27-فبراير-2019

دخل الطلاب الاحتجاجات الجزائرية من أوسع أبوابها (فيسبوك)

الترا صوت – فريق التحرير

يقترب عدد الطّلبة الجامعيين الجزائريين من مليوني طالب، أي ما يساوي أو يفوق عدد سكان 67 دولة عضوًا في هيئة الأمم المتّحدة، يدرسون في ما يزيد عن 80 مؤسّسة جامعيّة تضمّها الجهات الأربع للبلاد. 

بالتحاق الطلبة الجامعيين والمحامين، يأخذ الحراك الشّعبي الجزائريّ ضدّ ترشّح الرّئيس بوتفليقة زخمًا مختلفًا، ينتظر كثيرون أن يتجسّد في مسيرات الفاتح من آذار/مارس

ولطالما شكّل التحاق الطّلبة الجامعيين بالحركات الثّوريّة والاحتجاجيّة في الجزائر منعطفًا حاسمًا لصالحها. حدث ذلك مثلًا عام 1956 خلال ثورة التّحرير في خمسينات القرن العشرين. وفي مظاهرات التّحوّل الديمقراطيّ عام 1988. وهي الرّسالة التّي مرّرها الطّلبة الجزائريّون الثّلاثاء بخروجهم في مظاهرات سلميّة حاشدة ضدّ ترشّح الرّئيس بوتفليقة لولاية خامسة.

اقرأ/ي أيضًا: التفكير في حراك 22/2 الجزائري

تحرّك غير مؤطّر

على غرار المسيرات الشّعبيّة يوم الـ22 فبراير/شباط الجاري، ظهرت دعوات حرّة لمسيرات في الجامعات الجزائرية عبر موقع التّواصل الاجتماعيّ فيسبوك. وقد ترجمها الآلاف في الواقع بعيدًا عن أيّ تأطير من أي من المنظّمات الطّلابيّة الإحدى عشرة، ذلك أنّ معظمها أعلن دعمه لترشّح الرّئيس.

يقول طالب الهندسة المدنية شكري عمّاري لـ"ألترا صوت"، إنّ المنظّمات الطّلابية تحوّلت إلى سجلّات تجاريّة مع السّلطة، "فقد بادر معظمها في التّجمّع الذّي نظّمته أحزاب الموالاة في الجزائر العاصمة يوم 9 شباط/فبراير، إلى انضمامها إلى صفّ الدّاعمين لترشح الرّئيس من غير أن تستشير الطّلبة، بحثًا من القائمين عليها عن مكسب شخصيّ لهم، وقد تلقّوا أمس صفعة حقيقية من طرفنا". يضيف الطّالب الجزائريّ: "مثلما أظهر الشّعب للأحزاب السّياسيّة أنّها لم تعد تمثله بخروجه الحرّ إلى الشّوارع، فد فعل الطّلبة ذلك مع منظّماتهم. على المطالبين بالحريّة أن يكونوا أحرارًا".

نحو تصحيح الصّورة

وأشار شكري عمّاري إلى أنه تمّ تكريس حكم جاهز عن الطّالب الجزائريّ في السّنوات الأخيرة مفاده أنّه بات سلبيًّا وكسولًا ولا علاقة له بالقضايا العامّة، فهو لا يتحرّك إلّا للمطالبة بتحسين ظروفه الاجتماعية داخل الجامعة، حتّى أنّ كثيرًا من المشاريع مرّرتها وزارة التّعليم العالي من غير العودة إليه.

في جامعات الشّرق والغرب والشّمال والجنوب، خرجت مسيرات من المؤسّسات الجامعيّة إلى مقارّ الولايات لإيصال مطلب رفض الولاية الخامسة لترشّح الرّئيس لممثليه في الولايات. ردّد فيها الطّلبة النّشيد الوطنيّ وشعارات تقول إنّهم لن يسكتوا بعد اليوم.

 سارعت الوزارة الوصيّة إلى التّقليل من أهمّية المسيرات بالقول إنّ عدد الطّلبة، الذّين شاركوا فيها لا يتجاوز 50 ألفًا، غير أنّ الصّور والفيديوهات، التّي تناقلها روّاد مواقع التّواصل الاجتماعيّ أظهرت أنّ التّفاعل كان كثيفًا وتجاوز هذا الرّقم بكثير. وخلقت تفاعلات كثيرة معها من النّشطاء خارج الجامعة.

 كتب النّاشط نبيل نوّي: "إنّه صوت انتفاضة الطّلبة سلميًّا في الجامعات. فمن يُسكت صوت الطّالب الحالم يا معاذ؟"، في إشارة إلى معاذ بوشارب رئيس الحزب الحاكم "جبهة التّحرير الوطنيّ". وكتب الرّوائي واسيني الأعرج: "من قال إنّ الحركة الطلابيّة ماتت؟ شكرًا لكلّ الأصوات الطّلابيّة التّي رفعت نداءاتها عاليًا في وجه نظام أنانيّ، لا يعرف إلا مصلحته الضّيّقة ولا يسمع لأيّ صوت مسالم".

 

 

محاولة حكومية لتحريف المطلب

في سابقة من نوعها، أقدم التلفزيون الحكومي على تناول الحراك الشعبيّ، من زاوية مسيرات الطّلبة الجامعيين، لكن بتحريف أهدافها، إذ تمّ القول إنّها تُطالب بالإصلاحات داخل الجامعة، على خلفيّة ذبح طالب داخل الحرم الجامعيّ مؤخّرًا، بما أثار سخريّة قطاع واسع من الجزائريين.

اقرأ/ي أيضًا: فشل المعارضة في تحديد مرشّح توافقي يحرك الشارع الجزائري

كتب النّاشط ياسين شارف: "يُخيّل لك في الوهلة الأولى عند المشاهدة أنّها ليست الجزائر التّي نعيش فيها وأنّ الطّلاب خرجوا للتنزّه. إنّه إرهاب إعلاميّ بامتياز. إعلام بنفس مونتاج وطريقة تحرير الأخبار في التّسعينات". ويتساءل: "يا صحفي ويا صحافة أين الشّرف الصّحفيّ؟ أين هي أخلاقيات المهنة. فلو كان لتزييف وتزوير الحقائق عنوان لكان التّلفزيون الجزائريّ".

طالما شكّل التحاق الطّلبة بالحركات الثّوريّة  في الجزائر منعطفًا حاسمًا لصالحها. حدث ذلك مثلًا عام 1956 خلال ثورة التّحرير، وفي مظاهرات التّحوّل الديمقراطيّ عام 1988

بالتحاق الطلبة الجامعيين والمحامين، يأخذ الحراك الشّعبي الجزائريّ ضدّ ترشّح الرّئيس بوتفليقة زخمًا مختلفًا، ينتظر كثيرون أن يتجسّد في مسيرات الفاتح من آذار/مارس، في ظلّ إصرار الرّئيس ومحيطه على الإشادة بما أسموه "فضائل الاستمراريّة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

السلميّة سيدة موقف الجزائريين ضد عهدة خامسة لبوتفليقة

ما يحدث في الجزائر.. واقع أم منام؟