يبدو أن الحكومة التركية، اتخذت القرار رسميًا بالمشاركة في ضربات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فهي خلال النصف الأول من هذا الشهر، استهدفت عبر مدفعياتها مواقع عديدة للتنظيم في ريف حلب الشمالي، وتنفيذ الجيش التركي توغلًا داخل الأراضي السورية بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، في سعي منها لتطبيق فصول "المنطقة الآمنة"، التي أجهض تطبيقها التدخل الروسي في سوريا.
الأخبار القادمة من داخل سوريا لا تبشر بتطبيق قرار "وقف العمليات القتالية"، كون الطيران الروسي ما زال يشن غاراته الجوية على حلب وإدلب
كذلك، يشكل انضمام الحكومة البلجيكية إلى التحالف الدولي لتشمل ضرباتها ضد تنظيم الدولة سوريا مع العراق، أن الدول الأوروبية التي تعاني من هجمات تنظيم الدولة أصبح عندها الرغبة الفعلية في حصر وجود التنظيم بين سوريا والعراق، ومناطق سيطرته في ليبيا، بدأت ترى بالتوافق الروسي-الأمريكي خلاصًا لها من الاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها أراضيها.
اقرأ/ي أيضًا: جحيم سايكس بيكو..73 دولة؟
ولعل ذلك لا ينفصل عن اجتماعات فيينا التي تعقد خلال اليومين الحاليين، إذ خصصت الدول المجتمعة اليوم الأول لبحث الوضع الليبي، ودعمهم لحكومة الوفاق الوطني، في حين سيرأس اجتماع الثلاثاء 17 أيار/مايو الحالي، وزراء خارجية روسيا وأمريكا، للتوصل إلى صيغة نهائية في دعم تطبيق قرار "وقف العمليات القتالية" في سوريا، ومحاولة الخروج ببصيص أمل ينهي الصراع الدائر في سوريا.
وتأتي اجتماعات فيينا في الوقت الذي تحاول موسكو استثمار الصور التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي من قرية الزارة في ريف حماة، بعد سيطرة فصائل من المعارضة عليها منذ أيام عليها، ما جعل الخارجية الأمريكية تعبر عن قلقها مما حصل من انتهاكات في القرية، إضافة للحملة الإعلامية التي ينفذها النظام السوري عبر وسائل إعلامه المحلية والعربية.
ويمكن القول إن الأخبار القادمة من داخل سوريا لا تبشر بتطبيق قرار "وقف العمليات القتالية"، كون الطيران الروسي ما زال يشن غاراته الجوية على حلب وإدلب، والنظام السوري مدعمًا بالميليشيات الطائفية، يحاول منذ أيام اقتحام مدينة داريا غرب مدينة دمشق، والتقدم على أطراف الغوطة الشرقية، حيث شهد محيطها معارك عنيفة بين الطرفين.
وكانت قوات النظام السوري استغلت الاقتتال الدائر بين الفصائل العسكرية في الغوطة الشرقية، بعد خلاف فيما بينها تطور إلى معارك بالأسلحة المتوسطة والثقيلة دارت منذ أسبوعين بين جيش الفسطاط وفيلق الرحمن من طرف، وجيش الإسلام من طرف آخر، أدى هذا الخلاف إلى تقدم قوات النظام على أطراف بلدات الغوطة، قبل أن تستعيدها الفصائل بعد أن توصلت إلى تهدئة فيما بينها.
اقرأ/ي أيضًا: آل سعود..فروض الحرب على إيران من "تيران"
كما أن قوات النظام السوري، تحاول منذ أيام مدعومًة بالطيران الروسي والميليشيات الإيرانية، استرجاع بلدة خان طومان في ريف حلب من المعارضة السورية، إلا أن الفصائل المتواجدة في البلدة استطاعت تكبيد الحرس الثوري الإيراني خسائر بشرية، من بينها قيادات برتب عالية.
ولا يمكن تجاهل أو عزل التطورات الحاصلة في البيت الداخلي لـ "حزب الله" اللبناني، أبرز الميليشيات الداعمة للنظام السوري، عن محادثات فيينا، بعد مقتل الذراع اليمنى للأمين العام للحزب حسن نصر الله، القيادي البارز مصطفى بدر الدين، بعد استهدافه بتفجير خلال إحدى الاجتماعات بالقرب من مطار دمشق الدولي.
قيادة "حزب الله" أعلنت أن فصائل إسلامية متطرفة في الغوطة الشرقية، هي من قام باستهداف بدر الدين، في الوقت الذي نفت فيه فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، أن تكون استهدفت المناطق الموازية لمطار دمشق بالصواريخ وقذائف الهاون، ما يرجح عدة فرضيات، من بينها أن قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، هو من أمر بتصفيته، بعد خلاف نشب بين الاثنين على تواجد عناصر الحزب في سوريا.
إلا أن ظهور نصر الله عبر شاشات التلفاز منذ يومين، لا يدل على أن عناصر الحزب المتواجدة في دمشق وريفها بشكل مكثف، ستلتزم الصمت على مقتل بدر الدين، وهو ما تؤكده تقارير غربية، تتحدث عن أن الحزب بدأ يطالب أنصاره، بالترويج إلى أن من قتل بدر الدين هم الجماعات المتطرفة، وليس غارة جوية إسرائيلية، ما يرجح ارتفاع وتيرة المعارك في الغوطة الشرقية خلال الأيام القادمة.
تدخل موسكو الاجتماع وفي جعبتها التقارير الأممية القادمة من قرية الزارة، واسترجاع قوات النظام السوري لمدينة تدمر الأثرية، واحتقان عناصر ميليشيا «حزب الله» على مقتل قائدهم، مدعومًة بالتسليم الدولي لخياراتها المتعددة في سوريا، فيما تحاول المعارضة القتال على أكثر من طرف، ومطالبة باسترجاع الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، وتحقيق تقدم على حساب قوات النظام، في ظل امتناع المجتمع الدولي عن تزويدها بالأسلحة النوعية، ما يجعل حظوظها في فيينا قليلة نسبيًا، وهو ما حصل معها خلال مباحثات جنيف الأخيرة.
اقرأ/ي أيضًا: