سطّر برشلونة ملحمة كروية جديدة أعادت إلى أذهان عشاقه ذكريات الزمن الجميل، واكتسح ريال مدريد في عقر داره برباعية نظيفة، في ختام مباريات الجولة الـ 29 من الدوري الإسباني لكرة القدم، ليعزز الفريق الكتالوني موقعه في المركز الثالث، ويزيد من فرصه في تخطي إشبيلية والظفر بالمركز الثاني، الأمر الذي كان يبدو كحلم غير قابل للتحقق قبل أشهر.
برشلونة قدّم وجبة كروية دسمة ومتكاملة، وأبدع لاعبوه ونجحوا في السيطرة على الكرة والتحكم بمجريات المباراة ، وكان بإمكانه زيادة الغلة لولا تسرع مهاجميه، فيما بدا ريال مدريد تائهًا ومشتّتًا بدون نجمه وهدافه بنزيما، فتباعدت خطوطه وفشل لاعبوه في التحكم بالكرة، ليخرج لفريق بخسارة مذلة أمام جماهيره قبل التوقف الدولي.
تعادل إشبيلية يزيد حوافز الفريقين للظفر بالكلاسيكو
حلّ كلاسيكو الإياب هذا العام في وقت يعيش فيه الفريقان مرحلة إيجابية، فريال مدريد يحلّق في صدارة الدوري بفارق مريح عن منافسيه، ومتأهل إلى ربع نهائي دوري الأبطال، كما أنه توّج بكأس السوبر الإسباني مطلع العام، في المقابل فإن الأجواء الإيجابية تخيّم فوق البيت الكتالوني، مع تحسّن أداء ونتائج الفريق بشكل واضح في الأسابيع الأخيرة، إذ ارتقى الفريق في سلم الترتيب وصولًا إلى المركز الرابع، كما نجح في بلوغ ربع نهائي الدوري الأوروبي حيث سيواجه أينتراخت فرانكفورت الألماني.
تعادل إشبيلية الوصيف مع ريال سوسيداد قبل ساعات من الكلاسيكو، أعطى حافزًا إضافيًا للفريقين لتحقيق الفوز، فريال مدريد في حال الانتصار على برشلونة، سيوسّع الفارق في الصدارة إلى 12 نقطة ويقترب أكثر من حسم اللقب، فيما سيقرّب الفوز برشلونة من المركز الثاني، إذ يتخلف بستة نقاط عن إشبيليه بالرغم من أنه لعب مباراتين أقل.
بدأ انشيلوتي المباراة بالرسم التكتيكي 4-4-2، متخليًا عن الرسم المعتاد 4-3-3، حيث لعب فالفيردي مكان بنزيما المصاب، ليشكّل رباعي خط وسط مع الثلاثي كروس – مودريتش – كاسيميرو، خلف ثنائي الهجوم البرازيلي رودريغو وفينيسيوس جونيور، خطة بدت متحفظة دفاعيًا نوعًا ما، وتهدف إلى السيطرة على خط الوسط.
في المقابل استخدم تشافي الرسم المعتاد 4-3-3، المفاجأة الوحيدة في التشكيل تمثّلت بإشراك رونالد أراوخو في مركز الظهير الأيمن، على حساب دانيال ألفيش الذي اعتاد على التألق في الكلاسيكو سابقًا، فيما لعب في المقدمة كما كان متوقّعًا الثلاثي أوباميانغ – ديمبيلي – فيران توريس، مع بقاء آداما تراوري على مقاعد البدلاء.
شوط أول مثير ينهيه برشلونة بتقدّم مستحق
بدأت المباراة بقوة بين الفريقين، وكاد ريال مدريد أن يفتتح التسجيل مبكّرًا بواسطة رودريغو الذي سدّد بمحاذاة القائم، قبل أن يتصدّى تير شتيغن ببراعة لتسديدة فالفيردي الزاحفة عند الدقيقة الثامنة.
ردّ برشلونة بقوة في الدقيقة 12، وسنحت له فرصة مزدوجة عن طريق أوباميانج الذي سدّد من داخل منطقة الجزاء، لكن كورتوا تصدّى له، لتصل إلى ديمبيلي الذي أرسلها مقوسة في المقص الأيمن لكورتوا الذي استخدم كل براعته لإبعادها.
تواصل السجال بين الفريقين، وسدّد توريس كرة جميلة مرّت قريبة جدًا من القائم الأيسر لكورتوا في الدقيقة 17، قبل أن يتوّج برشلونة أفضليته النسبية وافتتح التسجيل في الدقيقة 30 بواسطة أوباميانج عندما استفاد من مجهود مميز من ديمبيلي، وأنهى عرضيته المتقنة برأسية داخل الشباك.
في الدقيقة 34 أنقذ كورتوا فريقه من هدف ثانٍ محقق، عندما تصدّى ببراعة لتسديدة أوباميانج المتألق، فردّ له تير شتيجن التحية في الدقيقة التالية وتصدى ببراعة لانفراد فينيسيوس.
بدا واضحًا أن برشلونة يضع كلّ تركيزه في المباراة، فنجح عند الدقيقة 37 بمضاعفة النتيجة عبر ركلة ركنية أرسلها ديمبيلي وتابعها أرواخو برأسه داخل المرمى، في ظل ضياع وذهول لاعبي ريال مدريد، ليعلن الحكم بعدها عن نهاية الشوط الاول بتقدّم مستحق للضيوف.
برشلونة يصدم غريمه برباعية وسط ذهول من جماهير السانتياغو
الانهيار المدريدي تواصل مطلع الشوط الثاني، وكاد توريس أن يسجّل في الثواني الأولى منه عندما انفرد بكورتوا وسدّد برعونة خارج الشباك، ليعود بعدها بدقيقتين ويسجّل الهدف الثالث لفريقه بتسديدة من داخل المنطقة، مستفيدًا من تمريرة أوباميانج.
لم يترك برشلونة الفرصة لأصحاب الأرض حتى لالتقاط أنفاسهم، وسجّلوا الهدف الرابع في الدقيقة 52 بواسطة أوباميانج، الذي تلقّى تسديدة توريس، انفرد بكورتوا ورفع الكرة من فوقه باصمًا على الهدف الرابع. برشلونة متقدّم برباعية قبل انتهاء الساعة الأولى من المباراة.
اقنتع ريال مدريد أن الأمور خرجت من يده، وبات جلّ طموح مدربه ولاعبيه هو الخروج من المباراة بأقل أضرار ممكنة، وشهد النصف الساعة الأخير من المباراة عدة فرص خطيرة لبرشلونة، لكن مهاجميه تفنّنوا في إضاعتها، أخطرها كان عن طريق أوباميانغ وديمبلي، لتنتهي المباراة بفوز كاسح ومعنوي للبلوغرانا، أثبت الفريق من خلاله أنه قادر على العودة إلى المنافسة مستقبلًا على أعلى مستوى، بينما يدرك أنشيلوتي أنه يحتاج للكثير من العمل لتعديل الأوتار قبل ملاقاة تشيلسي في ربع نهائي الأبطال بعد أسبوعين.