أبو حمزة المهاجر، أبو وضاح المهاجر، نشر تنظيم ولاية سيناء المبايع لتنظيم الدولة الإسلامية، صورًا لهما كمنفذين لعملية التنظيم قبل الأخيرة، والتي استهدفت فندق إقامة القضاة في العريش، الأخير انتشرت معلومات عنه تناقلتها المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي، عن تأييده السابق للبرادعي وكرهه الشديد للتيار الإسلامي، وبحسب المعلومات المتناقلة، أن عمرو -أبو وضاح- لم تكن له علاقة بالجماعات الجهادية قبل ذلك، وأنه هو وعمر الذي اشترك معه فى العملية الانتحارية وكان يطلق على نفسه "أبو حمزة المهاجر"، اختفيا من منزلهما منذ ستة أشهر.
ثغور الرباط، أو المرابطة على حدود ماسّة مع الصهاينة، يعتبر هذا النوع من الدعاية أقدم دعايات التنظيم لاجتذاب "مهاجرين"
تفتح هذه المعلومات وغيرها، تساؤلاتٍ كثيرة، كيف يقوم التنظيم باستقطاب هؤلاء الشباب وتجنيدهم، وعلى أي أساس يقبلهم عناصر مبايعين، دون أن يحدث هناك اختراق أمني من قبل أجهزة الأمن بكل أجنحتها.
بدايةً يجب التفرقة بين استراتيجية داعش سيناء، وداعش سوريا والعراق، فالأخيرة بالفعل لديها موارد بشرية متوفرة وتعمل على إدارة تلك الموارد فقط، أما في سيناء فالاستراتيجية تقوم على اجتذاب عناصر جديدة ومن ثمّ تجنيدهم.
حسب ما يرد في إصدارات الولاية المصورة، فإن عماد التنظيم وأساسه، هم من فئة الشباب، وتظهر من هذه المقاطع اختلاف اللهجات بين المتحدثين، فمنهم من ينتمي لصعيد مصر، ومنهم البحري، ومنهم أبناء دلتا النيل.
هانئ (اسم مستعار) شاب منتمي للفكر السلفي الجهادي، التقيته في إحدى المدن التركية للحديث عن الاستراتيجية المتبعة لدى تنظيم ولاية سيناء في تجنيد عناصر جديدة والاستنادات التي تستند عليها عملية التجنيد، والفئات المستهدفة من هذا التجنيد.
الشباب هم الأساس، وخاصةً الشباب الجامعي، يبدأ هانئ حديثه، ويتم استهدافهم عن طريق التأكيد في إعلام التنظيم ومن خلال المتحدثين عبر الإصدارات المصورة، على فشل المسار السياسي والديمقراطية في مصر لن تحقق أي حكم إسلامي يؤدى لتطبيق الشريعة الإسلامية، وعلى قضية الدم. ينتفض من على مقعده متحدثًا بصوت عالٍ جدًا أثار انتباه رواد المقهى، الفض والتصفيات من النقاط المهمة جدًا، فحينما يجد الشاب نفسه، حاول مرة، وأخرى، وأخرى التغيير بالطرق السلمية، ولم يجن إلا الرد عليه بالقتل والحرق، بالتالي تتأكد لديه قناعة بأن التغيير لن يأتي إلا بالسلاح.
وبمتابعة الخطاب الإعلامي لولاية سيناء، فإن إحدى ركائز الرسائل الإعلامية للتنظيم، هي قضية "المعتقلات"، يؤكد التنظيم في كل بياناته على "الثأر" للأخوات الأسيرات، عملية فندق القضاة ذُكر ضمن أسبابها أيضًا (الأخوات الأسيرات) كما يعتاد التنظيم تسميتهم، ضابط آخر من ضباط معبر رفح البري، قتله التنظيم بعد تسجيل اعترافاتٍ له يؤكد فيها قيام قوات الشرطة باغتصاب المعتقلات، وهتك أعراضهن.
ثغور الرباط، أو المرابطة على حدود ماسّة مع الصهاينة، يعتبر هذا النوع من الدعاية أقدم دعايات التنظيم لاجتذاب "مهاجرين"، منذ عام 2011، وتكون موجهة لجنسيات معينة، أبرزهم من المنتمين للجزيرة العربية. هآرتس الصهيونية في تقريرٍ أصدرته قبل أيام، أكدت فيه أن ما وصفته -بالإرهاب- الفلسطيني يعتبر خطرًا، لكن -الإرهاب- القادم من سيناء يعتبر أكثر خطورة.
تطبيق الشريعة والانضمام لدولةٍ إسلامية قامت وتسعى إلى تطبيق شرع الله في الأرض، يكون هذا الخطاب -بحسب هانئ- موجهًا لطلبة العلم الشرعي، ويكون الهدف منهم "نشر العلم بين الناس" قبل البدء في تطبيق الشريعة.
في إصدار صولة الأنصار 2، وإصدارات أخرى تعمّد التنظيم إظهار أكثر من "شرعي" بلهجات مصرية مختلفة، وبحسب بعض المعلومات المتوفرة، فإنه نتيجة اتساع رقعة سيطرة التنظيم على أراضٍ في سيناء، وضرورة وجود وفرة في العلماء الشرعيين كونت هيئة شرعية كبيرة للتنظيم، تناسب طبيعة المجتمع السيناوي.
مهمة هؤلاء الشرعيين، هي الجولات الدعوية للمواطنين فى الشوارع، والكلمات التحفيزية للجنود قبل المعارك، وعمل دورات شرعية للعناصر، والمحاكم الشرعية للفصل بين المواطنين في النزاعات.
يعتبر منهج تجنيد الشباب داخل سيناء مميزًا، فالتركيز بالأساس يكون على أبناء القبائل الكبيرة، شادي المنيعي القيادي الميداني بالتنظيم، ينتمي لواحدة من أكبر القبائل السيناوية. كذلك يعمد تنظيم ولاية سيناء إلى تحييد أطراف الامتدادت الاجتماعية في سيناء، للوقاية من حدوث صراع داخلي.
وعن الأعضاء الجدد، فإنه يسري عليهم ما يسري على أقرانهم في سوريا والعراق من أدبيات جهادية متعارف عليها، لكن بشكل أكثر سرية، وأكثر تحجيمًا، نظرًا لطبيعة سيناء المختلفة عن الفروع الكبيرة الأخرى.
دورة شرعية بسيطة في البداية، ثم أخرى عسكرية يأتي بعدها تصنيفهم على الأقسام التنظيمية حسب مؤهلاتهم وقدراتهم.
طالما الدولة المصرية مستمرة في قمعها للشباب، لن يجد الشباب ملجأ لهم إلا التنظيمات المشابهة للدولة الإسلامية
عددهم تقريبًا؟ لا يهم! أجابني هانئ، لكن يظهر في الإصدارات الزخم العددي الموجود، والقدرات العددية المتوفرة، ظهر ذلك بشكل كبير في إصدار صولة الأنصار2.
وبحسب أدبيات التنظيم وتطور الحركة على أرض الواقع، وطبقًا لإدارة التوحش، كما يسميها التنظيم فى أحد أكبر مرجعياته، يعتمد التنظيم على استغلال القمع والظلم والمناطق الواسعة هشة الإدارة من قبل الدولة، كما سيناء، ليسجل انتصارًا ضد خصمه ومن ثم استغلال هذا القمع فى توسيع رقعة المنضمين إليه، الأمر الذى يضعنا وجهًا لوجه مع مزيد من عمليات التجنيد وبالطبع مزيد من التواجد على الأرض.
تركت هانئ لدفع الحساب، طالبًا منه جملةً ينتهي بها اللقاء، فأراح ظهره، ثم بدأ التحدث بهدوء أكثر مما كان عليه: "طالما الدولة المصرية مستمرة في قمعها للشباب، لن يجد الشباب ملجأ لهم إلا التنظيمات المشابهة للدولة الإسلامية، وإذا لم يكُن هناك قمع، لن يكون هناك هذا السعي الحثيث من الشباب للانضمام إلى ولاية سيناء."
اقرأ/ي أيضًا: