تراجعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن عرض حلقة من البودكاست الخاص بها "ذا ديلي"، حول تقرير نشرته الصحيفة، عن مزاعم وجود "عنف جنسي من قبل عناصر حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر"، وذلك بعد جدل "داخلي غاضب، حول جودة التقرير الذي تعتمد عليه حلقة البودكاست"، بحسب ما نُشر في موقع "ذا إنترسبت".
وكانت حلقة البودكاست، تستند بشكلٍ كامل على تقرير الصحفي جيفري جيتلمان الحائز على جائزة بوليتزر، والذي زعم أن حماس "استخدمت العنف الجنسي بشكل منهجي كسلاح في الحرب".
تتراجع نيويورك تايمز عن بث حلقة بودكاست، تعتمد على تقرير نشرته يزعم حصول "حالات عنف جنسي بشكلٍ ممنهج في يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر"
ويشير "ذا إنترسبت"، إلى أن تم "الاحتفاء" في التقرير داخل الصحيفة الأمريكية، وحصل على إشادة المحرر التنفيذي جو كان، الذي وصف التقرير بـ"مثال على أفضل نوع من التقارير المؤسسية التي تستطيع الصحيفة القيام بها".
ومع تزايد الانتقادات الموجهة لتقرير جيتلمان داخليًا وخارجيًا، قام المنتجون في "ذا ديلي" بتعليق نشر الحلقة بشكلٍ مؤقت، مع عملية صياغة جديدة للنص "تسمح بعدم اليقين، وتطرح أسئلة مفتوحة، لم تتواجد في التقرير الأصلي، الذي قدم النتائج التي توصل إليها كدليل قاطع على الاستخدام المنهجي للعنف الجنسي كسلاح في الحرب".
ورغم إيقاف البث وإعادة كتابة مسودة الحلقة، إلّا الجدل الكبير يتواصل داخل الصحيفة، وذلك يعود إلى أنه "في حال نشر النص، بصيغة قريبة من التقرير الأصلي، فهناك مخاطرة بإعادة نشر أخطاء جسمية. أمّا في حال نشر نسخة مختلفة، فإن ذلك سوف يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الصحيفة لا تزال متمسكة بالتقرير الأصلي". وفي الوقت نفسه، تقول مصادر في "نيويورك تايمز"، إنه تم تكليف جيتلمان بمهمة متابعة لجمع الأدلة التي تدعم تقريره الأصلي.
يضيف "ذا إنترسبت"، يشعر النقاد الداخليون بالقلق من أن المقال يمثل كارثة صحفية أخرى على مستوى "الخلافة"، وهي سلسلة من حلقات البودكاست، تم بثها في عام 2018، وكشف عن زيف شهادة كاملة نشرت فيها.
وقال أحد موظفي التحرير في صحيفة "نيويورك تايمز": "يبدو أنه لا يوجد وعي ذاتي في القمة. تستحق القصة المزيد من التدقيق في الحقائق والمزيد من التقارير. تم تطبيق جميع المعايير الأساسية على عدد لا يحصى من القصص الأخرى".
وانتقد التقرير بشكلٍ كبير، إذ أن عائلة الشخصية الرئيسية فيه، رفضت واستنكرت ما نشر في التقرير، كما ظهرت تناقضات في المزاعم التي قدمها "الشاهد" الرئيسي.
Shut it down, inside the New York Times office now pic.twitter.com/NY7oAK4aIg
— Amany khalifa أماني خليفة (@AmanyKhalefa) November 9, 2023
انحياز منهجي
وفي تحليل سابق لموقع "ذا إنترسبت"، لتغطية صحيفة نيويورك تايمز، والواشنطن بوست، ولوس أنجلوس تايمز، للحرب الإسرائيلية على غزة "تحيزًا ثابتًا ضد الفلسطينيين".
في صحف نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ولوس أنجلوس تايمز، تظهر الكلمات "إسرائيلي" أو "إسرائيل" أكثر من كلمة "فلسطيني" أو ما يرادفها، مع أن عدد الضحايا في غزة فاق الوفيات الإسرائيلية بكثير. ومقابل "كل قتيلين فلسطينيين، يتم ذكر الفلسطينيين مرة واحدة. ومقابل كل وفاة إسرائيلية، يتم ذكر الإسرائيليين ثماني مرات، أي بمعدل 16 مرة أكثر لكل وفاة من الفلسطينيين".
وبحسب التحليل، استخدمت الصحف "مصطلحات عاطفية للغاية"، عند تغطية إسرائيل، مثل "مذبحة" (slaughter)، و"مجزرة" (massacre)، و"مروعة" (horrific)، وكانت "مخصصة بشكل شبه حصري للإسرائيليين الذين قُتلوا على يد الفلسطينيين، وليس العكس".
ويوضح التحليل: "تم استخدام مصطلح "مذبحة" (slaughter)، من قبل المحررين والمراسلين لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بنسبة 60 إلى 1، وتم استخدام كلمة "مجزرة" (massacre) لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بنسبة 125 إلى 2. وتم استخدام كلمة "مروعة" (horrific) لوصف القتل الإسرائيليون مقابل الفلسطينيين 36 إلى 4".
اتخذت قيادة صحيفة نيويورك تايمز منذ فترة طويلة موقفًا مؤيدًا لإسرائيل بشكل تلقائي
ويقول التحليل: "أحد العناوين الرئيسية النموذجية في صحيفة نيويورك تايمز، جاء في مقال منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، حول هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وكتب "لقد ركضوا إلى ملجأ من القنابل من أجل السلامة. وبدلًا من ذلك، تم ذبحهم". قارن هذا مع تقرير نيويورك تايمز الأكثر تعاطفًا مع القتلى الفلسطينيين في غزة اعتبارًا من 18 تشرين الثاني/نوفمبر، الذي جاء بعنوان: "الحرب تحول غزة إلى "مقبرة" للأطفال". المقبرة هنا هي اقتباس من الأمم المتحدة والقتل نفسه هو بصيغة المبني للمجهول. وفي افتتاحيتها، لا تستخدم قصة نيويورك تايمز حول الضحايا في غزة أي مصطلحات عاطفية يمكن مقارنتها بتلك الواردة في قصتها حول هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر".
ووفق "ذا إنترسبت": "لقد اتخذت قيادة صحيفة نيويورك تايمز منذ فترة طويلة موقفًا مؤيدًا لإسرائيل بشكل تلقائي، وليس من المستغرب أن تغطية الصحيفة لم تتأثر بالانتقادات. واستسلمت أيضًا لحملات الضغط التي قامت بها هيئة مراقبة وسائل الإعلام الموالية لإسرائيل لتغيير أو تخفيف تغطيتها لإسرائيل".