الاعتقال ليس بطولة، لا بطولة في السجن، لكن المسجونين في العالم ملهمون بنضالهم.
إدارة سجن العقرب تتعنت في إدخال الأدوية إلى السجناء وتتعمد الإهمال الطبي في حقهم، ما أدى إلى وفاة 15 مسجونًا بسبب تدهور حالتهم الصحية
بينما ينهي الصحفي الفلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي 94 يومًا من الإضراب المتواصل عن الطعام بعد تأكد النظر في اعتقاله الإداري من قبل السلطات الإسرائيلية، يواصل لليوم العاشر مجموعة من نزلاء سجن العقرب إضرابهم عن الطعام احتجاجًا على سوء أوضاعهم في السجن وعلى سوء المعاملة التي يتلقاها ذووهم أيضًا.
لماذا الإضراب؟
أُنشئ سجن العقرب عام 1993 وهو سجن يتصف بأنه شديد الحراسة، غير أن النظام قد تجاهل تمامًا اللائحة العامة للسجون المصرية والتي تقول في المادة 36 ما يلي:
"كل محكوم عليه يتبين لطبيب أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزًا كليًا يعرض أمره على مدير القسم الطبي للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه. وينفذ قرار الإفراج بعد اعتماده من مدير عام السجون وموافقة النائب العام وتخطر بذلك جهة الإدارة والنيابة المختصة".
اقرأ/ي أيضًا: مقدونيا..بوابة أوروبا المغلقة أمام السوريين
الحقيقة أن إدارة سجن العقرب تتعنت أصلا في إدخال الأدوية إلى السجناء، بل وتتعمد الإهمال الطبي في حقهم الأمر الذي أدى إلى وفاة 15 مسجونًا بسبب تدهور حالتهم الصحية.
كانت البداية منذ 24 كانون الثاني/يناير الماضي بمنع الزيارات عن سجن العقرب، وإغلاق النظارات الموجودة على باب الزنازين في بعض العنابر بحواجز حديدية، وهو المنفذ الوحيد غير المغلق في الزنزانة ووسيلة التواصل بين الزنازين، ويوضح الأهالي أنها كانت وسيلة لاطمئنان المحبوسين على حياة بعضهم خاصة بعد وفاة ستة منهم في العام الماضي.
فضلًا عن انتشار الفطريات داخل الزنازين نتيجة انعدام التهوية، وزيادة الرطوبة، وعدم توفير الأغطية، والمياة الساخنة، مع برودة الجو، حيث وصلت درجة حرارة الزنزانة إلى أقل من خمس درجات مئوية، كذلك عدم توفير أكواب لهم للشرب وكذلك استمرار منع دخول المتطلبات الحياتية، من ملبس، ومأكل (إلا بقدر لا يكفي طفل صغير)، وعدم السماح بدخول الكتب، والأغراض الشخصية، والأدوية إلا بما يوافقون عليه داخل السجن، ويتم إرسالها لصيدلية السجن.
وفي 10 شباط/فبراير، فتحت الزيارة لكنها كانت بحد أقصي 20 زيارة في اليوم، مما دفع الأهالي للبدء في المبيت أمام السجن لضمان الدخول للزيارة في اليوم التالي، ثم زاد العدد ليصل لـ30 زيارة في اليوم، مما يعني 180 زيارة في الأسبوع، على الرغم من وجود ما يقرب من 1000 مسجون داخل العقرب. ويتعرض أهالي المعتقلين إلى عمليات تفتيش مهينة ومنع لدخول الطعام والملابس والأدوية ووصل الأمر إلى التعدي على الأهالي بالضرب على الرغم من مبيتهم أمام السجون من الليالي السابقة في أوضاع شديدة الإذلال.
متى بدأ الإضراب ؟
بدأ اﻹضراب عن الطعام في 17 شباط/فبراير، من قبل عدد من المحبوسين كان على رأسهم محمد ربيع الظواهري، وإسماعيل عبد القادر إبراهيم، ونبيل عبد المنعم الشحات، للمطالبة بتحسين الوضع وفتح الزيارات، وفي اليوم التالي نظم الأهالي وقفة أمام نقابة الصحفيين احتجاجًا على أوضاع المحبوسين وإهانتهم أثناء الزيارة.
اقرأ/ي أيضًا: كواليس النصب باسم الرئيس
وتوضح رابطة أسر معتقلي العقرب، أن الوضع تحسن لما يقرب من أربعة أيام وسمح السجن بدخول مائة زيارة يوميًا، لكن الوضع عاد مرة أخرى للدخول بالأسبقية، وبحلول 24 فبراير انضم جهاد الحداد، المتحدث السابق لجماعة الإخوان وعصام سلطان، ومحمود البربري للإضراب عن الطعام، ومٌنعت 60 أسرة من الدخول، خاصة بعد انقلاب “طفطف”، بعدد من الأهالي مما نتج عنه إصابة اليد اليمنى لزوجة مجدي محمد إبراهيم بكسر، ونقل الأهالي زوجة محمد عبد الوهاب للمستشفى مصابة بغيوبة، واستعادت وعيها في اليوم التالي، وفقا لشهادة نجلة خالد السيد.
في 25 شباط/فبراير انضم أحمد عبد العاطي، مدير مكتب الرئيس الأسبق محمد مرسي، وأسامة ياسين، أمين الصيرفي وعصام الحداد و17 آخرون للإضراب، وبحلول 27 فبراير انضم 9 صحفيين للإضراب وهم هشام جعفر وأحمد سبيع، وحسن القباني ووليد شلبي وأحمد صالح، وخالد سحلوب، ومحمد نوار، وحسام السيد، سامح الشربيني.
المتضامنون
تضامن العشرات من النشطاء مع هذا الإضراب وأيدوا مطالبه التي أعلنت على لسان أسرهم ووفقًا للبيان المنشور على الصفحة الرسمية لأهالي سجناء العقرب على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فقد أكدت أن إضراب السجناء يأتي تحت عنوان (أنا إنسان) للمطالبة بزيارة أسبوعية للأهالي بدون حائل زجاجي مدتها ساعة وفقًا لقانون السجون، وتحسين طعام ومياه السجن نوعًا وكمية، وإدخال كل المستلزمات الشخصية مع الزيارة، وأبسطها طعام بكمية مناسبة وأدوات النظافة الشخصية والأدوية والملابس والأغطية والكتب والمستلزمات الطبية وعدم مصادرتها فيما بعد، وحق المعتقلين في الخروج من الزنزانة للتريض بالمدة المحددة يوميًا في قانون السجون.
في وسائل التواصل الاجتماعي دشن نشطاء هاشتاج #إضراب_العقرب #نموت_لنحيا، كما بدؤوا حملات تضامن واسعة مع المعتقلين وقد أيد هذه المطالب مجموعة من النشطاء والسياسيين والمؤسسات الحقوقية العالمية مثل مؤسسة هيومان رايتس مونيتور.
أما نقابة الصحفيين فقد تقدمت ببلاغ للنائب العام وشكوى لوزير الخارجية السبت الماضي احتجاجًا على سوء أوضاع الصحفيين المحبوسين في سجن العقرب وما يتعرضون له من انتهاكات.
دخل خالد البلشى رئيس لجنة الحريات ومحمود كامل رئيس لجنة الثقافة بنقابة الصحفيين، في إضراب عن الطعام تضامنًا مع أهالي المحبوسين بسجن العقرب بعد نتيجة تعرضهم لانتهاكات.
انضم إلى إضراب خالد البلشي ومحمود كامل مجموعة كبيرة من الصحفيين وتواصل دعم عدد كبير من الأفراد لهذا الإضراب.
وتظل إدارة السجن تتعنت فيما يتعلق بمطالب المضربين الإنسانية وكأنها خصومة شخصية تتعدى الإنسانية وتتجاوز القانون، لمجرد إثبات قدرتها على سحق المسجونين، غير أن هذه الضغوطات أثبتت في مراحل عديدة جدارتها وفعاليتها على تحسين أوضاع المسجونين.
اقرأ/ي أيضًا: