حكمت المحكمة العليا في بريطانيا بقانونية الخطوة الحكومية في لندن بطرد طالبي اللجوء إلى رواندا الذين أثارت قضيتهم ضجّة حقوقية كبيرة حزيران/ يونيو الماضي ما أدّى إلى إرجاء عملية ترحيلهم حتى ينظر القضاء البريطاني في مدى قانونيتها من عدمها.
حكمت المحكمة العليا في بريطانيا بقانونية الخطوة الحكومية في لندن بطرد طالبي اللجوء إلى رواندا
وبرّرت المحكمة العليا البريطانية قرارها بالقول إن ما يمكن أخذه على خطوة الحكومة هو أنها "لم تنظر بشكل صحيح في الحالات الفردية لكن الخطة بحد ذاتها قانونية"، على حدّ وصفها.
وجاء في ملخص قرار المحكمة العليا في لندن ما نصّه: "خلصت المحكمة إلى أنه يحق للحكومة البريطانية أن تتخذ تدابير لإرسال طالبي لجوء إلى رواندا وأن يدرس طلبهم في رواندا بدلًا من المملكة المتحدة". مؤكدةً في ذات السياق أن التدابير التي قررتها الحكومة البريطانية لا تخالف اتفاقية جنيف للاجئين.
وتعود تفاصيل القضية إلى اتفاق الحكومة البريطانية برئاسة اليميني بوريس جونسون في نيسان/ أبريل 2022 مع نظيرتها الرواندية على صفقة بقيمة 120 مليون جنيه إسترليني مقابل إعادة "مهاجرين غير نظاميين" إلى كيغالي إلى حين الانتهاء من النظر في طلبات لجوئهم.
ويفتح حكم المحكمة العليا البريطانية الباب مجددًا أمام استئناف تلك الصفقة، التي كانت مثار انتقادات حقوقية واسعة، وإن كانت ما تزال ثمة فرصة أمام المعنيين بقرارات الترحيل والطرد لاستئناف قرار المحكمة العليا ما يعني أن قرار الترحيل لن ينفذ بشكلٍ عاجل.
لكن المحافظين في لندن، حسب وكالة فرانس برس، وضعوا نصب أعينهم وعلى قائمة أولوياتهم عدم التساهل مع الهجرة التي تعد من الوعود المقطوعة في إطار بريكست.
وفي هذا الصدد أكّدت وزيرة الداخلية اليمينية سويلا برايفرمان، عزمها تطبيق قرار الطرد "في أقرب وقت ممكن" معبّرةً عن "حلمها" برؤية المهاجرين يرحّلون إلى رواندا. مضيفةً القول: "نحن مستعدون لندافع عن أنفسنا في وجه أي تحرك قضائي جديد".
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المهاجرين الذين يعبرون بحر المانش بواسطة زوارقهم الصغيرة ارتفع منذ بداية العام الجاري إلى نحو 45 ألف مهاجر في مقابل 28526 وصلوا في 2021. وسجّل خفر السواحل غرق 4 مهاجرين على الأقل أثناء عبور زورقهم المانش، ما أعاد إلى الذاكرة حادثة 14 كانون الأول/ديسمبر التي غرق خلالها 27 مهاجرًا في ظروف مماثلة، كشف تحقيق جديد تحمّل خفر السواحل البريطانية جانبًا من مسؤولية وفاتهم بسبب تقاعسه عن عملية الإنقاذ بعد وصول نداء الاستغاثة إليه.
انتقادات حقوقية
تلقّت الأوساط الحقوقية قرار المحكمة العليا البريطانية بخيبة أمل كبيرة، لكنها أكّدت في المقابل أنها لن تستسلم لذلك القرار وستواصل جهودها لمنع "طرد أي لاجئ بالقوة" كما جاء على لسان كلير موزلي من مؤسسة منظمة "كير فور كاليه" التي تعد من بين الجمعيات التي تقف وراء الشكوى المرفوعة أمام القضاء ضد قرار الحكومة البريطانية.
في ذات الصدد أكّدت منظمة "ديتنشن أكشن" أنها ستستأنف القرار الذي وصفته نقابة الموظفين PCS بأنه "مدان أخلاقيًا وغير إنساني إطلاقًا"، معتبرةً أنه ينبغي "جديًا" استئناف القرار الصادر.
بدورها، انتقدت جمعية "ريفوجي كاونسل" ما وصفتها بالسياسة "الشريرة" التي تساوي "أشخاصًا يبحثون عن الأمن بسلع"، معتبرةً أن هذه السياسة "تمس بسمعة المملكة المتحدة كبلد يحترم حقوق الإنسان".
انتقدت جمعية "ريفوجي كاونسل" ما وصفتها بالسياسة "الشريرة" التي تساوي "أشخاصًا يبحثون عن الأمن بسلع"
من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية إنه من "المشين بعد الضحايا الذين سقطوا الأسبوع الماضي، أن ترفض الحكومة الإقرار أنه كلما أمعنت في القسوة والعقاب، كلما عرضت الناس اليائسين الذين لا خيار لهم للوصول بأمان إلى المملكة المتحدة، لمزيد من الخطر".