بعد ظهوره في إحدى المؤتمرات التي تدعو للمطالبة بإلغاء المادة القانونية 522 التي تسقط العقوبات عن المغتصب في حال زواجه بضحيته في لبنان. لم يخطر ببال النائب ورئيس كتلة الكتائب النيابية في لبنان "إيلي ماروني" أن عليه أن يُمرر تلك الساعتين المكرستين ببعض الأكاذيب الاعتيادية. فقام هذا الأخير بتجسيد كل ما علينا مُحاربته من جهلٍ اجتماعي وعربي وديني في عملية تلطيف موضوع "الاغتصاب". الموضوع الذي من المستحيل تلطيفه. أحيانًا يُمكننا تلطيف الموت المفاجئ، لكن الاغتصاب سيكون في محور الجريمة الأقوى.
الاغتصاب ومُفتعله ومُشجعه والمُدافع عن من يقوم بهذا العمل هم بالفعل مرضى نفسيًا وعليهم أن يتعالجوا بأسرع وقت. ولكن في حالة النائب إيلي ماروني فنسأل أنفسنا أسئلةً أعمق
"في بعض الأماكن وبعض المطارح علينا أن نسأل: ما هو دور المرأة في قيادة الرجل إلى اغتصابها؟" هذا ما قاله النائب إيلي ماروني في هذا المؤتمر. جدياً الأن، عزيزي القارئ أتجد أي من المقومات النيابية لائقةً بنائبٍ يتفوه بتلك الجملة؟ أيُعقل أن نُبسط الأمور لمرحلةٍ أن عدوّنا، سارقنا وناهبنا المسؤول السياسي اللبناني المنتمي للحزب العائلي الذي ورَّث النظام المتعفن الذي يحكمنا بالغصب، ينطق بتلك الجملة التي هي بالفعل عبارة عن إنذار جدي بأن الطبقة الحاكمة بدأت تتلاشى.
اقرأ/ي أيضًا: يهوديات ومسلمات يرتدين البوركيني
الأمر معيب طبعًا، أن يكون هذا الشخص الحامل لمسؤولية النساء والرجال في هذه الدولة يحمل أيضًا كمًّا من النفاق والذكورية التي تُرشده ليكون في موقع المُغتَصِب بدون حادثة الاغتصاب بالضرورة. الاغتصاب ومُفتعله ومُشجعه والمُدافع عن من يقوم بهذا العمل هم بالفعل مرضى نفسيًا وعليهم أن يعالجوا بأسرع وقت. ولكن في حالة النائب إيلي ماروني فنسأل أنفسنا أسئلةً أعمق. ماذا لو قام أحد باغتصاب إحدى قريباتك التي كانت تتمشى في منتصف الليل في حديقة المنزل أو في الشوارع التي من المفترض أن تكون آمنة بوجود نائبٍ مثلك. لكن بالفعل تتبيَّن الذكورية العمياء حين أعود كل مرّة إلى الفيديو الذي يبرر فيه النائب ماروني عمل الاغتصاب ويلوم النساء بأنهن يُشاركن في جرِّ الرجال لاغتصابهن.
اصمت واترك نفسك جاهلًا بلا مسرحيةٍ ستزعجك بالفعل. وكما قالت إحدى المشاركات في المؤتمر، إنه لا يُشرفني أن يكون شخصٌ مثلك حاملًا لتلك المواقف البشعة والسخيفة والمجرمة هو الشخص نفسه الذي انتُخِب ليكون صوتنا في الوطن. لا شك أن من يراك ببنيتك الجسدية وصوتك الضخم يُفكر ولو لمرة واحدة بأن هذا الشخص هو القوي الذي سيُدافع عن حياة النساء بشهامة وحسب اعتبارات المجتمعات الذكورية التي "تُدافع" بأسخف الطرق عن المرأة، أي بمنعها من كل شيء وإبقائها في المنزل تحت سلطة النظام الديمقراطي البرلماني الذي هو نفسه لم يقبل أن تُعطي المرأة الجنسية لأبنائها إن كانت غير متزوجة من لبناني.
ما السبب؟ نعود دائمًا إلى الخوف المسيحي في لبنان، الذي ذكره ماروني أيضًا في المؤتمر، بتجنيس السوريين والفلسطينيين بحال زواجهم من لبنانيات. ولكن أبحاث النائب توقفت هنا، لم يختر أن يقرأ ويبحث في أرقام آلاف اللبنانيين الذين يبحثون يوميًا عن أي امرأة أوروبية أو أمريكية لتُشاركهم زواج السفر.
اصمت يا إيلي ولا ترد ولا تبرر، لا أحد يبتغي الشهرة وبالطبع لن تكون المرأة التي عارضتك في المؤتمر، فهي، ككل نساء لبنان اللواتي يمشين في شوارع الدولة خائفات وحذرات من أي ذكرٍ مريضٍ تُدافع عنه. اصمت يا ايلي ماروني، فلم يعد من متسع للرجعية في هذا الوطن الذي يقلب أيامه إلى الوراء يومًا بعد يوم.
اقرأ/ي أيضًا: