21-أغسطس-2024
قيادات عسكرية وسياسية إسرائيلية

نتنياهو وقادة الجيش الإسرائيلي (رويترز)

نشرت القناة الـ12 الإسرائيلية نتائج تحقيق استخباريٍ إسرائيلي جديد حول هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 الذي شنته كتائب القسام على مستوطنات غلاف قطاع غزة. ويكشف التحقيق الجديد أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي صنّف قطاع غزة، من حيث مستوى التهديد، كجبهةٍ ثانوية مقارنةً بلبنان قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وبناءً على هذا التصنيف تراجعَ اهتمام الاستخبارات الإسرائيلية بمتابعة أنشطة حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وتُنشَر هذه النتائج بالتزامن مع اقتراب موعد تسلّم رئيس هيئة الأركان، هرتسي هاليفي، لتقرير تحقيق الجيش الإسرائيلي حول تقييم الاستخبارات والإخفاقات عشية هجوم "طوفان الأقصى".

ولفتت القناة الـ12 الإسرائيلية، الانتباه إلى أنه "نظرًا لعدم وجود لجان تحقيقٍ خارجية، يُجري الجيش تحقيقاته مع نفسه"، مشيرة إلى أن التحقيقات التي شُرع فيها "لن تُنشر على الفور، بل سيتم إضافتها إلى قائمة التحقيقات التي تعهد بتقديمها فيما يتعلق بأحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وما سبقها" وذلك في إشارةٍ من القناة الإسرائيلية إلى "تدني" مستوى الموضوعية والشفافية والحياد في إجراء التحقيقات حول الحدث الصادم وغير المسبوق في تاريخ دولة الاحتلال، والمسؤول حسب دوائر أمنية وعسكرية عن انهيار الردع.

كشفت نتائج التحقيق الجديد أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي صنّف قطاع غزة، من حيث مستوى التهديد، كجبهةٍ ثانوية مقارنةً بلبنان قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي

يشار إلى أنه وحتى اللحظة سُمح فقط بنشر التحقيقات المتعلقة بأحداث كيبوتس بئيري والمعارك التي اندلعت فيه.

وحول أهم ما توصل إليه التحقيق الجديد المتعلق بتصنيف الجيش الإسرائيلي لغزة، وما انجرّ عنه من تداعيات دفع الاحتلال ثمنها باهظًا سردت القناة الإسرائيلية ما يلي:

  1. صنفت الأجهزة الأمنية قطاع غزة كجبهة ثانوية مقارنة بجبهة لبنان ضد حزب الله وإيران.
  2. ترسخت قناعة في أوساط أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بأن حركة "حماس" كانت تسعى للهدنة، وليس لمواجهة عسكرية مع إسرائيل، ولذلك تم التعامل باهتمام أقل مع القطاع.
  3. بسبب تراجع أهمية جبهة غزة، خصصت الاستخبارات موارد أقل لجمع المعلومات، لم تكن اتصالات حماس تحت المراقبة، كما تراجعت شبكة الاستخبارات البشرية التابعة لأجهزة الأمن بشكل كبير.
  4. لم يختلف أحد في شعبة الاستخبارات، لا في الوحدة 8200 ولا في شعبة الأبحاث، مع الفرضيات حول عدم احتمال نشوب مواجهة مع "حماس".

وحسب القناة الـ12 الإسرائيلية فإنه على مر السنين، "لم يتم تسجيل أي وثيقة عن تفكير نقدي حول سياسة إسرائيل تجاه قطاع غزة. بالإضافة إلى ذلك، لم يتم وضع فرضية غير محتملة، تتحدى المفهوم السائد في وقت معين، بفكرة قد تبدو غير محتملة".

وعن التقييمات بشأن عشية هجوم "طوفان الأقصى"، اعتبر التحقيق أنّ من غير المبرر قبل يومٍ من الهجوم ـ الذي شهد انتقال الآلاف من أعضاء حماس من الوضع الروتيني إلى حالة الطوارئ، متزودين بالمعدات القتالية بناءً على أوامر ميدانية ـ عدم إبلاغ أو تنبيه أي مصدر واحد في القطاع إلى هذا التغيير، مما يعكس ضعف الاستخبارات البشرية للأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

فبينما كانت "حماس" تستعد للهجوم، "لم تكن إسرائيل تعرف شيئًا"، ويضيف تقرير القناة الإسرائيلية استنادًا لنتائج التحقيق إلى أن "بعض المعلومات الاستخباراتية بدأت تظهر، لكن لم يتم تحليلها لفهم أهميتها من الساعة العاشرة مساءً يوم الجمعة وحتى صباح السبت الذي وقع فيه الهجوم".

إذن، على مدى ثمانية ساعات ونصف، "لم تتمكن المؤسسة الأمنية من تغيير الفرضية، رغم وصول معلومات تم تفسيرها بشكل خاطئٍ".

خلال ليلة الهجوم "لم يعتقد معظم عناصر الاستخبارات أنّ حربًا ستندلع، أو أنّ أي حادث سيقع على الإطلاق، وكان الجدل يدور حول إمكانية وقوع هجومٍ محدود، لكن حتى هذه الفكرة كانت موجودةً فقط لدى أقليةٍ صغيرة في أوساط الأجهزة الاستخباراتية".

ويعتقد التحقيق الإسرائيلي أنّ "العنصر الأساسي في قرار عدم تغيير الفرضية الأمنية بشأن نوايا حماس، كان الرغبة في عدم خسارة المصادر التي كشفت عند تفعيل شرائح هواتف تابعة لعناصر حماس، فقد كان الاعتقاد السائد أن الأمر مجرد تمرينٍ للحركة للكشف عن مصادر إسرائيل الاستخباراتية، وللحفاظ على المصادر لم يتم اتخاذ أي إجراء".

إن ساعات ما قبل الهجوم تشكل، حسب القناة الإسرائيلية "مثالًا على عمق الفرضيات الخاطئة، وتدعم الاعتقاد بأنه لم يكن بالإمكان تغيير طريقة التفكير في ذلك الوقت".

يتقاذف المستوى السياسي والمستوى العسكري في دولة الاحتلال المسؤولية عن هجوم السابع من أكتوبر

ومن بين الأمور التي كانت لافتةً في نتائج التحقيق تلك المتعلقة بالمستوى السياسي في قطاع غزة، أي إدارة حماس للقطاع، فقد طالبت الحكومة "الجيش الإسرائيلي بتحقيق الهدوء في قطاع غزة، وتعزيز حركة حماس على حساب السلطة الفلسطينية من خلال جلب ملايين الدولارات من قطر إلى القطاع، والسماح لآلاف العمال الغزيين بالعمل في إسرائيل، بما في ذلك في الكيبوتسات المحيطة بالضفة الغربية".

وتضيف القناة الإسرائيلية أنّه بناءً على نتائج التحقيق "تمّ النظر إلى حماس على مر السنين من الأجهزة الأمنية والاستخبارية على أنها تشكل مكسبًا"، مصرّةً على أنّ هذه السياسة "أملاها المستوى السياسي الذي خلقت قراراته بشأن الحركة التصور الأمني الذي أدى إلى أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر". وكأن المستوى العسكري في دولة الاحتلال، بإصراره على هذه النقطة، يريد أن يُحمّل الحكومة قسطًا من المسؤولية، في ظل سعي هذه الأخيرة إلى إلقاء اللوم على الجيش والأجهزة الأمنية.

وفي ظل تقاذف المسؤوليات، يخشى الإسرائيليون ألا تقود التحقيقات إلى معاقبة المسؤولين عن التقصير والفشل الأمني الذريع الذي تسبب في انهيار الردع الإسرائيلي، حسب معظم المحللين العسكريين والاستراتيجيين.