19-يونيو-2018

منذ 2014 ارتفعت أسعار الوقود في مصر بنسب تزيد عن 500% (أ.ف.ب)

كل شيء ارتفع سعره في مصر: الكهرباء والغاز وكروت الشحن وخدمات الجمارك، وأخيرًا، وفي ثاني أيام العيد، قررت الحكومة المصرية المشكلة حديثًا، رفع أسعار الحروقات للمرة الرابعة خلال فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ 2014. ومنذ ذلك التاريخ، شهدت أسعار أغلب السلع والخدمات في مصر ارتفاعًا كبيرًا تجاوز بعضها 300%.

أمام زيادات الأسعار بنسب تصل لأكثر من 300% وآخرها أسعار المحروقات، اتجه المصريون للسوشيال ميديا للتنفيس عن غضبهم وإيجاد حلول بديلة

وتنفذ مصر خطة خفض الدعم الحكومي على السلع والخدمات التي تقدمها الدولة، تحقيقًا لشروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرضه بـ12 مليار دولار، ولتحسين صورة مصر اقتصاديًا في الخارج، كما يدعي النظام.

اقرأ/ي أيضًا: روزمانة رفع الأسعار في مصر.. كيف يُسكت النظام سخط المصريين؟

والوقود هو أهم السلع بالنسبة لكافة فئات المجتمع، ليس في مصر فقط، بل في العالم أجمع. وعادة ما يُصاحب ارتفاع سعره، زيادة في أسعار السلع والخدمات الأخرى، التي يمثل النقل مرحلة هامة في وصولها للمستهلك.

وأمام هذه الزيادات، تحول المصريون لمواقع التواصل الاجتماعي للتنفيس عن الضغوط التي يتعرضون لها، وللنقاش وإيجاد البدائل الممكنة بعيدًا عن الدولة، في ظل قبضة أمنية وانقسام مجتمعي يُصعّب فكرة النزول للاحتجاج في الشارع.

 

 

المواصلات والمواد الغذائية

مقارنة أسعار الوقود قبل وبعد الزيادة تشير لزيادات كبيرة على المواطنين المصريين الذين مازالت مرتبات أغلبهم ثابتة منذ سنوات، على سبيل المثال: سعر بنزين 95 ارتفع من 6.6 جنيه إلى 7.75 جنيه، وارتفع سعر بنزين 92 من خمس جنيهات إلى 6.75 جنيه، فيما تحرك سعر لتر كل من السولار وبنزين 80 من 3.65 جنيه إلى 5.5 جنيه. 

الزيادات تبعتها أخرى فورية، فقد أعلنت هيئة النقل العام بالقاهرة زيادة سعر الرسوم  بنسبة تصل لنحو 25%، كما أعلنت تطبيقات خدمات النقل مثل أوبر وكريم زيادة أسعار خدماتها بما يتناسب مع الزيادة الجديدة في أسعار الوقود، كما أعلنت المحافظات أسعار سيارات الأجرة الجديدة وكذلك النقل الجماعي الخاص. وتأتي تلك الزيادات بعد زيادة سعر تذكرة مترو الأنفاق بأكثر من 200%. ويستخدم مترو الأنفاق نحو ثلاثة ملايين مصري يوميًا في القاهرة الكبرى.

الحلول البديلة التي بدأت في الظهور، كانت أغلبها تتعلق بالنقل والمواصلات والمواد الغذائية، وهي الأفكار التي بدأت في الظهور مع الموجة السابقة التي شهدت ارتفاع أسعار الوقود بداية عام 2017، فانطلقت عدة تطبيقات على الهواتف المحمولة يقدم أصحابها حلولًا بديلة للمواصلات العامة وحتى للتنقل بالسيارات الخاصة أو بتطبيقات المواصلات مثل كريم وأوبر، وذلك بالاستناد إلى مبدأ المشاركة والتعاون بين المواطنين.

وانتشرت مثل هذه التطبيقات والأفكار على نطاق محدود بين المصريين من الطبقة المتوسطة، الذين بدأ كثير منهم في تقليل استخدام السيارات الخاصة. ومن بين هذه التطبيقات تطبيق"Foorera". كما ظهرت عدد من التطبيقات الأخري مثل "سويفل" و"Buseet"، والتي تقدم خدمات نقل جماعي بنظام رحلات التوصيل الجماعي، عبر تطبيق على الهاتف المحمول، فيما يستعد عدد آخر من المبرمجين لتدشين تطبيقات أخرى مثل "Tink" وتهدف أغلبها للمشاركة وإيجاد حلول بديلة في مواجهة الغلاء.

وفيما يخص المواد الغذائية، أكثر السلع تأثرًا بأي زيادة لأسعار المحروقات؛ فقد بدأت بالظهور على مواقع التواصل الاجتماعي مبادرات واقتراحات للبحث عن حلول بديلة كمقاومة اجتماعية للغلاء، في ظل حالة التكلس الحراكي والسياسي في البلاد.

فنشر خالد عبد الحميد عبر صفحته على فيسبوك: "لازم نفكر في حلول تعاونية جماعية علشان نعرف نعيش. نعمل مشاوير مع بعض بشكل تبادلي. نجيب خضار وحاجات البيت جملة ونوزعها. لازم نبدع، والتكنولوجيا ممكن تسهل الإبداع والتواصل".

لكن في المقابل، رفض البعض الآخر أفكار الحلول البديلة، باعتبارها تكريسًا للصمت والقبول بسياسات الحكومة المصرية. آخرون كانت لديهم وجهة نظر أخرى، فمع قبولهم بالحلول البديلة القائمة على المشاركة والتعاونيات، إلا أنهم أبدوا تخوفهم من تعامل النظام مع هذه الحلول، على اعتباره نظامًا يرفض أي حالة تنظيم مجتمعي.

رفض البعض الحلول التكافلية البديلة لغلاء الأسعار، باعتبارها مسكنات للمرض وتكريس للصمت على سياسات الحكومة

وعرضت الصحفية شيماء أبو الخير، تطبيقًا للهواتف المحمولة، في دول أخرى، يهدف إلى تقليل إهدار الطعام بالتكافل بين المواطنين والتعاون لتجميع بواقي الطعام وتوزيعها على الفئات الأكثر احتياجًا.

اقرأ/ي أيضًا: الأسعار ترتفع في مصر مجددًا.. جوع بأمر صندوق النقد

على الهاتف المحمول في دول أخرى يعتمد على تقليل إهدار الطعام والتكافل بين المواطنين بتجميع ما تبقى من أكل في المطاعم أو المنازل وتوزيعها على الفئات الأكثر احتياجًا.

السخرية.. والعجز

وكما كان الغضب، كانت السخرية أيضًا. وتداول المصريون تدويناتهم وتغريداتهم عبر وسوم "#البنزين" و"#ماذا_بعد_غلاء_الأسعار". وشارك الآلاف منهم الصور ومقاطع الفيديو، ومن أبرزها أغنية للفنان أحمد سعد، نشرها عبر صفحته على فيسبوك، من كلمات الشاعر غازي حبيبة، يقول فيها: "افرض ضريبة على الكلام، على الابتسام، وعلى السلام. اعمل ضريبة على اللي ميت من المرض.. لأنه مش لاقي الدوا". كما انتشر مقطع فيديو لسائق شاب داخل إحدى محطات الوقود، موجهًا رسالة للسيسي، يقول فيها: "إنت مش جدع"!

على الجانب الآخر، كان المؤيدون لقرارات السيسي بتبريراتهم المكرورة، واتهاماتهم للشعب بعدم الدراية بطبيعة الاقتصاد والقرارات "الإصلاحية" كما أسموها. وصال بعضهم إن قرار رفع الدعم "خطوة تأخرت كثيرًا. وفيما قارن بعضهم بين أسعار المحروقات في مصر وغيرها من دول العالم، تناسوا المقارنة بين متوسط الأجور في مصر وغيرها من دول العالم.

ونشر أحدهم تدوينة يتحدث فيها عن خلاف بين مواطنين وسائق سيارة نقل جماعي خاص (ميكروباص) بسبب سعر الأجرة بعد الزيادة. لكن المواطنين رفضوا تدخل أحد الضباط. وبعد انصراف الضابط استكمل المواطنون والسائق خلافهم. 

وفي حين أن بعض التعليقات أظهرت حالة الغضب من كل ما يمثل السلطة بما في ذلك بطبيعة الحال، الشرطة، أظهرت تعليقات أخرى جوانب السخرية من الإحساس بالقهر جراء زيادات الأسعار التي لم يرافقها في أي مرة زيادة في الأجور. وطرح بعضهم، ساخرًا، بدائل كاستخدام الحيوانات للتنقل بدلًا من السيارات.

 

 

يشار إلى أن/ وخلال ساعات ما بعد ظهيرة الثلاثاء 19 حزيران/يونيو، أصرت مفاعيل لجان السيسي أزلام النظام على استكمال مجهوداتهم في حصار الشارع المصري، إذ تلقى مكتب النائب العام بلاغًا ضد الفنان أحمد سعد يتهمه بنشر الفتنة والأكاذيب على خلفية أغنيته "افرض ضريبة". 

اقرأ/ي أيضًا:

غضب وسخرية في مصر بعد موجة جديدة من رفع أسعار خدمات الاتصالات

صور وفيديوهات.. الغلابة في مصر على صفيح ساخن!