لنعيد ترتيب بنود القرار الدولي الصادر مؤخرًا عن مجلس الأمن بخصوص "محادثات السلام في سوريا"، هذا القرار الذي يصب جل اهتمامه على خطوات بناءة وفعالة لإعادة "الثقة بين الأطراف المتقاتلة"، بمعنى أنه وبدون تحقيق هذا الهدف، سيكون مصير القرار الدولي حاوية القمامة.
طلب مجلس الأمن من الفرقاء المتقاتلين في سوريا، البدء في مفاوضات رسمية بشأن عملية انتقال سياسي
هذا القرار يركز على تحديد "مواعيد زمنية" محددة كخطوة لإظهار جدية المجتمع الدولي في رعاية "محادثات السلام"، وذلك بعد أن "يطلب إلى الأمين العام أن يقدم إلى مجلس الأمن تقريرًا عن الخيارات المتاحة بشأن إنشاء آلية تحظى بدعم المجلس، في موعد لا يتجاوز شهرًا من تاريخ اتخاذ هذا القرار"، أي قبل الثامن عشر من كانون الثاني/يناير القادم، وقبل هذا التاريخ أيضًا على الأمين العام تقديم تقرير إلى المجلس، عن الخيارات المتاحة للقيام بالمزيد من تدابير بناء الثقة.
إذن، أمامنا شهر من الآن لتحديد آلية "تطبيق هذا القرار"، يدعمها مجلس الأمن، وتقديم خيارات الأمم المتحدة لـ"تدابير بناء الثقة". لكن الغريب وقبل أن تتحقق هاتين الخطوتين، طلب مجلس الأمن من الفرقاء المتقاتلين في سوريا، البدء وعلى "وجه السرعة في مفاوضات رسمية بشأن عملية انتقال سياسي، مستهدفًا أوائل كانون الثاني/يناير 2016 كموعد"، وبحسن نية سنقول إن الأمين العام للأمم المتحدة تمكن قبل موعد انطلاق المفاوضات من إنجاز الآليتين السابقتين "آلية تطبيق القرار" و"تدابير بناء الثقة"، ومن ضمنها "تحديد طرائق وشروط وقف إطلاق النار، ومواصلة التخطيط لدعم تنفيذ وقف إطلاق النار".
لماذا؟ لأن كل ما سبق، وحسب نص القرار ذاته، سـ"يدخل حيز النفاذ بمجرد أن يخطو ممثلو الحكومة السورية والمعارضة الخطوات الأولى نحو انتقال سياسي برعاية الأمم المتحدة، استنادًا إلى بيان جنيف"، الذي حدده القرار بـ"مطلع كانون الثاني/ يناير" القادم.
لن نخوض في هاتين الآليتين للتشكيك بهما، إذ يكفي النظر إلى عمق المأساة السورية على مدى خمس سنوات، لندرك أن سبب المجزرة التي ترتكب بحق الشعب السوري وتشريده وتدمير مدنه، هو "عدم الرغبة الدولية لأطراف الصراع الدوليين" في فرضهما.
ولكن سنحسن النية بهذا المجتمع الدولي هذه المرة، لأنه اتفاق ترعاه روسيا وأمريكا، حجري الرحى التي تطحن سوريا وشعبها بينهما. سنحسن النية لنرى هل هما صادقين، أم أنهما يعطيان الأطراف المتقاتلة فرصة لتجميع قواتهم وحقنهم بإبر الشجاعة، ليواصلا طحن بعضهما في المستقبل القريب، سنحسن النية في اعتبار أن هذا القرار ليس قرارًا لزيادة الغموض عن "الحرب العالمية الثالثة المندلعة في سوريا، التي تغذيها دماء الشعب السوري المنقسم بين معسكرين رئيسين تقود كل منهما روسيا وأمريكا، ومعسكرات تقودها دول في المنطقة تعمل إمرة هاتين الدولتين".
المهم أيضًا في القرار أن المعارضة والنظام في سوريا أمامهما ستة أشهر" ليقيما "حكمًا ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية"، وبعد مضي هذه الأشهر الستة، ستنطلق الخطوة الثانية وبجدول زمني أيضًا "لصياغة دستور جديد" وبعد صياغته "يعرب مجلس الأمن الدولي عن دعمه لانتخابات حرة ونزيهة تجري عملًا بالدستور الجديد، في غضون ثمانية عشر شهرًا تحت إشراف الأمم المتحدة"، أي أن هذا الكابوس بين النظام والمعارضة سينتهي مطلع كانون الثاني/ يناير العام 2018.
اقرأ/ي أيضًا: