19-نوفمبر-2024
زقاق البلاط تصعيد بيروت

الجيش اللبناني يتفقد موقع الغارة التي استهدفت زقاق البلاط وسط بيروت (روتيرز)

دخل العدوان الإسرائيلي على لبنان مرحلة جديدة من التصعيد، بعدما وسع جيش الاحتلال دائرة غاراته الجوية التي استهدفت مبنى سكنيًا في منطقة الشياح على أطراف الضاحية الجنوبية لبيروت، دون إصدار أي إنذار مسبق، في الوقت الذي شن حزب الله هجومًا صاروخيًا على دفعتين استهدف منطقة تل أبيب الكبرى في أقل من 12 ساعة.

يأتي هذا التصعيد المتبادل بالتزامن مع وصول المبعوث الأميركي، عاموس هوكشتاين، إلى بيروت، في ظل التقارير التي تتحدث عن موافقة لبنان على المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار، وسط تفاؤل لبناني حذر يخيم على أجواء المفاوضات.

وكان جيش الاحتلال قد شن غارة جوية، أمس الإثنين، استهدفت بصاروخين الطابق الأول لمبنى في منطقة زقاق البلاط المكتظة بالسكان، قرب مقر رئاسة مجلس الوزراء وسط بيروت، مدعيًا أن الهجوم استهدف غرفة عمليات تابعة لحزب الله، مما أسفر عن سقوط خمسة شهداء، وإصابة 24 شخصًا بجروح، وكانت هذه الثالثة التي يستهدف فيها جيش الاحتلال العاصمة بيروت في أقل من 24 ساعة، وهو مؤشر على توسّع في خارطة الاستهدافات الإسرائيلية. ودون سابق إنذار استهدف جيش الاحتلال بواسطة طائرة مسيّرة مبنى في منطقة الشياح، اليوم الثلاثاء، مما أسفر عن سقوط جرحى، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام.

هذا التصعيد قوبل من حزب الله بتوسيع نطاق القصف، الذي كان يقتصر على المستوطنات حتى مدينة حيفا في شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، يرافقه استهدافات متفرقة لمنطقة تل أبيت الكبرى. لكن هذا الأمر شهد تحولًا خلال الـ12 ساعة الماضية، بعدما استهدف برشقتين صاروخيتين تل أبيب الكبرى، مما أسفر عن سقوط 10 جرحى، بينهم إصابات خطرة، فضلًا عن الأضرار المادية التي أظهرتها المقاطع المصوّرة. كما ذكر بيان صادر عن الحزب أنه استهدف، أمس الإثنين، قاعدة "تل حاييم" في تل أبيب، والتي تبعد عن الحدود اللبنانية نحو 120 كم.

يشهد لبنان تصعيدًا عسكريًا متبادلًا بين حزب الله وجيش الاحتلال بالتزامن مع وصول المبعوث الأميركي إلى بيروت لتسلّم الرد اللبناني على مقترح وقف إطلاق النار

ورافق هذا التصعيد وصول المبعوث الأميركي إلى بيروت، حيث من المتوقّع أن يتسلّم رد لبنان على المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار. وتأتي هذه الزيارة بعد تضارب في الأنباء حول إلغاء هوكشتاين زيارته إلى لبنان، قبل أن تعود إلى تأكيد هذه الزيارة. وحتى لحظة إعداد التقرير لا تزال الأجواء ضبابية فيما يخص الوصول في نهاية المطاف إلى وقف لإطلاق النار، حيثُ نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول أميركي قوله إن عودة هوكشتاين إلى بيروت "لا تعني أن الاتفاق وشيك"، على عكس مسؤول ثان رأى أن هذه العودة "إشارة إلى أن الاتفاق قد يكون في متناول اليد".

ونقلت وكالة "رويترز" عن مساعد رئيس مجلس النواب اللبناني، علي حسن خليل، قوله إن "لبنان سلم ملاحظاته على الورقة (المقترح الأميركي) بأجواء إيجابية"، مؤكدًا أن "كل الملاحظات التي قدمناها هي تأكيد على الالتزام الدقيق بالقرار 1701 بكل مندرجاته"، لكنه أشار أيضًا إلى احتمال عرقلة إسرائيل التوصل لاتفاق وشيك يفضي إلى وقف إطلاق النار، موضحًا ذلك بالقول "إذا كان الإسرائيلي لا يريد الحل فهو يستطيع افتعال 100 مشكلة".

من جانبه أكد رئيس مجلس النواب، نبيه بري، في تصريحات صحفية نقلتها العديد من وسائل الإعلام، بما في ذلك الوكالة الوطنية للإعلام، أن "زيارة المبعوث الأميركي، عاموس هوكشتاين إلى بيروت في موعدها"، مبديًا استغرابه من "كل ما أُشيع عن إلغائها وتسبب في تبديد التفاؤل الذي ساد الأجواء الإيجابية التي يبنى عليها لتقديم الحل السياسي على الخيار العسكري"، مؤكدًا أن المبعوث الأميركي سيتسلّم خلال الزيارة "الرد للبناني على المبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار".

وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية التي تسود في الأوساط اللبنانية، إلا أن تصريحات المسؤولين اللبنانين تعكس المخاوف من عرقلة الجانب الإسرائيلي للاتفاق، خاصة بعد تصريحات رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، التي قال فيها إن الشروط الإسرائيلية تتضمن "إبعاد حزب الله عن الحدود، والحفاظ على حرية العمل في لبنان، وإغلاق خط الإمداد لحزب الله عبر الحدود السورية".

وبحسب مراسلة "التلفزيون العربي" في واشنطن، ريما أبو حمدية، فإن المحللين يرجحون أن نتنياهو "لا يريد تقديم أي إنجاز لإدارة الرئيس، جو بايدن، بل هو ينتظر الإدارة المقبلة (للرئيس المنتخب دونالد ترمب) التي ستحقق له المزيد من مطالبه"، موضحة أن المحللين يتوقعون أنه "حتى لو كان هناك اتفاق لبناني على تسوية ما، فإن نتنياهو سيعرقل المفاوضات على غرار ما حدث في مفاوضات غزة".

وكان موقع "العربي الجديد" قد نقل عن أوساط سياسية مقربة من بري، أمس الإثنين، قولهم إن "الأجواء وإن كانت إيجابية نوعًا ما، إلا أنه لا يمكن البناء عليها والأخذ بها، سواء للتجارب السابقة مع العدو على الصعيد اللبناني وأخرها المبادرة الأميركية الفرنسية، أو مسار الهدنة في غزة"، مؤكدين أن "المقترح الأميركي الأخير أخذ بكثيرٍ من الملاحظات اللبنانية، ولا يتضمن أي نوع من حرية الحركة لجيش الاحتلال في لبنان، الأمر الذي كنا نعارضه ونعتبره مسًا بالسيادة الوطنية، كما لا يتضمن بند نشر قوات من حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو غيرها في لبنان".