لم يعد خافيًا على أي أحد في مختلف بقاع هذا الوطن الحالة البائسة التي وصل إليها الإعلام المصري، والغريب أن هذا الإعلام لم يعد يبالي بصورة نفسه، وبفقدانه المصداقية، بل يظل ماضيًا في مسيرة التلفيق والتزوير التي باتت علامة مصرية بامتياز.
يحار المرء في فهم الشخصية التي يحاول أن يبدو عليها السيسي، فكل مرة يظهر فيها يقترف فعلًا مضحكًا يجعله مادة دسمة للمواقع الاجتماعية
أعادتنا فضيحة مراسلة "اليوم السابع" شيماء عبد المنعم في الأوسكار إلى فظاعة اللامهنية واللامسؤولية التي تطغى على مختلف قطاعات الإعلام والصحافة في مصر، والتي تصل إلى حدود غير مسبوقة في التقلبات في الطروحات والرأي بما يتوافق مع توجهات النظام العسكري الموجود. هنا وقفة مع بعض الفضائح التي شهدها الإعلام المصري مؤخرًا.
اقرأ/ي أيضًا: "اليوم السابع"..غباء اللقاء الأول مع الأوسكار
المراسلة المصرية.. سيلفي في هوليود
الهجوم الذي نالته مراسلة "اليوم السابع" لم يقتصر على نشطاء شبكات الفيسبوك العربية، بل امتد ليتفاعل معه بقوة نشطاء الفيسبوك في الغرب، لا سيما في أمريكا، حيث كُتبت عشرات المشاركات الساخرة التي تحط من شأن هذا السلوك اللامسؤول، حيث رأى البعض أن هذه الصحفية كان بإمكانها أن تتدرب على الجملة التي قالتها لليوناردو ديكابريو من خلال "ترجمة غوغل"، ثم يمكنها أن تطرح سؤالها الساذج ولكن بشكل صحيح قواعديًا. وهناك من سأل: "من هو الملعون الذي أرسل هذه المرأة إلى الأوسكار لكي تطرح أسئلة غير معقولة؟".
لم تكتفِ عبد المنعم بما ارتكبته داخل قاعة المؤتمر الصحفي، بل قامت بنشر ما اقترفته بوصفه سبقًا صحفيًا، فعنونت صحيفة "اليوم السابع" خبرها بـ"انفراد" وكتبت: "ليوناردو دى كابريو: فخور بحصولي على أول أوسكار بحياتي". وكانت الصحيفة قد نشرت قبل ذلك ألبومًا كاملًا لنفسها، ضم حوالي 43 صورة سيلفي، تظهر فيه في مشاهد عادية من المدينة ومتحف الشمع، والغريب هو اعتبار هذا الألبوم الشخصي تغطية خاصة من وراء البحار، رغم أن هذه الصور بالكاد تصلح للنشر على صفحة شخصية في إنستغرام.
وكما جرت العادة عند كل حادثة يتعرّض لها مصري يمثّل السلطة هبت قوى لتتضامن مع الفتاة المسكينة التي تم التنيكل بها، فأكد محمد شبانة، عضو مجلس نقابة الصحفيين، أنه سيرسل وردًا كتحية منه على تغطيتها للأوسكار، واللافت هو التقاء رأيي رئيس تحرير الصحيفة خالد صلاح ورجل الأعمال علاء الكحكي، مالك قنوات النهار، في الشد على يدها والتأكيد أنهما ينتظرانها في "أوسكار 2017"، كما لو أنها إحدى نجمات هوليوود!
اقرأ/ي أيضًا: اسم الله عليكي يا مصر
توفيق عكاشة.. صورة لمصر السلطوية
فضائح الإعلامي توفيق عكاشة لا تعد ولا تحصى، ويكاد المتابع يوقن أن عكاشة يشتغل على إثارة كل هذه الحماقات بشكل مقصود ليكون تحت الأضواء. والتي كان آخرها ضرب النائب كمال أحمد لمالك قناة "الفراعين" المصرية بالحذاء، بعد وصوله للبرلمان المصري محمولًا على أكتاف ما وصفهم بمناصريه، الذين يدافعون عن استقباله للسفير الإسرائيلي في منزله.
وكان عكاشة عقب لقائه مع السفير الإسرائيلي، قد أطلق مجموعة من التصريحات العجائبية تخص علاقات السيسي بإسرائيل، ما أثر على "مسيرته البرلمانية"، ودفع البرلمان المصري إلى إحالته للتحقيق، في مسرحية سياسية هزلية جديدة تضاف إلى سجل المسرحيات البرلمانية السابقة في مصر.
ريهام سعيد.. الانحطاط الصحفي والإعلامي
يبدو أن الشهرة المجانية التي حاولت الإعلامية ريهام سعيد نيلها، انقلبت على حياتها كإعلامية، بعد حادثة "فتاة المول" الشهيرة، وصدور الحكم عليها بالسجن 18 شهرًا وغرامة بقيمة 10,000 جنيه مصري.
الحكم الصادر يعيدنا إلى مراحل صعود سعيد كواجهة للإعلام المصري، عندما ظهرت عبر برنامجها "صباح الخير" على قناة "النهار" المصرية، في أحد مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، وهي تصورهم في صورة غير إنسانية. لتأتي بعدها حادثة "فتاة المول" التي مثلت ضربة قاضية لحياة سعيد غير المهنية، عندما لجأت إحدى الفتيات إلى برنامجها لطرح مشكلة تعرضها للتحرش في أحد مراكز التسوق.
أظهرت سعيد في تعاطيها مع الحادثة عدم اكتراثها بالمعايير المهنية للإعلام، فهي بدلًا من أن تسلط الضوء على قضية جوهرية تلامس المرأة، وأن تظهر بموقف المدافع عن حقوقها، قامت باستغلالها عكسيًا ونشرت صورًا لها، حصلت عليها بطرقٍ غير شرعية، ما يثير التعجب في طريقة تناول سعيد للحادثة، وتشهيرها بالحياة الشخصية للفتاة، والتي تعتبر من أهم القضايا الاجتماعية التي يجب تناولها لا في المجتمع المصري فقط، بل في كافة المجتمعات العربية.
السيسي ليس للبيع
يحار المرء في فهم الشخصية التي يحاول أن يبدو عليها عبد الفتاح السيسي، فهو في كل مرة يظهر فيها على الإعلام يقترفُ فعلًا مضحكًا يجعله مادة دسمة لنشطاء المواقع الاجتماعية.
أعادنا الفيديو الأخير الذي عرض فيه السيسي نفسه للبيع، إلى عدة حوادث مصطنعة قام بها الجنرال، كان أهمها اصطحابه لجوقة من الممثلين والإعلاميين في زيارته لبرلين، في إيحاء إلى شعبيته المتصاعدة داخل وخارج مصر، وتصوير نفسه على أنه المنقذ الأسطوري للدولة المصرية من براثن الظلاميين.
لكن الصحافة الألمانية كان لها رأي مختلف، عندما أجمعت على أن من رافق السيسي في زيارته، ليسوا إلا مجموعة من "المصفقين المأجورين"، وهي صفة يجتمع على تصديرها كافة الرؤساء العرب، غير أن السيسي في تصريحاته وأفعاله، يظهر مدى تماهيه مع أنه المنقذ الحقيقي لمصر، فهو وإن أخفق في تصدير نفسه كرئيس لمصر، نراه ينجح في تجسيد صورة "الرئيس الغلبان" الذي وصل للحكم بطريقة ديمقراطية.
اقرأ/ي أيضًا: