الترا صوت – فريق التحرير
تصاعدت التظاهرات في البصرة، في موجة جديدة اندلعت منذ الأيام الأخيرة من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، احتجاجًا على الفساد وسوء الخدمات والبطالة، بعد نحو شهرين من الهدوء النسبي فشلت الحكومة خلالها بتقديم شيء من تعهداتها للمتظاهرين، فيما سقط جريحان واعتقل عدد من المتظاهرين والناشطين بعد صدامات مع القوات الأمنية.
تتمثل الموجة الجديدة من الاحتجاجات بتظاهرات يومية أمام مبنى محافظة البصرة، لحين تحقق المطالب التي رفعها البصريون في مظاهرات الصيف
ارتدى المتظاهرون البصريون "السترات الصفراء"، على غرار الاحتجاجات في فرنسا، واقتحم عدد منهم مقر إقامة وزيري المالية والعمل، اللذين كانا في زيارة إلى المحافظة، وأجبراهما على مغادرة المدينة بعد مهاجمة موكبهما بالحجارة، وسط هتافات تهدد بتصعيد التظاهرات.
تتمثل الموجة الجديدة من الاحتجاجات بتظاهرات يومية أمام مبنى محافظة البصرة، لحين تحقق المطالب التي رفعها البصريون في مظاهرات الصيف، حسب ناشطين وشهود عيان تحدثوا لـ "ألترا صوت"، من بينهم حسن صباح.
اقرأ/ي أيضًا: آلاف حالات التسمم في البصرة.. مشهد مكتمل لمدينة منكوبة
يقول صباح الذي كان شاهدًا على "اعتداءات واعتقالات" نفذتها القوات الأمنية ضد متظاهرين وناشطين وحتى صحافيين وإعلامين شاركوا في تغطية التظاهرات، إن "المتظاهرين يخططون لتصعيد مستوى الاحتجاج مجددًا".
حيث اعتقلت القوات الأمنية في البصرة متمثلة بـ"قوة سوات"، عددًا من الناشطين والمتظاهرين والإعلامين، قبل أن تفرج عن بعضهم، في حين مددت احتجاز ناشطين من بينهم "صفاء فلاح، حيدر كريم، حاكم عادل، علي حميد، جراح فجر، حيدر كريم، موسى فرج، زين العابدين علي، نبراس عبد الأمير، والشيخ رضا إسماعيل"، كما كشف مصدر أمني في المدينة، مشيرًا إلى أن تهمة اعتقالهم هي "الاعتداء على موظف حكومي".
كان من أبرز المعتقلين رجل الدين رضا إسماعيل التميمي، الذي يعد من الناشطين البارزين في المحافظة والذي ساهم في حماية متظاهرة بصرية تعرضت للضرب على يد "قوات سوات"، حيث وثقت عدسات وسائل الإعلام صورة لها أثارت موجة سخط شعبي ضد الحكومتين المحلية والمركزية على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد أن ظهر محافظ البصرة وهو يهم بضرب أحد المتظاهرين الذين أحاطوا بموكبه وسط المدينة.
وقالت المتظاهرة وتدعى "أم يوسف" في مقطع مصور، إن "المتظاهرين خرجوا مجددًا في وقفات احتجاجية يومية، للمطالبة بالحقوق، ضمن سلسلة الاحتجاجات التي تشهدها البصرة منذ سنوات، والتي تقابلها الحكومة بأذن صماء".
وروت المحتجة البصرية، تفاصيل الاعتداء الذي تعرضت له على الرغم من سلمية التظاهرات، حسبما أكدت، مشيرة إلى أن "الاعتداء طال مناطق اليد والرقبة من جسدها، وأخرى حساسة، ما أدى إلى نزيف، فضلًا عن شتائم تعرضت لها"، معتبرة هذه الاعتداءات التي طالت المتظاهرين "خرقًا للنظم الإنسانية والدولية".
في هذا السياق، يحذر ناشطون من أن التعامل بعنف مع المظاهرات سيعود بتصعيد الاحتجاجات الشعبية، داعين إلى تحقيق مطالبهم، وأبرزها توفير الخدمات، ومعالجة ملوحة المياه في المحافظة، وتوفير فرص عمل للعاطلين، والقضاء على الفساد، مؤكدين عدم وجود أي دور للقوى السياسية أو الحزبية أو جهات متنفذة في تجدد التظاهرات، التي تميزها هذه المرة السترات الصفراء.
يحذر ناشطون من أن التعامل بعنف مع المظاهرات سيعود بتصعيد الاحتجاجات الشعبية، داعين إلى تحقيق مطالبهم، وأبرزها توفير الخدمات
وكانت البصرة قد شهدت خلال الأشهر الستة الماضية تظاهرات مستمرة أعنفها في شهر أيلول/سبتمبر، حيث شهدت المدينة أعمال عنف وحرق لمؤسسات حكومية ومكاتب أحزاب سياسية، فضلًا عن القنصلية الإيرانية.
اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة.. نار القمع والإفقار تأكل عاصمة اقتصاد العراق!
لا تمثل "السترات الصفراء" "تقليدًا" للاحتجاجات في فرنسا، كما يؤكد الناشط البصري علي النور، الذي قال في تصريح صحافي، إن "أبناء البصرة ارتدوا هذه السترات في المظاهرات المدنية التي خرجت في عام 2015"، عادًا عودتها في هذا التوقيت "تعبيرًا عالميًا ضد السلطات التي تغيّب أولويات مواطنيها".
وعلى خلاف الأوضاع في فرنسا حيث "انتصر" أصحاب السترات الصفراء، بعد أن أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، أن الحكومة قررت التراجع بصورة نهائية عن زيادة الضرائب على الوقود، فإن مطالب البصريين لا تزال تواجه بـ"العنف والتسويف"، وهو ما قد يؤدي إلى تهديد حكومة عادل عبد المهدي التي تواجه أزمات كبيرة، كما يؤكد عضو مجلس محافظة البصرة كريم شواك.
ويقول الشواك في تصريحات صحافية، إن "عودة المظاهرات في المدينة نتيجة طبيعية لاستمرار معاناة البصريين من حرمان وتهميش"، مشددًا أن البصرة ستلعب دورًا مؤثرًا بمصير الحكومة الحالية، كما "أسقطت حكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وكتلًا سياسية".
اقرأ/ي أيضًا: