لم يظهر على الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، في كلمته الأخيرة أنه قابل للاعتراف بالهزيمة التي مني عناصره بها خلال الأيام العشرة الأخيرة في ريف حلب الجنوبي، فتحالف "جيش الفتح" المشكل من عدة فصائل إسلامية، استطاع أن يربك الحزب وحلفاءه، قبل أن يسيطر على عدة مناطق استراتيجية في المنطقة التي كان يتحصن فيها الحزب، مرفقًا ذلك بخسائر بشرية فادحة في أوساط كوادر الحزب والمليشيات الرديفة.
النقطة الأهم في تواجد حزب الله في ريف حلب، هي محاربة فرص إنشاء أي من المناطق الآمنة، التي تحاول تركيا جاهدة إنشاءها بتوافق دولي
كلام نصر الله الأخير، عن أهمية معركة حلب، جاء بعد ما تناقلته الصحف عن مصادر من الحزب، وما تعرض له من خسائر بشرية كبيرة، قبل أن ينفيها أمينه العام، معترفًا بمقتل 26 عنصرًا، وأسير واحد، ومثله مفقود، مؤكدًا في ذات الوقت على أنهم ما زالوا يتواجدون في ريف حلب.
اقرأ/ي أيضًا: دبلوماسيون أمريكيون يطرحون رؤية أخرى للحرب السورية
ولعل الجميع لاحظ في كلمة نصر الله، تأكيده على أهمية حلب، أكثر من غيرها، كونها تعتبر حتى اللحظة، ورغم ما أصابها من دمار هائل، العاصمة الاقتصادية لسوريا، وبالتالي استعادة السيطرة عليها، أو على بلدات وقرى في أريافها، يعني محاصرة المدينة، وتطبيق التجربة الحمصية، إلا أن أكثر ما يعيق هذا الحصار، هو قربها من الحدود التركية، وهو ما لن يرضى عنه الحليف التركي للمعارضة.
طبعًا، الخريطة الميدانية للفصائل العسكرية، في ريف حلب معقدة، إذ يتواجد في الريف تنظيم "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة"، والفصائل الإسلامية، والفصائل المندرجة تحت لواء "الجيش السوري الحر"، و"قوات سوريا الديمقراطية"، والجيش السوري التابع للنظام، والميليشيات الإيرانية والعراقية والأفغانية والباكستانية، و"حزب الله" اللبناني، ناهيك عن التدخل الروسي جوًا، والذي بدأ القنابل الفسفورية منذ أيام.
ويرتبط إصرار نصر الله على التواجد في ريف حلب، بما تحرزه قوات سوريا الديمقراطية في ريفها الشرقي، وتحديدًا ريف ومدينة منبج، مدعومًة بطيران التحالف الدولي، تصريحات الحليف الذي يضم أكرادًا وعربًا، لا تدل على أنه سوف يحارب قوات النظام وحلفاءه، ما يعني أن تواجده سيشكل عامل داعم آخر لعناصر حزب الله في الريف.
لكن ما يثير الانتباه هو امتناع الطيران الروسي عن تقديم الغطاء الجوي لعناصر الحزب في معركة حلب الأخيرة، وهو ما ينبئ بوجد خلاف إيراني-روسي، متعلق بطاولة المفاوضات، والبنود التي يجب عدم التنازل عنها، وإذا كانت إيران متشبثة ببقاء الأسد رئيسًا، فإن الروس بين الحين والآخر يلمحون لإمكانية التفاوض على مصيره.
ولعل النقطة الأهم في تواجد حزب الله في ريف حلب، علاوةً على الظهور الفعلي للميليشيات الإيرانية والعراقية وغيرها، هو محاربة فرص إنشاء أي من المناطق الآمنة، التي تحاول تركيا جاهدة إنشاءها بتوافق دولي، لأن النظام وحلفاءه لن يقبلوا بأي من هذه المناطق، وهو أكثر ما يثير قلق أنقرة.
ويعرف نصر الله جيدًا، أن المنطقة الآمنة، تعني قرب نهاية النظام السوري، مثلما يعرف أن الفشل في معركة حلب يعني الرضوخ للمطالب الروسية على طاولة المفاوضات، ومن هنا يعي تمامًا الرجل الأول في الحزب، أهمية التواجد في ريف حلب.
اقرأ/ي أيضًا: ماهي تأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟
قبل أن يطل نصر الله بيوم واحد على شاشة "المنار"، قام بزيارة خاطفة إلى سوريا، لزيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد، الأخير بدوره كان طار قبل أيام إلى قاعدة "حميميم" الجوية، للقاء وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وخلال هذه الفترة، كانت مجموعات الحزب تنهار في ريف حلب الجنوبي.
والواضح من الزيارة، أن شمال سوريا بشكل عام، وليس ريف حلب فقط، كان محط نقاش الجميع، ما يعني أن مناطق الشمال ستشهد خلال الأيام القادمة تطورات عسكرية جديدة، لا أحد يعرف متى تنتهي معركة منبج، إلا أن المؤكد أن ريف حلب سيشهد معارك قاسية، بما أن مباحثات السلام السورية، على الأغلب ستنتظر حتى الشهر المقبل.
اقرأ/ي أيضًا: