لم يمر قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي الجزائري، طاهر حجار، باللجوء إلى تمديد التوقيت البيداغوجي في الجامعات والتدريس في الفترة الليلية، دون أن يخلف الكثير من الانتقادات واستياء في أوساط النقابات والأساتذة الجامعيين وأولياء الطلبة.
ويعتبر هذا القرار سابقة في تاريخ الجزائر المستقلة، إذ يفترض القرار أن تقوم الجامعات بالتدريس في الفترة المسائية، وإن اقتضى الأمر حتى الساعة السابعة ليلًا، على غرار الجامعة الليلية التي يؤمها في الغالب الإطارات والموظفون لإتمام دراساتهم العليا أو تدارك بعض النقائص في تكوينهم.
وبررت الوزارة قرارها بظاهرة الاكتظاظ وقلة المرافق الجامعية التي يمكنها أن تستوعب الأعداد المتزايدة للناجحين في شهادة الباكالوريا/الثانوية العامة، من سنة إلى أخرى. وأكد وزير التعليم العالي، في تصريحات محلية، أن "وزارته اتخذت جملة من الإجراءات لمنع حدوث أي ضغط على مستوى الجامعات ومن ذلك مراجعة توقيت التدريس".
ووصف الطلبة وأولياؤهم قرار التدريس ليلًا ب"القرار المفاجئ" ويرى كثيرون أنه لا ينسجم مع الطابع المحافظ لعدد كبير من العائلات الجزائرية الرافضين لخروج بناتهن ليلًا خوفًا من الاعتداءات الجسدية. وتمثل الفتيات حوالي 62 في المئة من مجموع طلاب الجامعات الجزائرية.
قرار وزير التعليم العالي الجزائري التدريس ليلًا بالجامعات جاء أحاديًا دون استشارة الأساتذة والطلبة
تقول سلمى، وهي طالبة جديدة مسجلة بجامعة الجزائر العاصمة وكانت تعيش في إحدى المحافظات الداخلية، لـ"ألترا صوت": "طالع والدي قرار الوزارة في الصحف وأقسم أن يمنعني من مواصلة الدراسة الجامعية إذا ما تم تطبيق القرار وهذا سيكون مدمرًا لكل مستقبلي العلمي والمهني".
ومن جانبها، عبرت عائشة، وهي طالبة في السنة الثانية بكلية الحقوق بجامعة قسنطينة، عن تفاجئها من قرار وزير التعليم العالي وأضافت: "وجدت مشاكل كبيرة العام الماضي عندما كنا ننهي الدراسة على الساعة الخامسة مساء، وأصل بذلك إلى البيت في حدود الثامنة ليلًا بسبب الازدحام المروري الذي تعرفه الفترة المسائية، خاصة في فصل الشتاء، فمتى سأصل المنزل إن تواصلت الدراسة إلى الثامنة ليلًا مثلًا؟". وتشتكي زميلة عائشة، عفاف، من مشكل الاعتداءات والمعاكسات ليلًا خاصة وهي لا تملك سيارة وتقطن بعيدًا عن موقف الحافلات مما سيضطرها للمشي وحيدة فترة طويلة أثناء العودة ليلًا إلى منزلها.
من جهتها، نفت النقابات الجامعية استشارتها في الموضوع كما نفت أن يكون لأساتذة الجامعات أي إطلاع على قرار التدريس ليلًا رغم ارتباطهم المباشر بالعملية التعليمية وخضوعهم لقوانين الوظيفة الحكومية، التي تسيرها قوانين واضحة منذ سنوات وهي لا تتضمن إمكانية العمل ليلًا. وهو ما ينبئ، حسب البعض، بموجة احتجاجات من الطلبة والأساتذة مع مستهل العام الدراسي في الجامعات.
وفي سياق متصل، يوضح عبد المالك رحماني، رئيس نقابة الأساتذة الجامعيين بالجزائر، لـ"ألترا صوت": "القرار من صلاحيات وزير التعليم العالي إلا أنه كان يجب استشارة كل المعنيين بالأمر، خاصة الأساتذة وكان الأولى أن تكون هذه الفكرة مدروسة بإحكام من طرف الجميع".
ويرجح المتابعون لوضع الجامعات في الجزائر، أن فكرة التدريس في ساعات متأخرة من المساء أو ليلًا لا يمكن أن تنجح إلا بتوفير الإمكانات اللازمة التي تضمن إيصال الطلبة إلى منازلهم آمنين وتُحضر المجتمع الجزائري وخاصة العائلات المحافظة في الجهات الداخلية أساسًا لتقبل ذلك.