يظهر أن الدراما المصرية لهذا العام، اختارت أن تقدم نوعًا مختلفًا، من خلال تطرقها لاحتمال وقوع هجوم إرهابي، تحاول مجموعة متطرفة تنفيذه على أراضيها، وهو ما يقدمه مسلسل "القيصر"، الذي يعتبر من أهم الأعمال المنتجة على الصعيد المصري، للموسم الرمضاني الحالي.
الحلقات التي عرضت حتى الآن من "القيصر"، لا تظهر شيئًا جديدًا، بقدر ما يبدو أن المسلسل نسخة مقتبسة عن سلسلتي العميل"007" و"مهمة مستحيلة"
شارة البداية تخبر المتفرج، أن صاحب فكرة العمل، وبطله في نفس الوقت هو يوسف الشريف، أما السيناريو فهو من كتابة محمد ناير، والإخراج لأحمد نادر جلال. كان الأجدر بصناع العمل كتابة أن الفكرة مقتبسة، لأن جميع المشاهد مقدمة، بشكل سطحي وساذج، تخجل بوليوود من تقديمه.
اقرأ/ي أيضًا: باب الحارة... "العرصات" تتكاثر
الحلقات التي عرضت حتى الآن، لا تظهر أن المسلسل قدم شيئًا جديدًا، من ناحية الفكرة، بقدر ما يبدو أن المسلسل نسخة مقتبسة عن سلسلتي العميل"007"، و"مهمة مستحيلة"، بالإضافة إلى سيناريوهات متنوعة من أفلام هوليوود التي تتحدث عن العملاء الفيدراليين، والأبطال الذين يملكون قدرات خارقة، وقصص السجون، وما شابهها من أفلام عديدة.
يعتمد المسلسل بشكل أساسي على رواية التصدي للإرهاب، وإذا كانت هوليوود تجد في ضباط الاتحاد السوفيتي السابقين، والتنظيمات المتطرفة، فرصة لانتصار الخير على الشر، فإن الشريف اختار لقصته مجموعة متنوعة من الدول، من بينها "قطر، تركيا، سوريا، ليبيا"، منبعًا للإرهاب، أي أن الفكرة مبنية بالمجمل، وفق أهواء نظام الانقلاب في مصر، وروايته المتشابكة في مكافحة الإرهاب.
الغالبية العظمى تذكر، تلك القصص المعروضة عبر الشاشات الهوليوودية، عندما يحصل خلاف بين المحقق والعميل، أو عندما تتخلى المخابرات الأمريكية عن عميلها، وتتهمه بالخيانة، قصص الحب التي تنشأ بين عملاء المخابرات، ذكر وأنثى، عدم امتثال العميل لأوامر رؤسائه، هكذا كل شيء حاضر في نص "القيصر"، أو الأصح مستنسخ بمزاج عربي.
ولعل أكثر ما غاب عن صناع المسلسل، شيء يدرج تحت تصنيف الإثارة. أي عندما يتعرض العميل لهجوم من أكثر من شخص، صاحب القدرات غير العادية، هي تمامًا ما نسي إظهارها، لأن الشريف، أي "القيصر"، دائمًا يظهر في المشهد التالي، بعد القضاء على جميع الأشرار، ولا أظن أن لهذا علاقة بإثارة مخيلة المتفرج، بقدر ما له علاقة بإظهار البنية الجسدية للبطل المصري الجديد، صاحب العضلات المفتولة، والنظرات الصامتة.
"جميع أحداث المسلسل من وحي خيال المؤلف ولا تمت للواقع بصلة وهذا المحتوى لا ينصح بمشاهدته ما دون الـ 16 عامًا"، بهذه الكلمات تبدأ جميع حلقات مسلسل "القيصر"، وهي الجملة عينها، الأحب على معظم الروائيين والكتاب الذين يريدون إبعاد شبح الاتهام عن أعمالهم، رغم أن المسلسل لا يمكن تصنيفه لفئة عمرية محددة، كونه لا يحمل مشاهد حميمية، لا يوجد أيدي مقطوعة، ولا حتى تفجيرات بمؤثرات بصرية.
فكرة "القيصر" مبنية بالمجمل، وفق أهواء نظام الانقلاب في مصر، وروايته المتشابكة في مكافحة الإرهاب
اقرأ/ي أيضًا: 10 مسلسلات سورية للنقد والمتابعة في رمضان
بعد أن هرب "القيصر" من منظمته الإرهابية، وقرر الذهاب بإرادته إلى "سجن المغارة"، السجن بحد ذاته تصميم هوليوودي عالي الإنسانية، لأن الأخيرة لم تكن إنسانية يومًا في تعاملها مع السجناء. يحقق قائد السجن مع السجين الإرهابي، من دون أن يأمر مساعديه بتعذيبه، علمًا أن "سجن العقرب" يملك شهرة، تضاهي شهرة عادل إمام السينمائية.
يستغل المسلسل كثيرًا، رواية قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، حول التآمر الإسلامي المتطرف على مصر، ويبتكر شخصيات إسلامية، يحاول إسقاطها على "الإخوان المسلمين"، حتى أنه في مشهد عابر، استعان بصورة أحد القتلى الذين قضوا عندما قمع عسكر السيسي اعتصام ميدان "رابعة العدوية"، الرجل تم إظهاره في المسلسل على أنه إرهابي.
وفي ذات السياق، يحاول صناع المسلسل تبرئة الحكومة المصرية من إغلاق معبر رفح، الذي يظهره القائمون على العمل أنه منبع توافد الإرهابيين، وتهريب السلاح والمتفجرات، الذي يتصارع المحققون على اكتشافه، وهزيمة الإسلام المتطرف.
لا يمكن إدراج المسلسل إلا ضمن الحملة الترويجية لحكومة الانقلاب العسكري المصرية، صورة نقية عن مكافحة الخطر الإرهابي، رغم أن الحكومة المصرية لم تستطع أن تمنع الهجمات في سيناء، نسخة عن النقاء الأمريكي، تستنسخها الدراما المصرية بطريقة هشة، ما يقدمه المسلسل ليس دراما، بل نصًا متكاملًا كتب أثناء الاستماع لخطاب قائد الانقلاب العسكري، الذي رأى في "أطفال الشوارع" خطرًا يهدد وجوده.
اقرأ/ي أيضًا:
"الكينج منير" مطرود من رحمة "النوبة" مجددًا
أحوال الدراما السورية وتحولاتها.. شي فاشل!