07-مارس-2019

من المرتقب أن تكون احتجاجات يوم الجمعة فارقة بالنسبة لمستقبل بوتفليقة (فيسبوك)

الترا صوت - فريق التحرير

عُرف الرّئيس عبد العزيز بوتفليقة، 1937، بقدرته على إزاحة خصومه ومنافسيه المدنيين والعسكريين، من خلال الإقالة إذا كانوا على قيد الخدمة الرّسميّة، وتهيئة الانقلاب عليهم من طرف وجوه أخرى في أحزابهم، في إطار ما يُعرف في الأدبيّات السّياسيّة الجزائريّة بـ"التّصحيحيّات"، حتّى استقرّ في الأذهان، خاصّة خلال عهدته الثّالثة، أنّه تمكّن من الجميع تقريبًا واستبعادًا.

كانت الاستقالات الحاصلة في مختلف مؤسّسات النّظام، والتحاق وجوهها التقليديين بالحراك الشّعبيّ، الذّي انطلق يوم الـ22 شباط/فبراير الفائت رفضًا لولاية خامسة للرّئيس، موجعة له ولمحيطه

فعل ذلك مع وزير الثّقافة الأسبق عبد العزيز رحّابي ورئيس الحكومة السّابق أحمد بن بيتور ورئيس أركان الجيش محمّد العمّاري ومدير المخابرات العامّة توفيق مدين المعروف بـ"ربّ الجزائر"، بحيث نقل الوصاية على الجهاز من وزارة الدّفاع إلى مؤسّسة الرّئاسة، بعد أن أعاد هيكلته، وفق رؤيته الخاصّة.

اقرأ/ي أيضًا: طلاب الجزائر يصنعون الفارق في الحراك الشعبي

من هنا، كانت الاستقالات الحاصلة في مختلف مؤسّسات النّظام، والتحاق وجوهها بالحراك الشّعبيّ، الذّي انطلق يوم الـ22 شباط/فبراير الفائت رفضًا لولاية خامسة للرّئيس، موجعة له ولمحيطه، الذّي يقوده شقيقه ومستشاره الخاصّ، الذّي كان يُعدّ نفسه، حسب مصادر، لأن يترأس الحزب الحاكم "جبهة التّحرير الوطنيّ" خلال أشهر، بعد ضمان عهدة خامسة لأخيه المريض منذ عام 2013، تمهيدًا لتزكيته خليفةً له.

أربعاء أسود في قصر المراديّة

بعد الجمعة الثّانية للحراك الشّعبيّ، في الفاتح آذار/مارس الجاري، اهتدى المحيط الرّئاسيّ إلى مخرج كان يعتقد أنّه سيُؤتي أكله، بالنّظر إلى وجاهته من حيث الشّكل، هو اقتراح تقليص العهدة الخامسة للرّئيس من خمس سنوات إلى عام واحد يتمّ فيها إطلاق دستور وندوة توافقيين يُفضيان إلى "تغيير النّظام والذّهاب إلى جمهوريّة ثانية".

غير أنّ الجزائريين وصفوا المقترح، الذي تضمّنته رسالة الرّئيس المترشّح، بالحيلة التّي يُريد بها الواقفون خلفها وقتًا إضافيًّا ليرتّبوا فيه مخرجًا مشرّفًا لهم ويُهيّئوا خليفةً موثوقًا فيه، فخرجوا في مسيرات ليليّة مباشرة بعد أن قرأها عبد الغني زعلان رئيس الحملة الانتخابيّة للرّئيس، تعزّزت بمسيرات حاشدة للطّلبة والأساتذة الجامعيين، واستقالات لوجوه من البرلمان والحزب الحاكم، وانسحابات وازنة من السّباق الرّئاسي المزمع تنظيمه يوم 18 نيسان/أبريل القادم.

تعزّز خيار الاستقالة والانسحاب والالتحاق بالحراك الشّعبيّ، أمس الأربعاء، بسحب أقدم حزب معارض في الجزائر هو "جبهة القوى الاشتراكية" لنوّابه من المؤسّسة التّشريعيّة بغرفتيها، وإعلان بعض المكاتب الولائيّة التّابعة للحزب الحاكم عن التحاقها بالخيار الشّعبيّ الرّافض للعهدة الخامسة.

وكانت أكثر المواقف إرباكًا للمحيط الرّئاسيّ وتعزيزًا للحراك الشّعبيّ، تلك التّي اتّخذتها منظّمات عُرفت تاريخيًّا بالحليف للرّئيس بوتفليقة. فقد أعلنت وجوه من "المنظّمة الوطنيّة للمجاهدين"، التّي تمثّل الشّرعيّة الثّوريّة في الجزائر، بحكم تمثيلها لمن بقي حيًّا من المشاركين في ثورة التّحرير، عن تزكيتها للحراك السّلميّ، ودعوتها الرّئيس إلى الاستجابة لـ"شعبه".

في السّياق، أعلنت "منظّمة قدماء المحاربين"، التّي تضمّ رجال المخابرات خلال ثورة التّحرير، والتّي يقودها صديق بوتفليقة ووزير داخليته السّابق ورفيق مشواره الدّراسيّ والثّوريّ دحّو ولد قابليّة، 1933،عن انضمامها إلى الحراك، إذ "ليس هناك مجال للتّسويف والتّأخير والمناورة لإدامة نظام يقود البلاد إلى المغامرة والأخطار".

في اليوم نفسه، أصدر "الاتحاد الوطنيّ لمنظّمات المحامين" بيانًا قال فيه إنّ خيار العهدة الخامسة لم يعد مطروحًا، داعيًا إلى مرحلة انتقاليّة لا تزيد عن سنة واحدة، يتمّ فيها تنظيم انتخابات رئاسيّة يُعدّ لها ويشارك فيها الجميع. وأشار بيان المحامين إلى أنّ ترشّح الرّئيس لولاية خامسة يتنافى مع الدّستور، بحكم مرضه وعدم قدرته على إيداع ملفّه بنفسه لدى المجلس الدّستوريّ.

اقرأ/ي أيضًا: حجب الإعلانات عن قناتين جزائريتين بسبب تغطيتهما "الواضحة" للحراك الشعبي

عيد المرأة يُهدي وردته للحراك

ما لم يكن منتظرًا هو حصول انشقاق في "الاتّحاد الوطنيّ للنّساء الجزائريات"، بحكم هيمنة الحزب الحاكم الثّاني، الذّي يرأسه الوزير الأوّل أحمد أويحي عليه من جهة، وبحكم المكاسب الكثيرة، التّي أحرزتها المرأة في عهد بوتفليقة من جهة ثانية، منها تغيير قانون المرأة لصالحها، وتقنين ضرورة تمثيلها بما لا يقلّ عن 33 بالمئة في المجالس المنتخبة في البلديّة والولايّة والبرلمان ومجلس الأمّة، إذ أعلنت وجوه قياديّة في الاتّحاد عن رفضهنّ لخيار العهدة الخامسة.

كانت أكثر المواقف إرباكًا للمحيط الرّئاسيّ وتعزيزًا للحراك الشّعبيّ، تلك التّي اتّخذتها منظّمات عُرفت تاريخيًّا بالحليف للرّئيس عبد العزيز بوتفليقة ونظامه

في سياق الحدث نفسه، انتشرت دعوات إلى خروج النّساء الجزائريات باللّباس التّقليديّ غدًا الجمعة، للاحتفال بعيدهنّ العالميّ، داخل الجمعة الثّالثة للحراك، والتّي يُنتظر منها أن تفصل نهائيًا في مصير الجماعة الحاكمة. فهل ينتهي أكبر حراك شعبيّ سلميّ عرفته الجزائر بالورود؟