهة تحدٍ معين، وربما يكون فرك اليدين محاولة لتخفيف التوتر النفسي والعصبية أو عدم الراحة، حيث يقوم الشخص بفرك اليدين بشكل عنيفٍ متكرر. 

  • تكتيف اليدين على الصدر

 يعني أن الشخص منغلق وغير مهتم بما يدور حوله أو غير مستعد للتواصل فيقوم الشخص بوضع يديه على صدره لحماية نفسه وعدم الإفصاح عن مشاعره، وممكن أن تكون علامةً على الاسترخاء والتفكير بعمق، أو الشعور بالثقة والرضا.

 

لغة جسد اليدين في الحب

لغة الجسد في الحب
تنقل هذه اللمسات الدفء والحب دون الحاجة إلى الكلام، وتُشعر الآخر بالراحة والأمان وتعزز القرب والثق

يعبر الأشخاص عن عواطفهم للآخرين بطرقٍ مختلفة، كتقديم الهدايا وقضاء الوقت معهم وبالطبع بالكلام، حيث يعبرون عن مشاعرهم بشكلٍ مباشرٍ للآخرين. يعتبر اللمس باليدين من أكثر وأقوى الطرق تأثيرًا في التعبير عن الحب بلغة جسد اليدين. مثل العناق الذي يعطي شعورًا بالأمان والحماية، والتربيت على الكتف الذي يدل على الدعم والتشجيع، وإمساك اليد يعني الترابط والتواصل، ولمس الذراع أو الساق يعني الاهتمام والعاطفة، ووضع اليد على الظهر تعني أن الشخص موجود من أجل الآخر ويدعمه. 

تنقل هذه اللمسات الدفء والحب دون الحاجة إلى الكلام، وتُشعر الآخر بالراحة والأمان وتعزز القرب والثقة وهذا ضروري لزيادة مشاعر الحب والترابط. علاوة على ذلك إن التفاعل العاطفي بواسطة اللمس يلعب دورًا هامًا في الصحة النفسية، فهو يخفف من الألم العاطفي، ويحفز مناطق محددة في الدماغ مرتبطة بالمشاعر والتعلم وهذا بطبيعة الحال يحسن المزاج ويخفف من الألم والضغط والتوتر، وتتسع فوائد اللمس العاطفي لتشمل الصحة الجسدية أيضًا، حيث إن التلامس مسكن للآلام، فالعلاج بالتدليك يمكن أن يكون مفيدًا في تهدئة آلام الظهر والصداع، ولا حاجة إلى الذهاب لمراكز التدليك، مجرد إمساك الأيدي يمكن أن يخفف الآلام الطفيفة. أما المدهش حقًا أن العناق يقلل من حدة أمراض الجهاز التنفسي ويمنح حماية ضد آثار الضغوطات السلبية، وهذا يعني أن التواصل بلغة جسد اليدين أو التواصل الجسدي بشكل عام يمكن أن يكون فعالًا في تحسين الصحة العامة للأشخاص.

لغة جسد اليدين التي يستخدمها الآباء تشكل دورًا مهمًا في مسار تعلم اللغة لدى أطفالهم

لغة جسد اليدين في التعليم

إن حركات اليدين تساعد في تسريع عملية التعلم، فقد أظهرت دراسة أن الإيماءات التي يقوم بها الأطفال بشكل عفوي عند شرح مهمة ما، تتنبأ بقدرتهم على تعلم تلك المهمة لاحقًا، وتبين أن الايماءة قد تعكس استعداد الطفل لتعلم مهمة معينة وربما أنها بحد ذاتها لها دور فعال في تعلم المهمة. في نفس الدراسة طلب الباحثون من الأطفال القيام بالإيماءات أثناء تعلم مفهوم جديد، ووجد أن ذلك يساعدهم بالاحتفاظ بالمعرفة بشكل أفضل مقارنة بالاحتفاظ بالمعرفة عند مطالبتهم بالتحدث، حيث لم يكن للتحدث أي تأثيرٍ على حفظ المعرفة. تشير هذه النتائج أنه من الممكن تحسين تعلم الأطفال بمجرد تشجيعهم على تحريك أيديهم. بالإضافة إلى ذلك أظهرت دراسة أخرى أن لغة جسد اليدين التي يستخدمها الآباء تشكل دورًا مهمًا في مسار تعلم اللغة لدى أطفالهم، حيث أن الآباء يقدمون نماذج لأنواع من الإيماءات، عن طريق مجموعات من الإيماءات والكلمات التي يجب أن ينتجها الأطفال، ويفعلون ذلك عن طريق تعديل إيماءاتهم لتلبية الاحتياجات التواصلية لأطفالهم، مما يساعد الأطفال على تعلم المسميات والعلاقات الدلالية بينها. ليس الأطفال فقط، يستطيع البالغون عادة تعلم الكلمات من اللغات الأجنبية عن طريق الإيماءات أيضًا. بشكل عام لغة جسد اليدين تلعب دورًا هامًا في دعم عمليات التعلم بمختلف الأعمار والمهام، لكن لا يزال هناك حاجة لفهم كيفية عمل الإيماءات وتأثيرها على التعلم بشكل أكبر.

غالبًا ما يتحدث الجميع بأيديهم، قد تطابق لغة جسد اليدين مع الكلام بشكل جيد لدى البعض، بينما يبالغ آخرون في استخدام تلك الإيماءات مما يشتت الانتباه، ومن الممكن أن هناك أشخاصًا آخرين لا يستخدمون الإيماءات كثيرًا بشكل عام. بغض النظر عن الفئة التي ينتمي إليها الشخص، من الضروري الانتباه لحركات اليدين أثناء التواصل مع الآخرين. فبالتأكيد تحمل الإيماءات معانيَ ثقافية، فالعديد من إيماءات لغة جسد اليدين  ليست عالمية ومن الممكن أن تفسر بشكلٍ خاطئ، لذا من الضروري مراعاة تلك الاختلافات الثقافية بالاضافة لمراعاة السياق التي تظهر فيه إيماءات لغة جسد اليدين.