أثار بلاغ مشترك لوزارة الداخلية والعدل بالمغرب، جدلًا واسعًا، بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. ويؤكد البلاغ الذي صدر يوم أمس الخميس، بفتح السلطات المغربية بحثًا قضائيًا لتحديد هويات الأشخاص المتورطين في "تمجيد والإشادة" باغتيال أندريه كارلوف السفير الروسي في تركيا، على "فيسبوك" و"تويتر". ولم يمض سوى ساعات قليلة على إصداره حتى تم الإعلان عن إلقاء القبض على الكاتب المحلي، لشبيبة حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي، بمدينة "ابن جرير" من قبل المكتب المركزي للأبحاث القضائية المتخصص بقضايا الإرهاب، ووضعه تحت الحراسة المشددة، على خلفية اتهامه بالإشادة بعملية قتل السفير الروسي.
قرار حكومي مغربي بمنع الإشادة بمقتل السفير الروسي واعتقال ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بناء على القرار
ووفقًا لمصادر إعلامية محلية، فإن مسؤول شبيبة الحزب بابن جرير استدعي من طرف مكتب التحقيقات، من أجل الحضور لمقر الفرقة بمدينة سلا، مشيرة ذات المصادر إلى أن مسؤولًا في المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أخبر زوجة المسؤول أنه سيكون تحت الحراسة، طالبًا منها مده بالأدوية التي يستعملها.
ولم يرق الخبر لبعض النشطاء المغاربة على "الفضاء الأزرق"، الذين عبروا عن استيائهم من البلاغ المشترك بين الداخلية والعدل، خاصة المتعاطفين مع الحزب الإسلامي، لكن في المقابل يرى البعض أن البلاغ كان ضروريًا، وانطلق هاشتاغ #البلاغ_المشترك ، ليغزو بسرعة موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
عبد الصماد بنعباد، أحد المتعاطفين مع حزب العدالة والتنمية، دوّن في صفحته قائلاً: "من يضمن لي غدًا إن فرحت لمقتل بنيامين نتنياهو، إذا يسر الله قتله على يد المقاومة، ألا أعتقل لأني أشيد بالإرهاب؟". وزكرياء حميد، هو الآخر دوّن في صفحته على موقع فيسبوك "أظن البلاغ المشترك يستهدف أبناء "البيجيدي أي حزب العدالة والتنمية وحدهم.. وقد بدأ العمل به مع قيادي في الشبيبة ببن جرير".
اقرأ/ي أيضًا: المغرب.. نحو إلغاء مجانية التعليم العمومي!
أما سارة الطالبي، فكتبت في تدوينة على صفحتها: "المنظمات الحقوقية الدولية تنتقد دائمًا التعريف الفضفاض للإرهاب في القوانين المغربية"، مضيفة: "#البلاغ_المشترك وجه من أوجه استغلال هذا التعريف الفضفاض الذي يتبناه المغرب". الإعلامي أنس عياش، كتب هو الآخر في صفحته على "فيسبوك": "فيسبوك يستطيع أن يرسلك إلى السجن، أخي السعيد لمقتل السفير الروسي!". من جانب آخر، رأت الناشطة الحقوقية فدوى رجواني أن "تجريم الإشادة بالإرهاب ومعاقبة الفاعل أمر عادي، ولكن نتائجه على أرض الواقع لن تكون ذات قيمة إذا لم تصاحبه إجراءات تجفف منابعه الفكرية". وأضافت "مقررات مدرسية لا تنشر قيم التسامح وإعلام عمومي لا يساهم في تنشئة إنسان مدرك للقيم الكونية لحقوق الإنسان، وإذاعات خاصة تنتصر للخرافة والشعوذة وتدعو بشكل صريح إلى تبني سلوكات متخلفة وأشياء كثيرة لا يمكنها إلا أن تصنع لنا إنسانًا يرى أن الإشادة بالقتل رأي وحرية تعبير".
من جهة أخرى، جاء في بيان مشترك لوزارة الداخلية ووزارة العدل والحريات في المغرب، إلى أن "الإشادة بالأفعال الإرهابية تعد جريمة يعاقب عليها القانون". واعتبر البلاغ ذاته أن "هذه التصرفات المتطرفة وغير المقبولة تتناقض والتعاليم الإسلامية السمحة المبنية على نبذ الغلو والتشدد، وتتعارض وثوابت المجتمع المغربي المؤسسة على الوسطية والاعتدال وترسيخ قيم التسامح والتعايش". وعبر المغرب على موقفه من مقتل السفير الروسي، عبر بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، إذ أدان "بأشد العبارات" عملية الاغتيال، مؤكدًا "إدانة المغرب الشديدة للإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، والتزامها الثابت من أجل القضاء على هذه الآفة".
وأضاف البلاغ أنه "أمام هذه الجريمة الشنيعة، تقدم المملكة المغربية تعازيها إلى حكومة وشعب فيدرالية روسيا وكذا إلى أسرة الفقيد". ويذكر أنه مساء الاثنين الماضي، تعرض كارلوف لهجوم مسلح أثناء إلقائه كلمة في معرض للصور، بالعاصمة أنقرة ما أدى لمقتله، ولاقت عملية الاغتيال إدانات واسعة من عواصم عربية وغربية كثيرة.
اقرأ/ي أيضًا: