تتفاقم الأوضاع الإنسانية المأساوية في قطاع غزة يومًا تلو آخر، حيث يواجه النازحون خطر المجاعة نتيجة شحّ المواد الغذائية والمياه، إضافةً إلى البرد القارس الذي يعصف بخيامهم جنوبي القطاع.
ورغم حجم المعاناة الهائل، تخرج مبادرات فردية تسعى إلى تخفيف آلام من يعانون من ويلات الحرب، من خلال توفير وجبات الطعام الساخن.
وبحسب تقارير المنظمات الإغاثية، يُعد قطاع غزة من بين أسوأ الأماكن لحياة الأطفال، حيث يتعرضون لسوء التغذية بسبب نقص الإمدادات الطبية والغذائية، وتهدِّد الأمراض المتفشية حياتهم مثل التهاب السحايا والكبد الوبائي، عدا عن برودة الشتاء التي تفاقم الوضع الصحي.
ومساء أمس الخميس، قال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، في بيان، إن: "الاحتلال الإسرائيلي يستخدم سلاح التجويع لتحقيق أرقام قياسية في جرائم الإبادة الجماعية".
يُعد قطاع غزة من بين أسوأ الأماكن لحياة الأطفال، حيث يتعرضون لسوء التغذية بسبب نقص الإمدادات الطبية والغذائية، وتهدّد أمراض مثل التهاب السحايا والكبد الوبائي حياتهم
وأضاف: "الاحتلال يرتكب مجزرة مروعة بحق آلاف الأفواه الجائعة التي كانت تنتظر المساعدات الإنسانية عند دوار الكويت"، وذلك تعليقًا على استهداف المدفعية الإسرائيلية لتجمّع فلسطينيين قرب دوار الكويت، جنوبي مدينة غزة، كانوا ينتظرون حصولهم على المساعدات الإنسانية، مما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى.
واعتبر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الاستهداف: "إصرار على نهج تجويع المدنيين، وفرض المزيد من التعقيدات على عملية دخول وتوزيع واستلام المساعدات الإنسانية المحدودة أصلا في القطاع".
إسرائيل تضرب بالمدفعية مئات الفلسطينيين الجوعى الذين ينتظرون شاحنات المساعدات شمال غزة https://t.co/MM9JF3alX6
— المرصد الأورومتوسطي (@EuroMedHRAr) January 22, 2024
وأفادت وكالة "الأناضول"، في تقرير لها، أن سكان قطاع غزة يفقدون الكثير من أوزانهم بشكل بات ملحوظًا. ومع استمرار حصار إسرائيل وتشديده على محافظتي غزة والشمال، حيث تمنع الأخيرة حتى دخول المساعدات الإغاثية، اضطر الفلسطينيون إلى استخدام النباتات البرية وأعلاف الحيوانات كطعام.
على الرغم من محاولات المبادرات التطوعية تقديم المساعدة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يستمر في استهداف الأماكن التي يحاول فيها الناس الحصول على الطعام، مما يزيد من معاناتهم.
وقال التقرير إن الآلاف يقضون أيامًا دون أن يتناولوا لقمة واحدة من الطعام بسبب ندرة المواد الغذائية.
وتُجمع التقارير الإنسانية والصحفية على أنه بينما يسعى السكان جاهدين للعثور على وسائل لتوفير الطعام في ظل الحصار القاتل، فإنهم يجدون أنفسهم عرضة للموت نتيجة للهجمات المباشرة على المناطق التي يحاولون فيها الحصول على ما يقيم الأود.
ومن أجل تجنب المجاعة، يتطلب الأمر وصول منتظم للمنظمات الإنسانية إلى كل أنحاء قطاع غزة، ولكن الحصار يجعل هذا أمرًا صعبًا للغاية.
ويواجه السكان التحديات بإرادة قوية، حيث يسعون للبقاء على قيد الحياة بأي وسيلة ممكنة، حتى إذا كان ذلك يتطلب جمع النباتات البرية واستخدام أعلاف الحيوانات كبديل للطعام.
وكان برنامج الأغذية العالمي قد أعلن، أمس الخميس، عن صعوبة في الوصول بشكل منتظم إلى معظم مناطق قطاع غزة، حيث تكون احتياجات الغذاء هناك ضخمة.
So far in January, more WFP trucks were able to cross into #Gaza daily.
But most areas where needs are the largest remain regularly inaccessible.
To avoid #famine, we need safe and regular access to all areas of Gaza where people are hungry. pic.twitter.com/9rIORC9Wgq
— WFP in the Middle East & North Africa (@WFP_MENA) January 25, 2024
جاء ذلك في بيان نُشر عبر منصة "إكس"، كشفت فيه المنظمة الأممية عن ضرورة توفير وصول آمن ومنتظم لجميع مناطق غزة بهدف تجنب المجاعة ومساعدة الأشخاص الذين يعانون من الجوع.
وأشار البيان إلى أنه خلال كانون الثاني/يناير الجاري، تمكنت المزيد من شاحنات برنامج الأغذية العالمي من دخول غزة يوميًا، ولكن لا يزال الوصول الدائم إلى معظم مناطق غزة التي تحتاج إلى الغذاء يشكل تحديًا كبيرًا.
وبحسب مجموعات إغاثية، فإنه اعتبارًا من 17 كانون الثاني/يناير الجاري، كان هناك 15 مخبزًا فقط يعمل في جميع أنحاء قطاع غزة؛ ستة في رفح، وتسعة في دير البلح، ولا توجد مخابز تعمل شمال وادي غزة.
ويحاصر الاحتلال شمال غزة بشكلٍ مطبق. ووفقًا لأرقام مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، في الأسبوعين الأولين من شهر كانون الثاني/يناير، خططت الوكالات الإنسانية للقيام بـ29 مهمة لتوصيل الإمدادات المنقذة للحياة إلى المناطق الواقعة شمال وادي غزة، ولم يتم إنجاز سوى 7 مهمات من أصل 29 مهمةً، أي ما نسبته 24 %، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي وصول المساعدات إلى تلك المناطق.
ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، تصل الأزمة إلى مستويات خطيرة، إذ تُنذر الأوضاع بوقوع كارثة إنسانية مروعة، لا سيما مع استمرار "إسرائيل" باستخدام التجويع كأداة من أجل مواصلة الإبادة الجماعية.