للإعلام الأردني نصيبه من رياح التحولات في الإقليم، العنصرية والطائفية. منذ دخول أول لاجىء سوري إلى الأراضي الأردنية، ظهر عبر أثير إذاعات محلية أردنية، وبعض من المواقع الإلكترونية "خطاب الكراهية". النعت قاسٍ لكنه حقيقي. وفي الوقت الذي يشيع جزء من الإعلام لمقولة "الأردن بلد مضياف ومرحب بجيرانه وقت أزماتهم" يتضح أن كل ما يهم الإعلام الأردني هو التجسيد الأكثر شوفينية وتعنتًا، أي "الأردن أولا".
منذ دخول أول لاجىء سوري إلى الأردن، ظهر عبر أثير إذاعات محلية وبعض المواقع الإلكترونية "خطاب الكراهية"، النعت قاسٍ لكنه حقيقي
بحسب الإعلامي والخبير الحقوقي والمتابع لقضايا اللاجئين السوريين، محمد شما "برز ما يسمى بخطاب الكراهية في بعض من وسائل الإعلام الأردنية المحلية بحق مجموعات من الأقليات مثل المرأة واللاجئين"، تزامناً مع التحولات في المنطقة. وأخطر ما في هذا التحولات، أنها "جاءت من قبل وسائل إعلام كان عليها أن تستوعب الفئات المهمشة بدلًا من أن تخلق خطابا يحرض عليهم".
ولم تتوقف الأصوات المضادة للاجئين عند التحريض فقط، بل تعدت ذلك إلى إشاعة دعاوي عدم استقبال اللاجئين أساسًا، وطرد من وصل منهم. ويعود انتاج مثل هذا النوع من الخطاب المنافي لكافة قيم ومعايير العمل الإعلامي وأخلاقياته، ولحقوق الإنسان كذلك، إلى عدة أسباب، من أهمها استغلال بعض المؤسسات الإعلامية للظروف الاقتصادية المتدهورة في الأردن وربط ذلك بازدياد أعداد اللاجئين لا بالمشكلات البنيوية للاقتصاد الأردني، وكذلك تستغل هذه الجهات فزاعة ارتفاع نسب البطالة ومنافسة اللاجئ للمواطن على الأعمال المتوفرة، كي تزيد من مستوى الاحتقان الذي لا يحتاج إلى المزيد من التأجيج.
وتتصدر المواقع الإلكترونية والإذاعات المحلية قائمة المؤسسات المحرضة على اللاجئين، ويصل خطابها إلى حدود وقحة لا تخفي رفض الآخر، وهذا ليس بالجديد على جوقة المواقع والإذاعات المرتهنة لأجندات سياسية مشبوهة، إذ كانت قد تصاعدت موجة بث خطاب التحريض بالترافق مع الحراك الشعبي الأردني 2011، ضد النشطاء والحقوقين والإعلاميين الذين ناصروا الحراك وساروا في ركبه. ما أدى إلى تجاوب قطاع من الشارع الأردني مع مثل هذا الخطاب، ودفع إلى الاعتداء على عدد من الناشطين من قبل من استجابوا لهذا الخطاب، أو دفعوا من قبل نفس الجهات التي تغذيه.
بحسب وجهة نظر المختص في علم الاجتماع، حسين محادين، فإن "الإعلام يلعب دور صاحب الصوت المرتفع، دون اللجوء إلى تحليل العوامل التي تفضي إلى وجود تنافر مصالح بين أي طرف في علاقة حياتية ما"، وأضاف، "ما نشهده من تصاعد للخطاب التحريضي ما هو إلا نتيجة غياب الضوابط العقلانية والحقوقية عن خطاب قطاع واسع من المؤسسات الإعلامية في الأردن".
لا يعني هذا أن الأردنيين جميعهم ضدّ السوريين، لكن لا مفر من الاعتراف أن جذور مثل هذه التنافرات مردها ارتفاع تكاليف الحياة واحتدام التنافس في سوق العمل، في ظل غياب للدولة عما يجب أن تقدمه لمواطنيها العاطلين عن العمل، وكذلك للاجئين على أراضيها. من حق اللاجئين أن يتم التعامل معهم وفق قواعد القانون الدولي الإنساني، إن لم يكن وفق حقوق الجيرة والأخوة والتضامن العربي في الأساس.