يعتبر شهر رمضان محكًا حقيقيًا للقنوات التلفزيونية، لقياس شعبيتها ومدى متابعة مختلف شرائح المجتمع للبرامج التي تبثها، برامج يعتبرها القائمون على تلك القنوات تستجيب لأذواق العائلة الجزائرية، وتتنوع بين الدراما والكوميديا، وبرامج دينية وأخرى ترفيهية تبث على شكل سهرات رمضانية مباشرة، هذه البرامج وبعد مرور أسبوع منذ انطلاق شهر رمضان يبدو أنها لم تكن في مستوى تطلعات المشاهد الجزائري، ردود الفعل بعد بث أولى حلقات البرامج تنم عن عدم رضًا واسع وتذمر من مستوى المواد المقدمة، بل وذهب البعض إلى حد وصفها بالرديئة والبعيدة كل البعد عما هو منتظر تلقيه.
اجتاحت موضة "السيتكوم" جميع القنوات الجزائرية إذ نجد قرابة 50 سلسلة كوميدية جزائرية في رمضان هذا العام
من أبرز النقاط التي لاحظها المتتبعون، التشابه الكبير في مضمون تلك البرامج والغياب الكامل للمسة الإبداعية والتقليد لبرامج كانت تبث في قنوات عالمية وعربية، كما يظهر جليًا شح الأعمال الدرامية، وهو ما أرجعه الكثيرون لضعف ميزانيات القنوات الخاصة، وعدم تعاملها مع منتجين كبار وشركات إنتاج معروفة.
أما عدد المسلسلات المعروضة فكان قليلًا جدًا، ويتقدمها مسلسل "قلوب تحت الرماد"، الذي أنتجته القناة الوطنية الجزائرية، والذي تسعى من خلاله إلى الظفر بأكبر نسب المشاهدة، وهو ما ظفرت به حسب آخر الاستطلاعات، إذ يعتبر المسلسل أحد أكثر الأعمال مشاهدة، خاصة أنه منتج موجه للعائلة وقد سخرت له القناة كل وسائل النجاح من خلال تعاملها مع أبرز الممثلين في الساحة الجزائرية.
اقرأ/ي أيضًا: انطباعات أولية حول مسلسلات رمضان المصرية
غياب الأعمال الدرامية الجديرة بالمتابعة يرجع بالأساس إلى ضعف في النصوص واستنساخ لنفس السيناريوهات منذ سنوات، وهو ما جعل الكثيرين يتساءلون لمَ لا تقوم القنوات وشركات الإنتاج بالاستفادة من نصوص الروايات، ولماذا لا يستعين كتاب النصوص بروايات جزائرية ناجحة، عوض الاستمرار في "اجترار" نفس المشاهد منذ سنوات، وهنا يرى الروائي محمد بن جبار أنّ "الذين عهـد لهـم العمل التلفزيوني لا يقرؤون ولا علاقــة لهم بالفن ولا بالأدب، إنهم يستنفذون الأموال فقط"، فيما يعتقد الإعلامي سمير بوحالة أن "المشكل يكمن في المخرجين الذين لا يزالون يعملون بطرق بدائية ولا يستثمرون في القصة أو السيناريو".
فوضى البرامج تظهر بوضوح في البرامج الفكاهية، والتي ترى فيها القنوات الوسيلة الأولى لجذب المشاهدين، حيث اجتاحت موضة "السيتكوم" جميع القنوات إذ نجد قرابة 50 سلسلة كوميدية جزائرية، ويرجع ذلك للميزانية الضعيفة التي تتطلبها مثل هذه الإنتاجات إضافة إلى عدم حاجة المنتج لعدد كبير من الممثلين فيها.
أهم ما يميز برامج رمضان في الجزائر منذ عشرات السنوات، ما يسمى بالكاميرا الخفية، والتي يمكن اعتبارها المطلب الأول للمشاهدين
إن أهم ما يميز برامج رمضان في الجزائر منذ عشرات السنوات، ما يسمى بالكاميرا الخفية، والتي يمكن اعتبارها المطلب الأول للمشاهدين، ما جعل جل القنوات تدرجها في وقت الذروة مباشرة بعد الإفطار لكن تلك البرامج تسقط غالبًا في فخ التكرار والصراخ والارتجال واستفزاز ضيوفها بطريقة لم تلق إعجاب المشاهد الجزائري لهذا العام، برامج تعنف ضيوفها من أجل إضحاك المشاهد، رداءة لم يستسغها غالبية المتابعين.
اقرأ/ي أيضًا: الإعلام المصري.. خارطة مشبوهة
ميزة أخرى للبرامج الرمضانية، تكرست في عدة قنوات منذ سنوات، وهو تعامل شركات الإنتاج مع نجوم اليوتيوب الشباب، ومنحهم فرصة الظهور على الشاشات بنفس الطريقة والأفكار التي كانوا يطرحونها عبر الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي، وهي برامج نالت إعجاب الكثيرين خاصة شريحة الشباب، ولعل أنجح ما قدم في هذا الجانب برنامج "التجربة"، لنجم اليوتيوب الأول في الجزائر أنس تينا.
مع حالة عدم الرضا هذه، يجد المشاهد الجزائري نفسه مضطرًا للهجرة نحو القنوات العربية الأخرى التي تقدم مادة أثقل دسمًا طيلة أيام الشهر، كما يتابع أيضًا الأعمال الدرامية العربية التي يقدمها التلفزيون الرسمي أو القنوات الخاصة، حيث تصدر، خلال السنوات الخمس الفارطة، المسلسل السوري "باب الحارة" قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة من طرف الجزائريين في شهر رمضان.
اقرأ/ي أيضًا: