ألترا صوت - فريق التحرير
مثَّلت ثورات الشعوب العربية في عام 2011، لحظة فارقة في تاريخ المنطقة، تمخضت عنها مرحلة جديدة أفرزت تحولاتٍ وتساؤلاتٍ عديدة، شغلت الأوساط الأكاديمية والفكرية والثقافية أيضًا، حيث سعى العاملون في هذه الحقول إلى مقاربتها ومواكبتها والتعبير عنها عبر وسائل مختلفة.
يُعنى "شُبَّاك" بتوفير مساحةٍ تتيح للجمهور البريطاني الاطلاع على الثقافة العربية التي تأثرت بالربيع العربي أو تمخضت عنه
ولم يقتصر الاهتمام بتداعيات هذه الأحداث وما ترتب عليها، على الأوساط العربية فقط، لا سيما على الصعيدين الثقافي والفني، إذ انخرطت مؤسسات دولية عديدة في هذه المساعي، وأُطلقت عدة نشاطاتٍ وتظاهراتٍ ثقافية لأجل الهدف ذاته.
اقرأ/ي أيضًا: النسخة الثالثة من "أيام قرطاج الكوريغرافية".. احتفاءٌ متواصلٌ بالجسد
ولعل أبرز هذه التظاهرات، هو مهرجان "شُبَّاك: نافذة على الثقافة العربية المعاصرة"، الذي انطلقت مساء يوم أمس الأحد، العشرون من حزيران/ يونيو الجاري، فعاليات دورته السادسة في العاصمة البريطانية لندن، على أن تستمر حتى السابع عشر من تموز/ يوليو القادم.
يُقدَّم المهرجان الذي انطلقت دورته الأولى عام 2011، والذي يَعتبر القائمون عليه أنه خرج من رحم الأحداث التي شهدها، باعتباره تظاهرة ثقافية تُعنى بتوفير مساحةٍ تُطلِع الجمهور البريطاني على الثقافة العربية المعاصرة التي تأثرت بانتفاضات الربيع العربي، أو تمخضت عنه، حيث يسعى منظموه إلى إحاطته بتحولاتها ومتغيراتها وجديدها في مجالات الأدب والفنون البصرية والتشكيلية والاستعراضية، إلى جانب السينما والموسيقى وغيرها.
وامتدادًا لهذه المساعي، تأتي الدورة السادسة التي يعكس برنامجها، وفقًا لما جاء في بيان إيكهارد ثيمان، المدير الفني للمهرجان، رغبة المنظمين في: "التواصل مع الأشخاص والأفكار عبر الحدود في عالم غير مستقر، ويطرح المهرجان الذي يقام في ظل جائحة كوفيد – 19، وجهات نظر جديدة حول كيفية لقائنا مرة أخرى، ويتساءل عن الكيفية التي تُشكِّل بها الأحداث التاريخية والتجارب الشخصية وجودنا".
ويضيف إيكهارد ثيمان في بيانه: "ينسج مهرجان شُبَّاك لعام 2021 خيوطًا عديدة بين الأشخاص والمواقع والأفكار، إلى جانب توفيره: "مساحة يلتقي فيها التاريخ الشخصي بالمشاركة السياسية، حيث يمكننا إعادة التفكير في الهويات في ضوء التواريخ وانعدام المساواة واتخاذ خطوات أولية وواعدة نحو مستقبل جديد مشترك".
افتُتِحت فعاليات الدورة السادسة من المهرجان الذي يقام مرة كل عامين، عند السابعة من مساء يوم أمس بعرضٍ مسرحيٍ بعنوان "عودة دانتون"، للمخرج عمر العريان، كتابة مضر الحجي وأداء "تجمع مقلوبة" الذي يضم مجموعة من الفنانين السوريين المقيمين في أوروبا، ومنهم أمل عمران، ومحمد آل رشي، ومحمد ديبو، وكنان حميدان، الذين قدَّموا نسخة معاصرة من نصٍ كلاسيكي بنفس العنوان للكاتب الألماني جورج بوشنر موت دانتون.
وتتميز دورة "شُبَّاك" لعام 2021، بتعدد فعالياتها التي تشمل مجموعة متنوعة من العروض المسرحية والموسيقية والاستعراضية أيضًا، بالإضافة إلى عددٍ من المعارض الفنية وورش العمل متنوعة المواضيع والاتجاهات، من بينها ورشة تقام بالشراكة مع مشروع "دردشي" حول اللغة والعناية بالذات من خلال الفنون والوسائل الإبداعية.
وتتضمن الفعاليات أيضًا، ندوات حول الشعر، والحرب، والهجرة، والفن التشكيلي، وصناعة الأفلام، والثورات، والموسيقى، ومسائل الهوية، والجندر، والرقص، وغيرها. إلى جانب عروضٍ مسرحية، وحفلات إطلاق كُتب، ونشاطات أخرى سيقام بعضها افتراضيًا بسبب صعوبة التنظيم في ظل الإجراءات الاحترازية المتبعة لمواجهة انتشار وباء كوفيد – 19، على أن يتاح بعضها الآخر للجمهور.
وتقام على هامش فعاليات دورة هذا العام، نسخة جديدة من مهرجاني "سفر السينمائي"، الذي يوفر للجمهور فرصة للاطلاع على تنوع السينما العربية في مراحل زمنية مختلفة، و"رام الله للرقص المعاصر". كما وتشهد أيضًا إقامة معرضٍ يضم نحو 100 عملٍ فنيٍ موزع على الصور الفوتوغرافية، والنقوش، والمنحوتات، والكتب، وغيرها من الأعمال التي تسلط الضوء على موضوعات تتعلق بالجندر، والتاريخ، والهوية، والسياسة. وبحسب بيان المنظمين، يستشكف المعرض الذي يستضيفه المتحف البريطاني: "التقاليد الشعرية والتقاطعات بين الماضي والحاضر".
تتميز دورة "شُبَّاك" لعام 2021، بتعدد فعالياتها التي تشمل مجموعة متنوعة من العروض المسرحية والموسيقية والاستعراضية
وإلى جانب ما سبق، سيكون جمهور المهرجان على موعدٍ مع معرضٍ فني بعنوان "وجوه مستعارة: استدعاء المستقبل"، الذي يتناول تأثير وانعكاسات الحرب الباردة على القطاعات والممارسات الثقافية في منطقتي شرق البحر المتوسط وشمال أفريقيا، بوصفها: "واحدة من أكثر الفترات خصوبة في تاريخ النشر والثقافة العربية".
اقرأ/ي أيضًا: "بايبود" في نسخته السابعة عشرة.. ما يتبقى من الجسد
ويسعى المعرض عبر محتوياته التي تشمل مجموعة من الصور الفوتوغرافية، والأفلام، والكُتب، والمجلات الموزعة على ثلاثة أقسام رئيسية، إلى تفكيك: "السياسات الثقافية والسياسية للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة"، والإضاءة على: "الشبكات والمشروعات التي موَّلتها القوى العظمى المتنافسة".
اقرأ/ي أيضًا:
انطلاق مركز دراسات ثقافات المتوسط
مؤتمر الدراسات الفنية في نسخته الثالثة.. مستقبل المتاحف ما بعد الجائحة