قالت وزارة الداخلية القطرية، إن عنوانا (IP) من داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، كانا وراء عملية الاختراق لوكالة الأنباء القطرية (قنا). وعرضت الوزارة القطرية "جزءًا" من الأدلة التي حصلت عليها من خلال التحقيق المشترك مع كل من مكتب التحقيق الفدرالي الأمريكي (FBI)، والوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة البريطانية (NCA)، حول اختراق موقع وكالة "قنا" وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي وقع في 23 أيار/مايو الماضي، ونشر خلاله تصريحات ملفقة لأمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والتي كانت بداية الحملة ضد قطر، وصولًا إلى الحصار الذي فرضته عليها أربع دول عربية، هي الإمارات والسعودية والبحرين ومصر.
أعطت أدلة التحقيقات التي كشفت عنها قطر، استدلالات بشأن تورط الإمارات في اختراق وكالة الأنباء القطرية
الاستدلالات القطرية التي كُشف عنها خلال مؤتمر صحفي في الدوحة، مساء اليوم الخميس، أعطت بعض الأدلة التي أكدت توقعات المراقبين حول تورطٍ ما، أو دور مشبوه للإمارات في الاختراق، وبث تصريحات ملفقة على لسان أمير قطر، خاصة مع الاستعداد التقني والفني من جانب وسائل الإعلام التي تبث من دولة الإمارات، وعملها حتى الفجر بكامل قوتها وبأبرز وأهم مذيعيها ومحلليها التقليديين.
اقرأ/ي أيضًا: الاستخبارات الأمريكية: الإمارات وراء اختراق وكالة الأنباء القطرية
هذا ورفضت وزارة الداخلية إعلان أية اتهامات مُباشرة لأشخاص بعينم، مُعتبرةً أن دورها هو جمع الأدلة المُدينة لمن يقف وراء عملية الاختراق، وأن جهات التحقيق وعلى رأسها النائب العام القطري علي بن فطيس المري، هي الموكلة بإعلان أسماء المتهمين.
ويُشار إلى أن المسؤولين في المؤتمر أكّدوا على أنّ ما أُعلن عنه يُعد "جزءً من كل"، وأنّ الإفصاح عن أغلب الأدلة سيُؤجل لعدم التأثير على سير التحقيقات.
خطوات الجريمة
وخلال المؤتمر، عُرض فيلم تسجيلي يكشف كيف نفّذت عملية الاختراق وخطواتها، ووفقًا لرئيس لجنة التحقيق، المقدم علي المهندي، فإنّ عملية الاختراق التي بدأت بتثبيت برامج خبيثة، تمّت في تمام الساعة 12 و13 دقيقة بعد منتصف الليل، ثم تبعها نشر تصريحات مفبركة على لسان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وذلك عبر موقع الوكالة وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح المهندي أنّ الموقعين (آي بي)، اللذان حدثت عبرهما عملية الاختراق، موجودان في دولة الإمارات، وأنّ جهة التحقيق توصلت إلى أرقام هواتف استخدمت لإجراء عملية الاختراق، التي بدأ التجهيز لها، بحسب المهندي، منذ 19 نيسان/أبريل، عندما تسلل المخترق باستخدام برنامج للتخفي (VPN)، وأجرى كشفًا كاملًا على الموقع بعملية استطلاع.
ثم في 22 نيسان/أبريل الماضي، استغلّ المخترق ثغرة ثبّت من خلالها برامج تجسس، وبعدها استخدم برنامج "سكايب"، وتشارك الأمر مع شخصٍ آخر، ثم أجرى اتصالات مُباشرة مع بعض دول الحصار. وكشف المهندي أيضًا عن أن ثمّة رقم هاتف أوروبي استخدم في عملية الاختراق، التي انتهت بنشر التصريحات المفبركة، وهو ما يعني أن عملية الاختراق تمت قبل نشر التصريحات بوقت طويل، وكأن الشخص المخترق في انتظار أوامر بدء عملية نشر التصريحات المفبركة!
"عملية الاختراق جريمة"، كما قال المهندي، مُوضحًا أنها على ثلاث مستويات، الأول يتمثل في الاختراق نفسه وزرع برامج تجسس خبيثة، والثاني هي جريمة نشر الأخبار والتصريحات المفبركة على لسان أمير قطر، والثالث والأخير يتمثل في الأمور المستفادة من عملية الاختراق ونشر التصريحات المفبركة، وفيمن كان ينتظر نشر المفبركات لبثها من جديد ضمن الحملة المدبر لها بليل.
مصادفات متعمّدة!
وتابع المؤتمر الصحفي نشر التأكيدات حول الترتيبات الواضحة من جانب المخترقين، والتي "تصادف" عمدًا كما يبدو، توافقها مع آراء دولة الإمارات التي أعلنت مع السعودية ومصر والبحرين فرض حصار على قطر، إذ قال النقيب سالم الحمود، إنه "لدى السلطات القطرية تفاصيل الهاتف الأوروبي الذي استخدم لاستغلال الثغرة الأمنية".
وأضاف الحمود: "حجم تصفح الموقع خلال الشهر السابق لعملية الاختراق كان عاديًا، ولكن في منتصف ليلة الاختراق أصبح التصفح من دولة الإمارات يزيد بشكل غير مسبوق"، مُشيرًا أنّه "على غير العادة ازداد تصفح موقع الوكالة من خلال موقعين "IP" من دولة الإمارات، قبل اختراق الوكالة، لنحو 45 مرة، في فترة زمنية قصيرة"، وكأنّ ثمّة ما يريد الاطلاع عليه.
بدأ التجهيز لعملية الاختراق منذ نيسان/أبريل الماضي ببث برامج تجسس خبيثة، في انتظار اللحظة المناسبة لنشر التصريحات المفبركة
تأتي تلك الأدلة بالتزامن مع ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن مسؤولين في جهاز الاستخبارات الأمريكي، أنّ المعلومات التي تم تحليلها حديثًا، والتي جمعتها وكالات الاستخبارات الأمريكية؛ أشارت إلى أنه في 23 أيار/مايو الماضي، ناقش مسؤولون إماراتيون كبار، خطة اختراق مواقع حكومية قطرية وتنفيذها، ولكن لم يتم التأكد مما إذا كانت الإمارات قد نفذت عملية الاختراق بنفسها أو من خلال التعاقد من جهة اُخرى.
اقرأ/ي أيضًا: واشنطن بوست: حصار قطر يبوء بالفشل
ويأتي إعلان تلك الأدلة أيضًا متزامنًا مع ما نقلته "بي بي سي" عن مصادر مطلعة، من أنّ دول الحصار سحبت قائمة المطالب الـ13، وأنها باتت تفضّل حل الأزمة "ودّيًا"، وذلك بعد أسابيع من الحصار الفاشل على قطر، والتي ثبت خلالها زيف ادعاءات دول الحصار، بل وتورطها فيما اتهمت به قطر.
اقرأ/ي أيضًا:
تقدير موقف: أزمة العلاقات الخليجية القطرية.. في أسباب الحملة ودوافعها