06-مايو-2019

تتورط أمازون بعديد من الانتهاكات التي تستدعي ضرورة مقاطعتها (تويتر)

في عصر الشركات الكبرى التي باتت تحكم العالم تقريبًا، وتتدخل في تفاصيل حياتنا اليومية، صارت أفكار مثل المقاطعة والمستهلك الأخلاقي، تحتاج منك إلى وقت أكثر في التفكير.

تتحدث شهادات الموظفين داخل شركة أمازون  عن استغلال غير مسبوق للعمال في ساعات عمل طويلة جعلتهم يصابون بأمراض عديدة، وهددت حياتهم

أنموذج شركة أمازون هو واحد من التجارب التقليدية الممثلة لهذه الفكرة، فهي عملاق يستحوذ على تجارة إلكترونية يقدر حجمها بـ810 مليار دولار. إنه أمر مرئي للغاية وغير مرئي بشكل مزعج. يشتري العملاق المثير للجدل، مقارًا في كل مكان في العالم ويجمع مزايا ضريبية بالنسبة للمتعاملين معه لا يمكن رفضها، ويشتري المزيد من الشركات في كل صناعة تقريبًا، وكذا يتلقى حصة أكبر من المبيعات عبر الإنترنت.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تدخّلت أمازون لتلميع مذكرات هيلاري كلينتون؟

لكنه سيكون من السهل على المشترين الأخلاقيين إيجاد ألف سبب وسبب لمقاطعة هذه الشركة، وهو ما تبينه بتفصيل حملات مقاطعة أمازون على الإنترنت، سواء من ناحية سمعتها في التعامل مع الموظفين، خاصة أولئك الذين يعملون بأجور رخيصة للغاية، وطبيعة العمل في مستودعاتها، بالإضافة إلى الفضائح الخاصة بتهربها الضريبي، وأخيرًا دخولها في السوق الإسرائيلية.

أمازون.. على قائمة كبار الأشرار

مفكرون وصحفيون وناشطون عديدون، باتوا الآن يرون أن الوقت قد حان بالفعل لمقاطعة الشركة المثيرة للجدل، وأصبحوا يضعونها في قائمة كبار الأشرار. ففي حين أن وسائل الإعلام الرئيسية لا تزال منشغلة إلى حد كبير بالدور المحتمل لفيسبوك في السماح لروسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، كانت القصة الأكبر والأقل انتشارًا هي تزويد فيسبوك معلومات عن مستخدميها لشركات كبرى من بينها أمازون ونيتفليكس وهواوي، وغيرها، وذلك دون علم مستخدميها.

أما قصة أمازون التي لا تدفع حصتها العادلة من الضرائب، فهي الأكثر إثارة للدهشة، فقد أعلنت في عام 2016 أنها "أصبحت أسرع شركة على الإطلاق تصل إلى 100 مليار دولار في المبيعات السنوية". وهذا يجعلها بين أكبر 44 شركة في العالم، لكن هذا لم ينعكس في مدفوعاتها الضريبية.

هناك تهرب ضريبي ممنهج تتبعه أمازون يمكن ملاحقته بوضوح، وعلى سبيل المثال، فإن المؤشرات تؤكد أن الضريبة التي دفعتها أمازون إلى سلطات المملكة المتحدة انخفضت فعليًا في عام 2015 إلى 9.7 مليون جنيه إسترليني، من 11.9 مليون جنيه إسترليني في عام 2014، وفي عام 2018، ضاعفت أمازون أرباحها تقريبًا، من 5.6 مليار دولار إلى 11.2 مليار دولار، ولكنها بقيت بعيدة عن دفع معدل ضريبة الدخل القانوني بنسبة 21%. وفي شباط/فبراير الماضي نشر معهد الضرائب والسياسة الاقتصادية (ITEP) تقريرًا يوضح أن أمازون لا تدفع سنتًا واحدًا من ضرائب الدخل للسنة الثانية على التوالي.

الناس العاديون لديهم أسباب أكثر لمقاطعة أمازون، فهم يقاطعونها لإسقاطها ويكيليكس من خوادم الويب الخاصة بها. ويقاطعونها لترويجها للبيدوفيليا والعنف ضد الأطفال بعد نشرها لدليل عن الاستغلال الجنسي لهم. كما أن الدعوات إلى مقاطعتها بدأت أقدم من ذلك، منذ التسعينات حين استطاعت أن تقتنص براءة اختراع في المحكمة ضد واحد من منافسيها وهو Barnesandnoble.com، وهي كما يقول ريتشارد ستالمان، بسياساتها الاحتكارية في طريقها لتدمير ذاتها.

أما بالنسبة لظروف العمل القاهرة فحدث ولا حرج. خاصة داخل مستودعات التخزين كحالة ذلك المستودع في بنسلفانيا الذي كان من السخونة بحيث جعل عربات الإسعاف تقف خارجه حرفيًا في وضع الاستعداد لحمل أي موظف يصاب بجفاف أو هبوط بسبب ارتفاع درجات الحرارة بداخله، وهي القصة التي احتلت عناوين الصحف الأمريكية لأربع سنوات.

شهادات الموظفين داخل الشركة العملاقة تتحدث عن استغلال غير مسبوق للعمال في ساعات عمل طويلة جعلتهم يصابون بأمراض عديدة، ومنهم من تعرض بالفعل لحادث لعدم قدرته على القيادة بسبب ساعات عمل إضافية فُرضت عليه، بالإضافة إلى  60 ساعة عمل في الأسبوع. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تنتشر قصص عديدة أخرى صادمة، مثل قصة أحد الموظفين الذي حصل على تصنيف منخفض لأدائه بعد عودته من إجازة لعلاج سرطان الغدة الدرقية، بل إن بعضهم اشتكى من أنه حتى لا يستطيع الحصول على استراحة لدخول الحمام.

وأخيرًا أمازون في إسرائيل!

قائمة طويلة من الجمعيات والنشطاء المنخرطين في أنشطة لمقاطعة إسرائيل، منها على سبيل المثال لا الحصر حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل التي ترفع شعار أن التجارة مع تل أبيب هي تجارة مع المحتل.

كما يمكن ذكر بعض جهود التوعية التي يقوم بها موقع ethicalconsumer.com  لمقاطعة إسرائيل ومنتجاتها التجارية، خاصة تلك التي تنتجها وتصدرها من المستوطنات، مثل منتجات أهافا التي أغلقت أبواب متاجرها في المملكة المتحدة عام 2011 بعد ضغط النشطاء الفلسطينيين والمؤيدين للقضية الفلسطينية.

اقرأ/ي أيضًا: 2017 عام تفاقم أصحاب المليارات.. ثروات فردية يمكنها القضاء على الفقر 7 مرات

رغم ذلك، فإن أمازون سوف تصل لإسرائيل وفقًا للعديد من التقارير الإخبارية قريبًا، حيث سيبدأ عملاق البيع بالتجزئة الأمريكي عبر الإنترنت بغزو السوق الإسرائيلي، في مساهمة جديدة في تطبيع إسرائيل عالميًا كدولة طبيعية. وهو الخبر الذي يبدو أنه مر سريعًا، من دون أن يحظى باهتمام حتى حركة المقاطعة نفسها، التي لم تصدر حتى الآن أي بيان ضد هذا الدخول. وبهذه الخطوة، تضيف أمازون إلى حملات مقاطعتها سببًا جديدًا يتخطى هذه المرة ظروف العمل وطبيعة الإنتاج، إلى جملة من الأسباب السياسية التي لا يبدو أن الشركة آبهة بها.

سيكون عليك، وأنت توفر وقتًا طويلًا على نفسك، وتحصل على خيارات متنوعة من منتجات أمازون بـ"ضغطة زر"، أن تتذكر أولئك العمال الذين لا يجدون وقتًا حتى لقضاء حاجاتهم

لطالما كانت أمازون الحل السحري لأي مستخدم يجلس على أريكته في منزله ليطلب أي منتج قد يخطر في باله، فيصله في أقرب وقت ممكن، ولا يمكن القول إن مقاطعة الشركة العملاقة ستكون أمرًا سهلًا، لكنه سيكون على هذا المستهلك، وهو يوفر وقتًا طويلًا، ويحصل على خيارات متنوعة من المنتجات بـ"ضغطة زر"، أن يتذكر أولئك العمال الذين لا يجدون وقتًا حتى لقضاء حاجاتهم، أو أولئك الذين يموتون بـ"ضغطة زر" أيضًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل تعني الاشتراكية العدالة في توزيع الفقر؟

جرائم شركات الملابس في بنغلاديش.. هدر حقوق العمال والأرض لأجل السلع الرخيصة!