أفادت وسائل إعلام في إيران أن شابة قد فارقت الحياة عقب احتجازها من قبل شرطة الآداب الإيرانية، وهو ما أثار موجة من التضامن مع ذويها، ودفع المئات إلى التظاهر احتجاجًا على وفاتها، على الرغم من إشارة تقارير رسمية إلى أن سبب الوفاة هو "أزمة قلبية مفاجئة"، في حين يتهم المحتجون شرطة الآداب بإساءة معاملتها وضربها على نحو أدى إلى وفاتها.
حقوقيون: وفاة أميني مأساة كان بالإمكان تجنبها
الشابة المتوفاة، مهسة أميني، تبلغ من العمر 22 عامًا، وقد كانت في زيارة إلى طهران مع عائلتها عندما احتجزتها "شرطة الآداب"، وهي وحدة في الأمن الإيراني موكلة بفرض قواعد اللباس على النساء، ضمن جهاز أنشئ خصيصًا لهذه الغاية بعيد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
وقد اندلعت سلسلة احتجاجات غرب إيران يوم أمس السبت، بالتزامن مع جنازة أميني، كما أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مظاهر احتجاجية غاضبة هتف فيها المتظاهرون ضد الحكومة الإيرانية والمرشد الأعلى للثورة، وذلك في مدينة "سقز" في محافظة كردستان الإيرانية، مسقط رأس الفتاة الضحية.
ووفق ما نقلت رويترز، فإن المتظاهرين الذين توافدوا من مدن قريبة هتفوا بشعار "الموت للطاغية"، وذلك في إشارة إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي. كما امتدت الاحتجاجات إلى مدينة سنندج، عاصمة المحافظة، واستمرت حتى وقت متأخر من الليل، قبل أن تقمع من قبل شرطة مكافحة الشغب، التي استخدمت الغاز المدمع لتفريق المحتجين. ووفق خدمة "بي بي سي" الفارسية، فإن قوات الأمن قد أطلقت النيران باتجاه عدد من المتظاهرين، وذلك بحسب مقاطع فيديو تم التحقق منها من قبل الشبكة.
Women removed their headscarves to protest at the funeral of Mahsa Amini who died after being arrested by the morality protest.
Amini was buried earlier today in her hometown of Saghez amid widespread anger. #مهسا_امینی pic.twitter.com/0QygexmVyw
— Golnaz Esfandiari (@GEsfandiari) September 17, 2022
“Death to the dictator” chants at funeral for Mahsa Amini who died after slipping into a coma in custody of Iran’s morality police. Her death has led to anger and renewed criticism of the unit that harasses women who challenge the Hijab rule #مهسا_امینی pic.twitter.com/PC9uy837w2
— Golnaz Esfandiari (@GEsfandiari) September 17, 2022
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه التلفزيون الإيراني أن أميني قد توفيت بعد أن عانت فجأة من "مشكلة في القلب" وذلك أثناء تواجدها بصحبة أخريات لتلقي "التوجيه" من شرطة الأخلاق الإيرانية. وبحسب بيان القناة الإيرانية، فإن أميني قد أسعفت إلى المستشفى على الفور وفارقت الحياة هناك.
ومن جهته، أمر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وزير الداخلية بفتح تحقيق في القضية، كما أعلنت السلطات تشكيل فريق خاص للتحقيق بالحادثة، في وصف رئيس مركز حقوق الإنسان في إيران هادي غائمي وفاة الشابة أميني بأنها "مأساة كان يمكن تجنبها".
العفو الدولية تدعو للتحقيق
تفاعلت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية مع الحادثة، حيث قالت منظمة العفو الدولية في بيان لها إنه "يجب فتح تحقيق جنائي في الظروف التي أدت إلى وفاة الشابة مهسة أميني، والتي تشمل مزاعم التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة أثناء الحجز". وأضاف بيان الأمنستي: "إن ما يدعى ـ"شرطة الآداب"في طهران قد اعتقلت أميني بشكل تعسفي قبل ثلاثة أيام من وفاتها أثناء فرض قواعد الحجاب المسيئة والمهينة والتمييزية في البلاد".
The circumstances leading to the suspicious death in custody of 22-year-old young woman Mahsa Amini, which include allegations of torture and other ill-treatment in custody, must be criminally investigated. 1/2 pic.twitter.com/pcAVeTWUnW
— Amnesty Iran (@AmnestyIran) September 16, 2022
أما منظمة هيومان رايتس ووتش فتحدثت في بيان لها عن عدد من الحوادث التي اتهمت بها الشرطة الإيرانية باستخدام القوة على نحو ينتهك القانون ضد النساء، وذلك لمجرد عدم امتثالهن لقواعد الحجاب الإلزامي في إيران، حيث يتم اعتقال النساء وتعريضهنّ لأشكال مهينة من الاحتجاز والتقريع والضرب أحيانًا، كما يتم إجبار بعضهنّ على الاعتذار المتلفز. وقالت المنظمة في بيانها: "إن وفاة امرأة بعد اعتقالها بسبب طريقة لبسها دليل على فساد شائن. من الضروري للغاية إجراء تحقيق شفاف، ومحاسبة المسؤولين عن وفاة مهسا، وتقديم تعويضات لأسرتها".
ودعت هيومان رايتس ووتش السلطات الإيرانية إلى إلغاء قانون الحجاب الإلزامي، وإلغاء و/أو إصلاح القوانين الأخرى التي تحرم المرأة من استقلاليتها وممارسة حقوقها، مؤكدة على أن ذلك شرط أساسي لتحقيق أي تقدم على صعيد القضاء على التمييز والعنف المفضي إلى الموت وعلى نحو فوق القانون وفوق المساءلة، بحسب ما ورد في البيان.
يذكر أن إيران تشهد جدلًا متصاعدًا في السنوات الأخيرة بشأن سلوك "شرطة الأخلاق" وصلاحياتها في البلاد، خاصة بعد تكرار الحوادث المأساوية بحق نساء إيرانيات لمجرد عدم تقيدهن الكامل بقواعد اللباس. ففي تموز/يوليو، الماضي، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لامرأة تقف أمام إحدى مركبات هذا الجهاز، لمناشدتهم بالإفراج عن ابنتها، وفي الشهر ذاته اختفت شابة إيرانية بعد اتهامها داخل حافلة في طهران بنزع حجابها، قبل أن تظهر عبر شاشة التلفاز الرسمية وتقدم اعتذارًا، وصفه ناشطون بأنه "اعتراف قسري".
قانون الحجاب "العفة" في إيران
أقرت إيران في 15 آب/أغسطس الماضي قانونًا يعرف باسم "قانون الحجاب والعفة"، وهو قانون يسعى إلى تفعيل إلزامية الحجاب في الأماكن العامة والتقيّد الصارم به، ومواجهة ما تصفه السلطات الإيرانية بأنه "جرأة متزايدة" للفتيات الإيرانيات بالتخفف من قواعد اللباس المعروفة في البلاد منذ الثورة الإسلامية، وتزايد مظاهر "المؤثرات الغربية الخارجية" في المجتمع الإيراني.
تشهد إيران جدلًا متصاعدًا في السنوات الأخيرة بشأن سلوك "شرطة الأخلاق" وصلاحياتها في البلاد
وقد أثار القانون العديد من الانتقادات داخل إيران وخارجها، إذ اتهم بأنه أسلوب جديد لتعزيز السيطرة على الشارع عبر قوانين تتسم بالقمع والرقابة والتدخل المفرط بشؤون الأفراد وردعهم، لا سيما وأن السلطت تخطط لاستخدام التقنيات الحديثة لتطبيق ذلك. فبحسب تقرير للغارديان البريطانية، فإن الحكومة الإيرانية تعتزم استخدام تقنية التعرف على الوجوه في وسائل النقل العام من أجل ضبط النساء اللواتي لا يمتثلن للقانون الجديد الخاص بشأن ارتداء الحجاب.