كيف تعامل النظام المصري مع المنظمات الحقوقية والمدنية؟ ولماذا يخشاها؟
ارتفعت حالات المنع من السفر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي لتصل إلى 117 حالة وهي بذلك الفترة الأكثر تضييقًا على حرية التنقل والسفر
للإجابة على هذه الأسئلة من المهم أن نفهم لماذا يخشى النظام المصري مؤسسات المجتمع المدني، والحقيقة أنه يخشاها لأن الأدوار المنوطة بها تتقاطع مع آليات إدراة الدولة بشكل كبير.
فالجمعيات الحقوقية هي التي تشارك في صياغة التشريعات وخاصة ما كان منها متعلقا بحرية الرأي والتعبير، وهي مقياس رصد الانتهاكات لتلك التشريعات فيما بعد من حالات الاعتداء على النشطاء والمدنيين ومصادرة حرياتهم تحت أي بند أوحجة وهي المختصة بالمساعدة في كل ما يختص بالعمليات التي تجري داخل المجال العام المفتوح مثل تنظيم الانتخابات والتظاهرات وندوات التأهيل والتدريب والتوعية السياسية والحقوقية وغيرها، كما تقوم بدور مؤثر – وخاصة في الدول الكبرى – في عملية صناعة الرأي العام أوحتى توجيهه.
كيف واجه النظام في مصر عمل تلك المؤسسات المدنية والحقوقية؟
أولًا: المنع من السفر
هناك 185 حالة منع من السفر خلال خمس سنوات في الفترة بين شباط/فبراير2011 إلى شباط/فبراير 2016.
وتتصدر حالات المنع من السفر بسبب أنشطة سياسية وحقوقية ودينية القائمة بواقع 121 حالة، بينما يأتي المنع من السفر على ذمة قضايا (مع الضبط) في المرتبة الثانية بواقع 54 حالة، يليهما المنع من السفر على ذمة قضايا (دون ضبط) بواقع 10 حالات.
و تشير مبادرة دفتر أحوال- وهي مبادرة حقوقية مستقلة - في تقريرها حول الموضوع أن حالات المنع من السفر بلغت 6 حالات في عهد المجلس العسكري الذي حكم البلاد عقب ثورة يناير2011، مقابل 4 حالات في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي الذي استمر عامًا، و58 حالة في عهد الرئيس السابق عدلي منصور الذي استمر عامًا أيضًا، بينما ارتفعت حالات المنع من السفر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي لتصل إلى 117 حالة وهي بذلك الفترة الأكثر تضييقًا على حرية التنقل والسفر.
اقرأ/ي أيضًا: بعد السيسي..مفتي مصر لن يدخل إلى جنوب إفريقيا؟
ثانيًا: مصادرة الأموال
وهي إحدى الاستراتيجيات التي انتهجها النظام في سبيل التضييق على النشطاء ومنهم حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وجمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وبهي الدين حسن رئيس مركز القاهرة لحقوق الإنسان، ومصطفى الحسن مدير مركز هشام مبارك للقانون، وعبد الحفيظ طايل رئيس المركز المصري للحق في التعليم.
وقد علقت صحيفة الفاينانشال تايمز على لسان فيليب لوثر، مدير مكتب منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط، بالقول أن السلطات المصرية تقوم بتلفيق القضايا للنشطاء الحقوقيين لإسكات الأصوات المنتقدة للحكومة، في الوقت الذي تعيش فيه الدولة المصرية أوضاعًا اجتماعية واقتصادية حرجة للغاية.
ثالثًا: المداهمات
المداهمات التي قام بها الأمن المصري لاقتحام الجمعيات الحقوقية شملت عدة منظمات ومراكز للعمل المدني من بينها مؤسسة "كونراد إديناور" التي ترتبط بصلات وثيقة بالحزب المحافظ الذي تتزعمه المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل والمركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة، ومرصد الموازنة العامة لحقوق الإنسان وغيرها الكثير وقدمت حوالي 23 مؤسسة منها مذكرة لرئيس الوزراء وقتها الدكتور إبراهيم محلب تدعوه فيها إلى وقف الهجمات على هذه المؤسسات وتعديل قانون منظمات العمل المدني الذي ستؤدي تبعاته إلى جعلها مجرد مؤسسات صورية تابعة للحكومة.
اقرأ/ي أيضًا: 5 تصريحات مثيرة للجدل للسيسي في "غيط العنب"
رابعًا: الملاحقات القضائية..القضية رقم 173
على موقع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية جاء تعريف القضية رقم 173 بقضية "التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني". وكان مجلس الوزراء قد أمر وزير العدل في تموز/يوليو 2011 بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق للنظر في التمويل الأجنبي الذي تحصل عليه منظمات المجتمع المدني وتحديد ما إذا كانت تلك المنظمات مسجلة بموجب القانون 84. تم استكمال التقرير في أيلول/سبتمبر 2011، وإدراجه كجزء من الأدلة المقدمة من النيابة بحق المنظمات في ملاحقة 2012-2013، وتضم الوثيقة تقريرًا من قطاع الأمن الوطني، وآخر من جهاز المخابرات العامة، وكلاهما يذكر بالتقريب كل منظمة حقوقية مصرية مستقلة تعمل في مصر، علاوة على المنظمات الدولية التي لوحقت عقب ذلك وصدرت عليها أحكام.
في حزيران/يونيو 2013، حكمت إحدى محاكم الجنايات بالقاهرة على 43 من العاملين المصريين والأجانب في بعض المنظمات الأجنبية بالسجن لمدد تتراوح بين سنة و5 سنوات. حكم على المديرين وكبار العاملين بالسجن لمدة 5 سنوات، وكانت معظم الأحكام غيابية، أما العاملين المصريين الذين ظلوا داخل البلاد فقد حصلوا على أحكام بالسجن لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ. كما أمرت المحكمة بإغلاق المنظمات المعنية، وهي المعهد الجمهوري الدولي، والمعهد القومي الديمقراطي، وفريدم هاوس، والمركز الدولي للصحافة، ومؤسسة كونراد أديناور.
على خلفية هذه القضية تم ملاحقة الحقوقيين والمنظمات المدنية وتم توجيه تهم أدت في النهاية إلى منعهم من السفر وتجميد أموالهم ووصلت إلى إغلاق مقار أعمالهم أو تشمعيها كما حدث مع مركز النديم في شباط/ فبراير الماضي.
اقرأ/ي أيضًا:
أشرف مروان..كيف تجاهلت إسرائيل جاسوسها الأثمن؟
ترامب يلحق بكلينتون في استطلاعات الرأي