منذ انقلاب 3 من يوليو/تموز عام 2013، تعيش الحياة الجامعية المصرية حالة من التوتر العام، إثر المضايقات الأمنية، بداية من الفصل التعسفي والاعتقالات والاختفاء القسري في صفوف الطلاب، ووصولًا إلى القتل خارج إطار القانون، إضافة إلى إغلاق المجال العام، وتضييق مساحات العمل الطلابي، وتجريم النشاط السياسي داخل أسوار الجامعات.
أصدرت جامعة القاهرة قرارًا بفصل 27 طالبًا لمدة تتراوح بين أسبوع وعامين دراسيين دون إجراء أي تحقيقات
وكانت جامعة القاهرة أصدرت قرارًا بفصل 27 طالبًا بينهم 7 طلاب من كلية الهندسة، لمدة تتراوح بين أسبوع وعامين دراسيين دون إجراء أي تحقيقات. ويكشف تقرير لمؤسسة "مرصد طلاب حرية" عن تعرض 1064 طالبًا وطالبة للفصل التعسفي، وحرمان 142 طالب من دخول المدن الجامعية دون أسباب، إلى جانب تعرض 486 طالبًا للإخفاء القسري، ومحاكمة 160 طالبًا أمام القضاء العسكري بمجموع أحكام وصل إلى 743 عامًا، وغرامات مادية تقدر بمليون و229 ألف جنيه مصري. وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، اعتقل النظام 4701 طالبا و331 طالبة، لايزال من بينهم 3028 قيد الاعتقال إلى الآن.
وأضيفت مادة بقانون تنظيم الجامعات عقب الثالث من يوليو/تموز عام 2013، تنص على أن "لرئيس الجامعة أن يوقع عقوبة الفصل على الطالب الذي يمارس أعمالًا تخريبية تضر بالعملية التعليمية، أو تعريضها للخطر أو تستهدف منشآت الجامعة، أو الامتحانات أو الاعتداء على الأشخاص، أو الممتلكات العامة أو الخاصة، أو تحريض الطلاب على العنف واستخدام القوة، بحيث يجوز الطعن على هذا الجزاء أمام مجلس التأديب المختص بالجامعة".
وبحسب طلاب بجامعة القاهرة، تعتبر محاولة "تكدير العملية الدراسية"، إحدى أهم الاتهامات الموجهة للطلاب المفصولين في الأوراق الرسمية ومحاضر الفصل. ويضيف عبد الرحمن محمد، الطالب بكلية الآثار بجامعة القاهرة، وأحد المنسحبين من انتخابات "اتحاد الطلاب" اعتراضًا على الفصل التعسفي للطلاب، أن "السبب الحقيقي وراء عمليات الفصل التي شهدتها الجامعة هو النشاط الملحوظ للطلاب مع بدء العام الدراسي الحالي، ومساعدتهم الطلاب الجدد في الانضمام لبعض الأسر الطلابية، إضافة لوجود نشاط سياسي لبعض الطلاب مسبقًا".
ويشير عبد الرحمن لـ"ألترا صوت" أن "هناك تعنتًا شديدًا داخل الجامعات المصرية ضد أنشطة الطلاب المستقلة وغير المنسجمة مع توجهات النظام، ما جعل الساحة الجامعية خالية من أي تنوع يدفع بتكوين وعي لدى الطلاب". ويؤكد عبد الرحمن: أن "اتباع سياسة التنكيل بالطلاب داخل الجامعات، وإغلاق الساحات أمام العمل الطلابي المتنوع، يؤدي لخلق نموذج أمني، ويحول أسوار الجامعات إلى جدران سجون".
هناك تعنت شديد داخل الجامعات المصرية ضد أنشطة الطلاب غير المنسجمة مع توجهات النظام، ما جعل الساحة الجامعية خالية من أي تنوع
سحب طلاب بجامعة القاهرة أوراق ترشحهم من انتخابات اتحاد الطلاب، تضامنًا مع الطلاب المفصولين، واعتراضًا على قرار الفصل التعسفي التي يتعرض له الطلاب في الآونة الأخيرة، إثر أنشطتهم الطلابية والسياسية داخل الجامعات. ومن بين الطلاب المفصولين، الطالبان بكلية “الحاسبات والمعلومات” عبد الله عيد بالفرقة الثالثة، وأحمد حسام بالفرقة الرابعة، وعندما توجه أحدهما لعميدة الكلية للاستفسار، أخبرته أن السبب يكمن في مشاركته في مظاهرة داخل الكلية يوم 30 من أغسطس/أب الماضي، بالرغم من عدم وجود أي مظاهرة في ذلك اليوم.
وتبرر وزارة التعليم العالي قرار فصل الطلاب باشتراكهم في مظاهرات واحتجاجات تضر بالأمن العام، ولاشتباكهم مع أفراد الأمن الجامعي، واستخدام "الشماريخ"، وقطع طريق عام، وتهديد العملية التعليمية داخل الجامعات.
ولم تقتصر حالات الفصل التعسفي للطلاب على خلفية المعارضة للنظام الحاكم، بل شملت دائرة الفصل بالجامعة الألمانية في القاهرة، طلابًا وجهت لهم إدارة الجامعة تهمًا بـ"المشاركة في أعمال عنف وشغب واحتجاز وإصابة جسدية، وتعطيل أعمال الامتحانات وانتظام الدراسة، والتعدي على طلاب وموظفي وأساتذة الجامعة". وكان هذا القرار تعسفيًا وجاء على خلفية إضراب نظمه عدد من الطلاب داخل الجامعة عقب وفاة زميلتهم "يارا طارق"، للمطالبة بمحاسبة المتسبب في وفاتها مارس/ آذار عام 2015، إثر حادث صدام بحافلة الجامعة في مكان الانتظار.
وكان عددٌ من أساتذة الجامعات أعربوا عن قلقهم المتزايد من الوضع المتردي داخل الجامعات، بعد قرارات الفصل التعسفي التي يتعرض لها الطلاب. ويقول هاني الحسيني، عضو مؤسس في "حركة 9 مارس من أجل استقلال الجامعة"، في تصريحات للصحافة المحلية، إن "قرارات فصل الطلاب ستؤدي إلى مزيد من الاحتقان من جانب الطلاب الذين أصبحوا على يقين أن الجامعة تفصل الطلاب بناء على قائمة من الجهات الأمنية".
اقرأ/ي أيضًا:
اتحاد طلاب مصر.. الطريق مفتوح لـ"شباب السيسي"