لكل النساء -أو الرجال- أو لنقل لكل من يكره الوقوف أما حوض الجلي وغسيل الأطباق، علينا جميعًا التوجه بالشكر والدعاء للسيدة الأمريكية جوزفين كوكرين بأن ترقد بسلام في قبرها، فهي -وإن لم يشغل شأننا تفكيرها- صاحبة أول اختراع عملي لغسالة الصحون، هذه السيدة الغنية، والمترفة التي على يديها نقش الحناء -مجازًا- فلم تضطر غالبًا في حياتها إلى الوقوف أمام مشهد الأطباق المتسخة المريع بعد عشاء فاخر فيه ما لذ وطاب، فلديها من الخدم والحشم من يتكفل بهذه المهمة، فهل ترتاح السيدة جوزفين؟ لا، لأن الخدم عديمي الضمير ظلوا يكسرون أطباق الخزف الصيني الفاخر، فما الحل؟ هل نطرد الخدم؟ لا طبعًا فالسيدة أكثر إنسانية من أن تفعل ذلك، وأكثر حذرًا، إذا ما الضامن أن تبديل الخدم لن يعيد المأساة!!
الحل إذن كان باختراع آلة غسل الأطباق، فما هي إيجابيات الاختراع وما سلبياته؟ مع الشكر الجزيل للسيدة، وهل لغسالة الأطباق سلبيات شديدة قد تخفف من وطأة الجلي اليدوي، وتجعله خيارًا أفضل؟ في المقال باقي التفاصيل.
إيجابيات غسالة الصحون
كنوع من الامتنان للمخترعة الأولى، وأصحاب الفكرة الذين سبقوها، والمخترعين الذين لحقوا بها وطوروا الغسالة وجعلوها ماكينة كهربائية، سنبدأ بذكر إيجابيات استخدام غسالة الصحون:
-
توفير استهلاك الماء
في معظم الأحيان قد يستهين الشخص في كمية المياه التي يمكن أن تهدرها عملية غسل الأطباق لو كانت الكمية قليلة. ولكن اتضح أنه في غسالات الصحون الاقتصادية يكون متوسط استهلاك الماء ما يقرب 13 لترًاا من الماء في دورة التشغيل الواحدة. بينما تُقدر كمية المياه المسكوبة من الصنبور بـ7.5 لترات في الدقيقة الواحدة!! وبهذا يقاس على كمية الماء المهدورة لو كانت كمية الأطباق المتسخة نفسها الموضوعة في غسالة الصحون.
-
توفير استهلاك الطاقة
تحمل غسالات الأطباق خيارات للتشغيل الاقتصادي، بمعنى تشغيل دورة الغسل بأقل كمية مياه وكهرباء ممكنة، ولزيادة فاعلية هذا التوفير يفضل الحرص دائمًا على تشغيل الغسالة بحمولة كاملة من الأطباق مع إلغاء خاصية التجفيف بالبخار، وتوفير الطاقة بالتراكم يعني توفير المال أيضًا.
-
توفير الوقت
قد تبدو هذه الميزة غير واقعية، ولكن، حسب وكالة حماية البيئة فإن الأسرة التي تستخدم غسالة الصحون توفر 10 أيام في السنة من الجلي مقارنة بالطريقة التقليدية.
-
النظافة والتعقيم
لا يمكن مقارنة النظافة والتعقيم لغسالة الأطباق مع الغسل اليدوي، فدرجة الحرارة المستخدمة في الغسالة بين 60-70 درجة، ولا يمكن لليد البشرية احتمالها حتى مع لبس قفاز خاص، كما أن استخدام الغسل اليدوي يعني استخدام الاسفنجة نفسها لغسل القطع كلها، فهذا لا يضمن النظافة تمامًا، ناهيك عن التعقيم.
-
تعدد خيارات التشغيل
ومن المميزات التي تزيد إيجابيات غسالة الصحون، وجود خيارات التشغيل العديدة، فهناك غسالات صحون مجهزة بخيار غسل نصف حمولة، وهناك خيار التجفيف بالبخار، وخيار غسل الأطباق أو الطناجر والأواني الكبيرة، وغيرها العديد، لتتيح للمستخدم ضبط العملية حسب الخيار المطلوب
-
الأمان في حالة الحوادث
تعد غسالات الصحون أكثر أمانًا من غسل الأطباق اليدوي خاصة عند تنظيف الأدوات الحادة أو انكسار كوب أو طبق زجاجي داخل حجرة الغسل، ورغم أنه يجب توخي الحذر عن تنظيف الغسالة من الزجاج إلا أن احتمال الإصابة بجروح يكون أقل منه في الغسل اليدوي.
-
تعدد الخيارات مع كلفة مقبولة
لم يعد شراء غسالة أطباق حاليَا أمرًا عسيرًا في الوقت الراهن، فهناك العديد من الخيارات حسب حاجة كل أسرة، وتتنوع الأحجام والعلامات التجارية التي يمكن أن توفر خيارات واسعة للمستخدم، وبهذا التنوع تكون تكلفة الشراء متنوعة أيضًا، فككل الأجهزة الكهربائية هناك غسالات أطباق جيدة بأسحار متاحة وهناك الأفخم بأسعار أعلى حسب ما يحتاج الشخص
غسالات الصحون آلات كهربائية، وتعد ثاني أكثر الأجهزة المنزلية استهلاكًا للكهرباء بعد المكيفات وأجهزة التدفئة
سلبيات غسالة الصحون
لو سألنا أي مستخدم لغسالات الصحون عن سلبيات استخدامها فأضمن بأن الإجابة ستكون حصرًا "تفريغ سلة الغسالة من الصحون النظيفة" هذه مهمة بغيضة بحق، ولا أحد يقدم عليها إلا اضطرارًا بطبيعة الحال، ولا أدري إلى أي درجة يمكن عدُّها سلبية فعلًا! وفي الحقيقة فرغم كل الإيجابيات المذكورة سابقًا إلا أن بعضها قد يكون له وجه آخر، فما يمكن أن يكون إيجابية قد يُنظر إليه من زاوية أخرى بوصفه سلبية، وفيما يأتي تفاصيل السلبيات:
-
لا تنظف الأواني والأطباق جميعها
بعض الأواني والأدوات لا يمكن وضعها في غسالة الصحون، وعادة ما تكون مدرجة بعلامة تميزها بأنها غير مناسبة، وعدا هذه الأطباق فإنه لا يمكن وضع السكاكين الحادة لأنها ستتضرر، ولا يمكن وضع الأواني الخزفية ولا حتى كؤوس الشراب الباهظة والرقيقة، بالإضافة إلى الأدوات المصنوعة من الخشب أو الحديد المطلي والفضيّات، وحتى الأطباق المصنوعة من السيراميك قد يكون بعضها حساسًا ويتقشر. وهذه بطبيعة الحال قائمة طويلة من الأدوات التي ستحتاج إلى غسل يدوي.
-
استهلاك الطاقة
غسالات الصحون آلات كهربائية، وتعد ثاني أكثر الأجهزة المنزلية استهلاكًا للكهرباء بعد المكيفات وأجهزة التدفئة، وذلك حسب تقارير Appliance Repair Sub-Zero، ويقدر مدى استهلاك غسالة الصحون للطاقة بمقدار الطاقة التي يصرفها جهاز تلفاز مشغل لمدة 20 ساعة متواصلة، مما يعني فاتورة كهرباء عالية، ومما يزيد التكلفة أيضًا أن بقاء الأجهزة الكهربائية متصلة بمصدر الطاقة حتى مع عدم استخدامها يرفع تكلفة فاتورة الكهرباء بنسبة ملحوظة، لذلك يوصى بشراء غسالات صحون موفرة للطاقة.
-
التكلفة المادية
حتى لو اختار المستخدم غسالة صحون منخفضة الكلفة أو معقولة، فإن ذلك لا يضمن له جودتها، أو وجود خيارات التشغيل التي تلزمه عند الاستخدام الفعلي للغسالة، وبالتالي إن أراد شراء نوعية مضمونة فإنه سيدفع مبلغًا أعلى من المال، ليس هذا فحسب بالنظر إلى كلفة التركيب وتجهيز البنية التحتية اللازمة لو كان المنزل غير مجهز للغسالة، بالإضافة إلى كلفة الصيانة والإصلاحات.
-
حاجتها إلى مساحة
لا بد قبل شراء غسالة الصحون التأكد من قياسات المكان الذي ستوضع فيه قياسًا دقيقًا، فهي رغم كونها ليست أكبر الأجهزة المنزلية إلا أنها تحتاج إلى مساحة كافية في المطبخ لئلا يكون تركيبها عائقًا في المطبخ، كما أن شراء غسالة أكبر من المساحة المخصصة يعد مشكلة بحد ذاته.
-
حاجتها إلى التنظيف
إذا كانت غسالة الأطباق تريح المستخدم من غسل الأطباق فهذا لا يعني أنها لا تحتاج إلى تنظيف، ومن النصائح الموصى بها تنظيف غسالة الصحون دوريًا من مرة إلى 3 سنويًا، ويزيد عدد المرات المطلوبة حسب كثافة استخدام الغسالة، وليس هذا كافيًا، إذ يتطلب الأمر تنظيفًا عميقًا لمرة على الأقل سنويًا جنبًا إلى جنب مع التنظيف الدوري، لحماية غسالة الأطباق وإطالة عمرها. والتنظيف العميق يكون إما باستخدام صودا الخبز والخل الأبيض، أو باستخدام أقراص خاصة توفرها معظم شركات التنظيف.
مقارنة بالأجهزة المنزلية الأخرى لا تدوم كفاءة غسالة الصحون أكثر من 10-15 عامًا حسب مراعاة المستخدم لها وصيانتها باستمرار
-
العمر الافتراضي القصير نسبيًا
مقارنة بالأجهزة المنزلية الأخرى لا تدوم كفاءة غسالة الصحون أكثر من 10-15 عامًا حسب مراعاة المستخدم لها وصيانتها باستمرار، كما أن أخطاء الاستخدام (كالحمولة الزائدة وإهمال التنظيف الدوري، واستخدام مواد تنظيف غير مناسبة) تقصر من مدة صلاحيتها بشكل ملحوظ.
-
مشاكل السباكة
قد تسبب غسالة الصحون بعض المشكلات المتعلقة بالسباكة، كفيضان الماء من المصرف، وما ينجم عن ذلك من مشاكل في تسرب المياه من الأرضيات، ناهيك عن خطر الصعق الكهربائي الناجم من تسريب المياه، بالإضافة إلى تكبد كلفة الإصلاحات للآلة والتمديدات والبنية التحتية لغسالة الصحون، ويمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال التأكد من مكان التركيب وتمديداته ومناسبته للاستخدام لغسالة الصحون.
-
ظهور العفن
يمكن للعفن أن يظهر في غسالة الصحون، ولا يقصد هنا العفن النامي على بقايا الطعام الموجودة في المصفاة المتروكة دون تنظيف، بل بسبب تناثر بعض البقايا في شقوق وحزوز الغسالة التي يصعب الوصول إليها، أو تراكم العفن في الخراطيم والتمديدات وفتحات التهوية، ويمكن التغلب على هذه المشكلة بالعناية والتنظيف الدوري لغسالة الصحون وتفحص التمديدات بمجرد الشك بوجود مشاكل أو رائحة كريهة تنبعث منها.
فضائل غسل الأطباق يدويًا
تبدو هذه الفقرة أشبه بمجاملة لأولئك العالقين مع حوض المجلى يوميًا عدة مرات، ولكن هناك فعلًا إيجابيات لغسل الصحون يديويًا:
-
تقليل التوتر
التوتر الذي نعيشه كثير، وربما أكثر من قدرة أي أطباق مكومة على تخفيفه عند غسلها، ولكن، حسب دراسة نشرتها جامعة ولاية فلوريدا فإن غسل الأطباق بتركيز وعناية خفض التوتر بنسبة 30% من الفئة المستهدفة في الدراسة البالغ عددهم 51 مشاركًا، وزادت مشاعر الإلهام لديهم بنسبة 25%. ذلك عائد إلى الانغماس في التنظيف وتركيز الحواس في العملية والإحساس بالماء وتفحص الأطباق ولمسها للتأكد من نظافتها. ورائحة المنظف الصابوني تلعب دورًا في هذا الاسترخاء.
-
تعليم الأطفال حس المسؤولية
المشاركة في الأعمال المنزلية من الأمور الهامة في تطوير حس المسؤولية والمشاركة لدى الأطفال، كما أنها تنمي لديهم الاستقلالية والاعتماد على النفس وإدارة الوقت، واستخدام الغسالة يمكن أن يشكل عائقًا أمام هذه الأهداف التربوية لكون الحياة كلها الآن تعتمد على ضغطة زر واحدة لتنجز الآلة العمل المطلوب ولا يبذل الشخص أي مجهود. فالمشاركة في غسل الأطباق ما يزال من المهام المنزلية المتاحة أكثر من غيرها في أيامنا هذه.
قد يبدو أن قائمة سلبيات استخدام غسالة الصحون أكثر من الإيجابيات، ولكن في الحقيقة فإن معظم السلبيات يمكن تداركها والتغلب عليها بالعناية الحثيثة والمتابعة والصيانة الدورية للآلة. ولا يمكن بالنظر إلى النقاط السابقة الحكم مباشرة فيما إذا كان اقتناء آلة أو عدمه أمرًا جيدًا، بل بموازنة السلبيات والإيجابيات وتقدير الحاجة إلى الغسالة والكلفة المادية، ودراسة الخيارات المطروحة بتأنٍ لاتخاذ القرار الأنسب.
