أدانت منظمة العفو الدولية إغلاق السلطات المصرية لـ"مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسى لضحايا العنف"، أحد أشهر المراكز الحقوقية في مصر في العقود الماضية، والذي تأسس في آب/ أغسطس 1993، وذلك بعد محاولتين لإغلاقه تصدى لهما العاملون بالمركز.
أدانت منظمة العفو الدولية إغلاق "مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسى لضحايا العنف"، أحد أشهر المراكز الحقوقية في مصر
تخصص مركز النديم في تأهيل ضحايا العنف و التعذيب والعنف المنظم بغض النظر عن جنس أو جنسية أو عمر الضحية، وأيًا من كان الجاني، وسواءً كان العنف جماعيًا أو فرديًا، جسديًا أو نفسيًا أو جنسيًا.
اقرأ/ي أيضًا: استراتيجيات الأمن المصري لمحاصرة الجمعيات الحقوقية
بالأرقام فإن مركز النديم منذ تأسيسه عام 1993 وختى 2009 قدم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني إلى 3088 ضحية تعذيب، نصفهم من المصريين، ثلثيهم من الذكور، والثلث الآخر من الإناث، بالإضافة لنسبة صغيرة من الأطفال. وقدم شهادته أمام النيابة بخصوص حالتي تعذيب ترغبان في التعويض.
أما بالنسبة للمرأة فقد قدم حتى عام2000 دعمًا نفسيًّا واجتماعيًّا وتأهيليًّا لـ 316 من النساء، أكثر من نصفهن من المصريات، وثلثهن ضحايا تعذيب، والباقيات تعرضن للعنف المنزلي والاغتصاب. وفي عام 2001 أسس مركز النديم برنامجًا منفصلًا للمرأة، يقدم الاستماع والمشورة لضحايا العنف من النساء، وساهم في تأسيس مراكز للاستماع في عدد من محافظات مصر، 7 منها في القاهرة، و2 في الوجه البحري، و2 في الوجه القبلي.
وأصدر المركز عددًا من التقارير التي وثقت حالات التعذيب في الأقسام والسجون، بالإضافة إلى الإهمال الطبي بأماكن الاحتجاز، إلى جانب ظروف أماكن الاحتجاز في الفترة الأخيرة.
خاض المركز بسبب نوعية الخدمات التي يقدمها عدة جولات من الصراع مع السلط، ففي شباط/ فبراير من العام الماضي تعرض لمحاولة إغلاق عد توجَّه عدد من رجال الأمن، بصحبه موظف من حي الأزبكية إلى مقر المركز؛ لتنفيذ قرار بإغلاق عيادة النديم، بناءً على قرار من إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة والسكان.
وفي نيسان/أبريل الماضي، حاول مسؤولون في حي الأزبكية إغلاق المركز يرافقهم ممثلين من وزارة الصحة، إلا أن عملية الإغلاق تعذرت للمرة الثانية بسبب اعتراض بعض العاملين بالمركز على المغادرة، وبالتالي تم تحرير محضر إثبات حالة بقسم شرطة الأزبكية لاتخاذ الإجراءات القانونية حيال تنفيذ قرار الغلق.
السلطات المصرية تخوض حربًا بلا هوادة ضد الجمعيات الحقوقية، وتستخدم في ذلك كل القوانين والحيل والتشويه الإعلامي الذي تقدر عليه
اقرأ/ي أيضًا: تجدد موسم الانتقام من الحقوقيين في مصر
أما الجولة الأخيرة فقد كانت يوم الخميس الماضي، في يوم أجازة المركز وخلوه من العاملين فيه، حيث قامت قوة من قسم الأزبكية بإغلاق المركز وشمعته واقتادت حارس العقار للتحقيق معه دون إبداء أسباب.
القرار وصفته الدكتورة عايدة سيف الدولة، إحدى مؤسسات المركز، بأنه حلقة في سلسلة طويلة من الصراع الذي تخوضه الدولة مع منظمات المجتمع المدني، وفي معرض التعليق على قرار الإغلاق الذي ادعت وزارة الصحة أنه يتعلق بمخالفات إدارية يقوم بها المركز منذ إصدار قرار إغلاقه في المرة الثانية، أصدر أطباء مركز النديم بياناً للرد على وزارة الصحة وقتها، وقالوا إن عيادة النديم حصلت على ترخيص من نقابة الأطباء، ثم رخصة تشغيل منشأة طبية من وزارة الصحة، وحينما كانت وزارة الصحة لا تشمل في أنواع عياداتها تخصص "العلاج والتأهيل النفسي" فقد سجلت العيادة في وزارة الصحة بأقرب تخصص لها وهو عيادة مشتركة نفسية وعصبية.
ووصفت عايدة سيف الدولة مديرة المركز القرار الحكومي بأنه "جزء من أعنف حملة تستهدف المعارضين،" مضيفة أن القرار يخفي دوافع سياسية. كما وصفته بأنه " مخجل و لكنه ليس مفاجئًا".
وجدير بالذكر، أن السلطات المصرية تخوض حربًا بلا هوادة ضد الجمعيات الحقوقية في مصر، وتستخدم في ذلك كل القوانين والحيل والتشويه الإعلامي الذي تقدر عليه، وقد قامت منذ حوالي شهر بتجميد أموال مديرتي مركزين حقوقيين لدعم قضايا المرأة، كما أحالت العديد من الحقوقيين إلى المحاكمة بتهمة الحصول على تمويل أجنبي، ومن المتوقع أن تستمر تلك الحملة على الحقوقيين، مادامت السلطة لا تريد أن يفضحها أحد.
اقرأ/ي أيضًا: