04-سبتمبر-2018

دندراوي الهواري، رئيس التحرير التنفيذي لليوم السابع، المتهم بالتحرش (اليوم السابع)

قصص كثيرة تروى في جلسات النميمة، لعشرات الأسماء اللامعة من أجيال متعاقبة، بعضها امتهن الصحافة في وقت الفراغ، في حين كانت وظيفتهم اليومية التحرش والمضايقات والابتزازات الجنسية والمهنية لصحفيات. وليست مصر وحدها التي تنتشر فيها تلك النوعية من الصحفيين ولا تلك الحوادث.

تعد اليوم السابع أكثر الصحف المصرية انتهاكًا للحياة الشخصية للصحفيين العاملين بها، لدرجة معاقبة الصحفيين على هيئتهم الشخصية

وخلال الأيام الماضية، تدور في مصر معركة تشغل بال الوسط الإعلامي، وانتقلت إلى السياسي أيضًا، بدأت مع إعلان مي الشامي، الصحفية في جريدة اليوم السابع، تقديمها بلاغًا ضد رئيس التحرير التنفيذي للجريدة، دندراوي الهواري، متهمة إياه بالتحرش بها لفظيًا وجسديًا، داخل الجريدة. 

اقرأ/ي أيضًا: "اليوم السابع" .. غباء اللقاء الأول مع الأوسكار

واختلفت القضية عن سابقتها من قضايا التحرش عندما صبغت بالصبغة السياسية، وكذلك الاستعانة بزميلات مي، لاستباحة أسرارها الشخصية والعائلية، مع التشكيك في حالتها النفسية، في محاولة للضغط عليها لمنعها من استكمال التحقيقات في القضية.

وخلال رحلة دفاع الصحفيات المدافعات عن رئيسهم دندراوي الهواري، رئيس التحرير التنفيذي، أو الرجل الثاني في الصحيفة بعد خالد صلاح؛ عرف الوسط الصحفي المصري، مصطلح "قدسية صالة التحرير"، والذي أطلقته صحفية كحجة للهجوم على مي، التي "خانت القدسية لمطالبتها بالتحقيق في قضية تحرش"، كما قالت الصحفية.

وتعد جريدة اليوم السابع، أكثر الجرائد المصرية التي تنتهك الحياة الشخصية للصحفيين العاملين فيها، والذي يمكن أن يعاقب بالفصل في حال انتقاد أي منهم لأي مسؤول مصري وبالأخص الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، كما يعاقب فيها الصحفي على ترك لحيته عقوبة فورية بالخصم من رابته. ويلفت نظر بعضهم في حال تركه أظافره، كل ذلك ولم تمس قدسية الصالة من وجهة بعض الصحفيات العاملات في الجريدة الأقرب للأجهزة الأمنية!

أزمة مي الشامي

أزمة الزميلة مي الشامي انتقلت من الجريدة إلى صفحات السوشال ميديا وبعض القنوات الفضائية، وأخذت طابع امتزجت فيها السياسة مع الانتهاكات الإعلامية، واستخدم مؤيدو دندراوي الهواري كل الوسائل ضد زميلتهم، بعد أن أعلنت في وقت سابق عن تقديمها بلاغًا، ونشرت عبر حسابها الشخصي، بيانًا في نهاية آب/أغسطس الماضي، أكدت فيه تعرضها للتحرش باللفظ واللمس داخل صالة التحرير. 

وقالت مي الشامي إنها تقدمت ببلاغ حول الواقعة في قسم الشرطة التابعة له الصحيفة. وأشارت مي الشامي لاتهامها شخصًا بالتحرش، في إشارة إلى الهواري ولكنها لم تذكره صراحة في أي بيان، هي أو المحامية الخاصة بها، مطالبة النقابة بدعمها ومعلنة عدم مسؤوليتها عن أي تسريبات تخرج للسوشال ميديا.

وعقب إصدار مي الشامي للبيان، بدأت حملة تضامن معها عبر وسم "#أدعم_مي_الشامي". وكانت الأمور تسير على نحو مهني وأخلاقي. ولكن بشكل مفاجئ، أخذت القضية منحى سياسيًا بعد نشر رئيس التحرير التنفيذي بيانًا على صفحته ينفي فيها التهمة، ويشير إلى طلبه إجراء تحقيق في الواقعة التي اعتبر أنها حملة منظمة من "الأعداء السياسيين"، ليبدأ التراشق بين معارضي النظام من جانب ومؤيديه من جانب آخر، مبتعدين إلى حد كبير عن القضية الأساسية. 

وخرج الإعلامي أحمد موسى في برنامجه اليومي يدافع عن الهواري، ويتهم جماعة الإخوان في تركيا بدعم قطري بالتسبب في الأزمة لمحاربة "رجل وطني" -يقصد دندراوي- يدافع عن مصر ويحب الجيش!

مي الشامي من جانبها نفت أن تكون لقضيتها أبعاد سياسي، وفضلت أن تظل الأمور ضمن سياقها الصحيح: جريمة تحرش تطلب التحقيق فيها. وأكدت على بدء إجراءات التقاضي من الإعلامي أحمد موسى، كما أكدت انتصار السيد، -محامية مي- على رفض تحول القضية لأزمة سياسية. ونشرت على صفحتها صورة ضوئية من المذكرة المقدمة للنقابة من قبل مي الشامي، التي طالبت فيها بتدخل النقابة، وكذلك التحقيق مع رئيس التحرير التنفيذي، وحمايتها منه لما له من نفوذ واسع داخل المؤسسة التي تعمل بها. كما تقدمت بمذكرة ضد أحمد موسى عضو النقابة، واتهمت مي الشامي فيها بتحويله شكوى يحقق فيها إلى أزمة سياسية، لتشويه سمعتها.

"قدسية الصالة"

وخلال الأزمة الدائر، نظمت بعض الصحفيات في اليوم السابع، حملة للدفاع عن رئيس التحرير التنفيذي، كانت أبرزهن صحفية تدعى جهاد الديناري، رئيسة قسم السوشال ميديا في الجريدة. 

وفي معرض دفاعها عن رئيسها في العمل، تحولت للحديث عن خصوصيات حول مي وعلاقتها الشخصية بزوجها والتشكيك في حالتها النفسية، خاصة وأن مي الشامي كان لها مواقف سابقة ضد التحرش. وتسربت عقب بيانها محادثة نالت قدرًا كبيرًا من السخرية من مستخدمي فيسبوك، قالت فيها جهاد الديناري، إن مي الشامي "خانت قدسية صالة التحرير" في الجريدة، وانتقد البعض حديث الصحفية المدافعة عن دندراوي الهواري عبر وسم "#جهاد_الديناري_تدعم_التحرش". كما سخر البعض من تعبير "قدسية صالة التحرير" في اليوم السابع، التي تعد واحدة من أكبر مساحات انتهاكات الحقوق والحريات وحرية الرأي في المؤسسات الصحفية المصرية.

وتتصاعد سلطة خالد صلاح ومن خلفه دندراوي الهواري في الإعلام المصري، لقربه من أجهزة أمنية مصرية، فهو مستشار وصاحب نفوذ كبير داخل شركة إعلام المصريين المملوكة لشركة إيجل كابيتال، وهي المؤسسة التي تمتلك اليوم السابع والعديد من الصحف والإصدارات عبر الإنترنت وقنوات فضائية، وكذلك شركة دعاية وإعلان، ومحطات راديو. وثمة الكثير من الشبهات حول امتلاك إحدى الأجهزة الأمنية السيادية للشركة التي تضخمت لتتفوق من حيث عدد الإصدارات والنفوذ على العديد من المؤسسات الإعلامية المصرية الحكومية، وعلى رأسها مؤسسة الأهرام الحكومية الأكثر عراقة والأقدم في مصر والوطن العربي.

تحدث "ألترا صوت" مع نحو خمسة صحفيين مازال بعضهم يعمل داخل الصحيفة، اشترطوا جميعهم عدم ذكر أسمائهم حرصًا على عدم التنكيل بهم من جانب رئيس التحرير خالد صلاح، والذي يقول البعض إن سلطاته تتجاوز حيز اليوم السابع إلى أي صحيفة أخرى في مصر. 

وأكدوا جميعًا على عدة نقاط، على رأسها أن الحسابات الشخصية للصحفيين العاملين داخل اليوم السابع والإصدارات الأخرى التابعة لها، مراقبة من جانب زملاء لهم في الجريدة، وبرهن بعضهم على ذلك بما قام به خالد صلاح في تموز/يوليو 2017، عندما أصدر قرارًا بفصل عدد من الصحفيين لإعلان رفضهم توقيع اتفاقية تيران وصنافير، التي تنازل النظام المصري بموجبها عن الجزيرتين للمملكة العربية السعودية. وعرض خالد صلاح على بعض المفصولين كتابتهم على فيسبوك الرافضة للاتفاقية، مدعيًا وقتها أن عبدالفتاح السيسي مالك الجريدة ولا يجوز معارضته!

 ويظن بعض من استطلعنا آراءهم حول ما يحدث في صالة التحرير ذات "القدسية" المزعومة، أن إدارة الجريدة تراقب الرسائل الخاصة على حسابات السوشال ميديا للصحفيين، في حال ما تم استخدام الحسابات من الأجهزة الخاصة في الجريدة. ولكن لم توثق تلك الادعاءات، ولم يعلن حساب شخص عن رسائله.

وتشير المصادر التي تحدث معها "الترا صوت"، إلى إن خالد صلاح يتخذ عدة تدابير غريبة بحق العاملين في الجريدة، من بينها منع الصحفي من ترك لحيته وتغريم من يُضبط بلحيته "غير مهندمة وقصيرة" بغرامة قدرها 100 جنيه. كما أنه يمر بشكل عشوائي على مكاتب بعض الصحفيين لرؤية أظافرهم، وما إذا كانت تحتاج إلى تنظيف وتقليم أم لا، بدعوى الاهتمام بالصورة العامة للجريدة. كما حذر من قبل الصحفيين الشبان من ارتداء بناطيل الجينز الممزقة، وسبق أن طلب من زميل وضع مزيل عرق بشكل علني عبر ورقة في لوحة الإعلانات!

التحرش بالصحفيات والنساء العاملات

وبالرغم من القدر الثقافي الذي من المفترض أن يتمتع به أبناء مهنة الصحافة والإعلام، إلا أن الحديث عن التحرش داخل المؤسسات الإعلامية في مصر له تاريخ طويل، غير أن أغلب القضايا تنتهي بالحفظ أو التنازل أو التراضي بين الطرفين. وعادة ما تنتهي بخسارة الصحفية، خاصة لو كان للمتهم نفوذ كبير لدى المؤسسات الأخرى.

وكانت أبرز الأزمات التي نالت قدر من الانتشار البلاغ المقدم في 2016 من منى يسري الصحفية في مؤسسة روزاليوسف، حول قيام رئيس تحرير المؤسسة آنذاك بالتحرش لها ومطاردتها تلفونيًا.

وكشفت دراسة أعدتها "الشبكة العربية لدعم الإعلام"، بعنوان "رؤية الصحفيات المصريات لأنفسهن من واقع ممارستهن المهنية"، نشرت في آذار/مارس 2014، أن أكثر من 35% من صحفيات مصر يواجهن التحرش خلال العمل. واحتل التحرش اللفظي نسبة أكبر من التحرش الجسدي، من مصادر صحفية ومن داخل العمل. 

وفي آب/أغسطس 2014، أجرى الاتحاد العام لعمال مصر دراسة حول التحرش، كشفت عن تعرض نحو 30% من العينات للتحرش اللفظي. وأجريت الدراسة على نحو 20 ألف سيدة وفتاة تتراوح أعمارهن ما بين 20 إلى 55 عامًا. 

كشف دراسة عن أن أكثر من 35% من صحفيات مصر، يواجهن التحرش الجنسي اللفظي والجسدي خلال العمل

كما كشف استطلاع لمؤسسة "المرأة الجديدة" في آذار/مارس 2016، استهدف نحو 58 سيدة، إلى أن أغلب النساء اللاتي شملهن التقرير تعرضن للتحرش داخل المؤسسات التي يعملن بها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

التحرش الجنسي متواصل في مصر.. والشرطة على الخط

شاهد.. صحفيات يواجهن السعار الجنسي على الهواء مباشرة!