قاطعت الدول العربية النسخ الأربعة الأولى من كأس أمم آسيا، بسبب مشاركة فريق الاحتلال الإسرائيلي فيها، ونتج عن النسختين الأولى والثانية تتويج كوريا الجنوبية باللقب، فيما استطاع فريق الاحتلال أن يظفر بالنسخة الثالثة التي أقيمت في فلسطين المحتلّة، قبل أن تفتتح إيران سجلّ ألقابها القارّية، عندما توّجت بالنسخة الرابعة التي استضافتها بنفسها.
ضغطت الدول العربية وبعض الدول الإسلامية في آسيا بشكل كبير على الاتحاد الدولي لكرة القدم من أجل طرد فريق الاحتلال الإسرائيلي من الاتحاد الآسيوي الذي كان يترأسّه الماليزي تونكو عبد الرحمن، والذي لم يبخل في الضغط على ستانلي روس رئيس الفيفا آنذاك من أجل تحقيق ما يتوافق مع مصلحة الكرة الآسيوية، فالقارّة خسرت مشاركة أكثر من نصف الدول، ولا يحلّ هذه المشكلة سوى إقصاء فريق الاحتلال وإبعاده عن عائلة الاتحاد الآسيوي. ونجح الأمر أخيراً، وأصبح فريق الاحتلال منتسباً لمنظّمة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وهو أمر اعتبره الكثيرون انتصاراً دبلوماسياً على الصهاينة، وربّما كان الانتصار الدبلوماسي الوحيد منذ تأسيس الكيان.
اقرأ/ي أيضًا: تاريخ كأس آسيا.. كيف كتبت كوريا أولى صفحات تاريخها الكروي؟
تسبب هذا الحراك الدبلوماسي بارتباك أجندة التصفيات وتأخيرها حتّى معرفة ما ستفضي إليه الأمور، وفور إعلان إبعاد فريق الاحتلال من مظلّة الاتحاد الآسيوي شاركت الدول العربية في التصفيات، والتي أقيمت بنظام مجموعتين يتأهّل فريقان من كلّ واحدة إلى النهائيّات التي سيحدّد مكانها لاحقاً، وسيلحقون بإيران حاملة اللقب، وكوريا الجنوبية التي كان عليها مواجهة فريق الاحتلال كي تظفر بمكان لها في النهائيات، ومع رحيله أصبح المقعد لها.
دخل الإيراني حسين كيلاني التاريخ كصاحب أوّل هاتريك في تاريخ كأس آسيا
وُزّعت الفرق الـ13 في التصفيات على مجموعتين ضمّن الأولى تايلند وبروناي وإندونيسيا وماليزيا وكمبوديا وهونغ كونغ، ولعبت فيما بينها نظام تجمع في تايلند، بإقامة دوري من مرحلة واحدة، ونتج عنها تأهّل تايلند وكمبوديا، وضمّت المجموعة الثانية فرق العراق والكويت وسوريا والبحرين ولبنان والأردن، وكان الفريق غير العربي الوحيد في المجموعة هو سيلان "سيريلانكا حالياً"، وتأهّل من هذه المجموعة فريقي العراق والكويت ليكونا أوّل من مثّل العرب في كأس آسيا، وبعد انتهاء التصفيات تمّ إقرار إقامة البطولة في تايلند، لتكون الوحيدة في تاريخ كأس آسيا التي استضافت البطولة وشاركت في التصفيات، وتمّ توزيع الفرق الست المشاركة في النهائيات على مجموعتين، حيث تلعب فيما بينها بنظام الدوري من مرحلة واحدة ويتأهّل الأول والثاني للدور نصف النهائي، وحوت المجموعة الأولى فرق إيران وتايلند والعراق، فيما ضمّت الثانية كوريا الجنوبية وكمبوديا والكويت.
اقرأ/ي أيضًا: تاريخ كأس آسيا.. لماذا غاب العرب عن النسخة الثانية من البطولة؟
تعرّضت العراق للخسارة في مباراتها الافتتاحيّة أمام إيران حاملة اللقب بثلاثة أهداف دون رد، سجّلها كلّها حسين كلاني، فدخل التاريخ كصاحب أوّل هاتريك في كأس آسيا منذ انطلاقة البطولة عام 1956، ومع تعادل العراق أمام تايلند بهدف لمثله، توجّب على العراقيين أن ينتظروا نتيجة المباراة الختاميّة بين إيران وتايلند من أجل ضمان المركز الثاني، وخسارة تايلند بفارق يفوق 3 أهداف تعني التأهّل لمربّع الكبار، لكنّ تايلند استطاعت في دقيقتين أن تسجّل هدفين تقدّمت بهما على إيران، قبل أن تنتفض الأخيرة وتسجّل ثلاثة أهداف في خمس دقائق عبر عبر علي جباري، وهو أسرع هاتريك في تاريخ كأس آسيا، والفترة الفاصلة بين هدف تايلند الأول في الدقيقة 69 وهدف إيران الثالث بالدقيقة 79 لا يزيد عن 10 دقائق، بذلك رافقت تايلند إيران للدور نصف النهائي.
تسبّب استهتار الكويت أمام كمبوديا بفضيحة كبرى هزّت الرياضة الكويتية
سحقت كوريا الجنوبية فريق كمبوديا في افتتاح مباريات المجموعة الثانية بأربعة أهداف لواحد، لكنّ الكويت صدمت الكوريين بانتصارٍ مدوٍ 2-1، وهنا اعتقد الكويتيون أنّ التواجد في الدور نصف النهائي بات أمراً محسوماً، بل ذهبوا لأبعد من ذلك وأراحوا نجومهم في مباراة كمبوديا شبه المحسومة لصالحهم من أجل إراحتهم لخوض الدور نصف النهائي، لكنّ هذا الغرور تسبّب بفضيحة هزّت الشارع الكويتي، عندما مُني الفريق بهزيمة تاريخية أمام كمبوديا بأربعة أهداف دون رد، وهنا تأهّل للدور نصف النهائي فريقا كوريا الجنوبية وكمبوديا، واللذان تفوّقا على الكويت بفارق الأهداف.
تخطّت إيران بصعوبة الكمبوديين في الدور نصف النهائي بعدما غلبتهم 2-1، فيما ذاقت كوريا الجنوبيّة الأمرّين حتى تخطّت تايلند صاحبة الضيافة، لأن المواجهة انتهت بالتعادل السلبي، فاحتكم الفريقان لوقت إضافي لأوّل مرّة في تاريخ البطولة، فسجّلت تايلند هدف التقدّم مبكّراً وعادل الكوريون النتيجة لاحقاً، ليلجأ الفريقان لركلات الحظّ الترجيحية التي أعلنت تأهّل الضيوف للمباراة النهائيّة، وهي كذلك المرّة الأولى التي تقام ركلات الترجيح في كأس آسيا.
ابتسمت ركلات الترجيح أخيراً أمام أصحاب الأرض في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع بعدما انتهت مواجهة تايلند وكمبوديا بالتعادل 2-2، فيما احتاجت إيران لوقت إضافي كي تظفر باللقب على حساب كوريا الجنوبيّة، بعد أن انتهى الوقت الأصلي بالتعادل1-1، فكان هدف إيران الثاني بالوقت المضاف سبباً رئيسياً للتتويج القارّي الثاني على التوالي لإيران، والتي عادلت رصيد خصمها بعدد مرّات الفوز في كأس آسيا، فأصبح كلّ فريق يملك لقبين بعد خمس نسخ.
اقرأ/ي أيضًا: