08-مايو-2024
يزعج صوت ريما حسن الأوساط الداعية لإسرائيل (LE MAGAZINE DU MONDE)

(لوموند) يزعج صوت ريما حسن الأوساط الداعمة لإسرائيل في فرنسا

برز اسم ريما حسن، المحامية الفرنسية من أصل فلسطيني والمرشحة عن حزب "فرنسا الأبية" اليساري للانتخابات الأوروبية القادمة، في وسائل الإعلام الفرنسية ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وفي عدد من دول العالم مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، لأنها أخذت على عاتقها التحدث عن المأساة الإنسانية التي يشهدها القطاع، ما وضعها في مواجهة حملة شعواء قادها ضدها اللوبي الصهيوني في فرنسا.

 ولدت ريما حسن في مخيم النيرب للاجئين في سوريا، وحين بلغت سن العاشرة من عمرها غادرت نحو الأردن، ومن ثم انتقلت مع والدتها إلى فرنسا، حيث عاشت وحصلت على الجنسية الفرنسية بعد بلوغها سن الرشد.

أخذت ريما حسن على عاتقها التحدث عن المأساة الإنسانية الذي يشهدها القطاع، ما وضعها في مواجهة حملة شعواء قادها ضدها اللوبي الصهيوني في فرنسا

تمكنت من الحصول على شهادة في القانون الدولي، خولتها للعمل في المحكمة الوطنية لحق اللجوء.

بالموازاة مع ذلك أسّست ريما حسن عام 2019 المرصد الفلسطيني لشؤون اللاجئين، وهي منظمة غير حكومية تعني بقضايا اللاجئين، ثم مجموعة "العمل فلسطين ـ فرنسا" عام 2023.

تقلدت منصب عضوة خبيرة في المجلس العالمي للتنوع والشمولية التابع لشركة لوريال الفرنسية، لكنها فسخت العقد معهم بعد هجوم 7 تشرين الثاني/أكتوبر، خوفًا من أن يؤدي هذا المنصب إلى تقييد حريتها في التعبير عن آرائها في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

ولذات السبب رفضت حسن عرضًا وظيفيًا من منظمة العفو الدولية كمسؤولة مناصرة لقضايا الهجرة، بالإضافة إلى عدم تجديد عقدها مع المحكمة الوطنية لحق اللجوء التي عملت بها خلال السنوات الستة الماضية.

اختارتها مجلة "فوربس " الاقتصادية الأميركية كإحدى أبرز الشخصيات النسائية المؤثرة في فرنسا لعام 2023، بناءً على المسار الاستثنائي الذي قطعته منذ خروجها من المخيم، وكتبت المجلة الأميركية عنها: "هي التي اختارت أن تكون مهمّتها في الحياة التحقيق والتوعية بأحوال مخيمات المنفيين حول العالم".

هذا التصنيف لم يرق داعمي اللوبي الصهيوني في فرنسا، خاصة في وسائل الاعلام الفرنسية. فقد قام آرتور، وهو أحد مقدّمي البرامج المعروفين في الأوساط الفرنسية المُحافِظة، بالتهجّم على ريما حسن، موجهًا لها اتهامات بـ"معاداة السامية".

وكتب الإعلامي الفرنسي على حسابه في إنستغرام الذي يتابعه أكثر من 3 ملايين شخص: "إذا أردتم الظهور في تصنيف العام المقبل من مجلة فوربس بفرنسا، فأسهل طريق إلى ذلك هو أن تقوموا بالدفاع عن حماس، وأن تكونوا من معادي السامية المخضرمين".

لتندلع موجهة واسعة من حملة للكراهية والتشهير والتنمر والتهديدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد الحقوقية الفلسطينية، وتلقت رسائل تضمنت عبارات تهديد بالاغتصاب والقتل، مثل: "سوف نقبض عليك أيتها الوقحة، انظري جيدًا وراءك عندما تسيرين، سوف نغتصبك ونحرقك حية". وهو ما دفع بالمجلة الأميركية لإلغاء حفل تكريم، مبررة سبب الإلغاء غياب الشروط اللازمة لضمان حسن سير الأمسية، وسلامة الضيوف.

وعلقت صحيفة "لوموند" الفرنسية على إلغاء حفل التكريم بالقول: "لقد نجحت حرب العصابات الإلكترونية الداعمة لإسرائيل في فرنسا في الوصول إلى مبتغاها".

وفي معرض تعليقها على إلغاء الحفل، كتبت حسن في حسابها على منصة إكس: "أعلن لكم بغضب وحزن أن حفل توزيع جوائز فوربس الذي كان يهدف إلى مكافأة 40 امرأة فرنسية لهذا العام على التزامهن ورحلتن ومسيرتهن المهنية، قد ألغي بسبب الضغط والترهيب في الأيام الأخيرة"، ملمحة إلى أن الاختيار أثار غضب عدة منظمات وشخصيات يهودية اتهمتها بمعاداة السامية.

وتضامنت شخصيات فرنسية عدة مع حسن، في بيان وُقع من قبل 500 شخصية، من بينها شخصيات سياسية وأعضاء برلمان وممثلو أحزاب، مثل مارين توندولييه، الأمينة العامّة لحزب الخضر الفرنسي، ومانون أوبري، العضوة في البرلمان الأوروبي..

وأثارت ريما حسن ضجة كبيرة في فرنسا في معرض دفاعها عن القضية الفلسطينية وإدانتها للعدوان الإسرائيلي على غزة خلال لقاءاتها الصحفية. ففي مقابلة على قناة "فرانس 2" العامة الفرنسية، شدّدت حسن على أن ما يحدث في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي هو "إبادة جماعية"، وأن القانون الدولي بوصلتها.

وردًا على تحذير محاوريْها لها من استخدام مصطلح "إبادة جماعية"، تمسّكت ريما حسن بموقفها، قائلةً: "هناك إبادة جماعية مستمرة في غزة. الأدلة تتراكم. هذا المصطلح مهم للغاية. لا يمكنكم فرض قمعي بخصوص هذا المصطلح… هذا هو كلام محكمة العدل الدولية والقانون الدولي".

وأكدت حسن: "لدينا جميعًا دورًا جماعيًا في منع هذه الإبادة الجماعية، والوقاية تتطلب إدانة جميع أعمال الإبادة الجماعية. والاعتراض على هذا المصطلح دون حجج هو إنكار للجرائم الجارية في قطاع غزة".

وبسبب تصريحاتها المؤيدة للقضية الفلسطينية، قامت الشرطة الفرنسية باستدعاء الحقوقية الفلسطينية في عدة مناسبات، آخرها الأسبوع الماضي، بعد شكاوى من منظمات داعمة لإسرائيل في فرنسا، تتهمها بـ"تمجيد الإرهاب"، على خلفية تغريدات منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي ولقاءات تلفزيونية استعملت فيها تعبير الإبادة الجماعية بخصوص ما يحدُث في غزة. أو لأنها لم تعتبر ما حدث في 7 تشرين الأول/أكتوبر "عملية إرهابية"، ووضعت "تصعيد سياسات الاحتلال الإسرائيل" ضد الفلسطينيين من بين أسباب الحرب.

وعلقت على هذه التضييق الذي تتعرض له والتهديدات التي لاحقتها قائلةً: "لقد كنت بالفعل هدفًا للتهديدات بالقتل والاغتصاب وانتشر رقمي الخاص وعنوان منزلي على قنوات تلغرام. وهذا الواقع تفاقم أكثر منذ انخراطي في السياسة لأن الرمز الفلسطيني أصبح أقوى وأكثر وضوحًا".

وأضافت: "في مجالَي السياسة والإعلام، تعرضت لافتراءات وأكاذيب كثيرة بسبب القضية الفلسطينية التي أحملها معي في كل مكان. وكمحامية متخصصة في القانون الدولي، أعتبر هذه القضية عالمية وجزءًا من المطالب المتعلقة بمسألة حقوق الإنسان".

قالت صحيفة "لوموند" عن حسن إنها من سلط الضوء على غضب الفلسطينيين، وكتبت: "في مواجهة أكاديميين معترف بهم، يبلغ عمرهم أحيانًا ضعف عمرها، لوحت الشابة بكلمات نادرًا ما تُسمع على أجهزة التلفزيون، لا سيما كلمة تمييز عنصري، وهو المصطلح الذي تستخدمه المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان لوصف نظام القمع الذي يتعرض له الفلسطينيون. يجب أن نتوقف عن الكذب على أنفسنا، لن تكون هناك دولة فلسطينية، وأصرت بدلًا من ذلك، على إنشاء دولة ثنائية القومية".

وأضافت: "بشعرها الأسود الطويل وقوتها الهادئة، سلطت ريما حسن الضوء على غضب الفلسطينيين، وعدم ثقتهم المتزايد في حل الدولتين، ورفضهم لدلالات أوسلو، وعملية السلام الفاشلة هذه، التي كان في نظرهم ستارا لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي. وفي ظهورين إعلاميين، تمت ترقية رئيسة مرصد مخيم اللاجئين، وهي منظمة غير حكومية أسستها، في الأوساط المؤيدة للفلسطينيين إلى رتبة "ليلى شهيد الجديدة"، المندوب العام السابق لفلسطين في فرنسا، وهي متحدثة صادمة، ولها شعبية طويلة في وسائل الإعلام الباريسية".

تقول ريما حسن عن نفسها: "كونك لاجئًا هذا يعطيك الفخر، ولكنه يخنقك أيضًا. لقد تم تحديد خيارات حياتي بشكل مبالغ فيه من خلال هذه الهوية. لم أعد أحسب عدد الأمسيات مع الأصدقاء حيث لم أتمكن من الاستمتاع، فقد كانت الأخبار تأخذ مجمل تفكيري".