يبدأ الشاب السوري عبدالرحمن دندشي حلقات برنامجه الساخر الشهير على الإنترنت "حمصوود"، بالإجابة عن الأسئلة التي تصله من متابعيه حول إمكانية متابعة ونشر حلقات البرنامج، الذي يعرف هجومًا وتبليغًا ضده. يطمئن عبدالرحمن دندشي جمهوره ومحبيه أن هناك حلولًا سريعة قادمة ويوضح أن البرنامج صار متاحًا عبر موقع الشركة المنتجة له "ميتافورا"، التي بدأ يتعامل معها مؤخرًا.
اشتهر حمصوود بنقده للدراما السورية ولاقى رواجًا لكنه تعرض لهجوم من شبيحة النظام الذين لا يؤمنون بالنقد الفني وحرية التعبير
وحمصوود بالأصل قناة على يوتيوب اشتهرت بنقدها للدراما السورية، وتقديم ملاحظات حول الأداء التمثيلي والنص والإخراج. والحرب التي يتعرض لها البرنامج هي من قبل شركات إنتاج سورية بحجة الملكية الفكرية، إذ أن البرنامج يقدم مقاطع من مسلسلاتهم للتعليق عليها، وبذلك صار البرنامج مستهدفًا بإغلاق قناته، إضافةً إلى حملات تشهير تعرض لها البرنامج بعد سخريته أو نقده لممثل أو مخرج ما.
"لا تستخفوا بذائقتنا الفنية"، هي أشبه بصرخة وجهها برنامج حمصوود منذ انطلاقته إلى صناع الدراما السورية، موضحًا أن المشاهد السوري، المستهدف الأول والأخير من إنتاج هذه الدراما، بات مفصولًا عنها تمامًا، ولذلك يجب أن يُسمع صوته ويؤخذ نقده بعين الاعتبار. هكذا حمل برنامج حمصوود مهمة الإشارة والتنويه لهذا الاستخفاف والمطالبة، بشكل ساخر، بتطوير مضامين الدراما السورية ومحتواها.
اقرأ/ي أيضًا: 6 من أشهر شباب "الستاند أب كوميدي" السوريين
ولأن أساليب المنع والمضايقة لا حدود لها، تواصل الضغط على برنامج حمصوود ورفعت مؤخرًا بعض شركات الإنتاج السورية دعوى قضائية بحق البرنامج. وكرد فعل، انتشر هاشتاغ #النقد_جريمة متضمنًا تنديدًا بالدعوى القضائية ومطالب بفسحة أكبر من حرية التعبير.
"المسألة شخصية وبعيدة عن الحقوق والقوانين كما يدعي القائمون على شركات الإنتاج"، هذا ما قاله عبد الرحمن دندشي خلال حديثه لـ"الترا صوت"، وتابع قائلًا: "من المضحك أن ترفع دعوى قضائية في بلد كسوريا حاليًا، حيث المحاكم غير عادلة، نحن أدرى بقضائنا ومحاكمنا، وهذا ما دعاني لاعتبار الأمر هجومًا شخصيًا لإيقاف البرنامج المزعج لهم لا أكثر".
رفعت مؤخرًا بعض شركات الإنتاج السورية دعوى قضائية بحق حمصوود بدعوى استعماله مقتطفات من مسلسلاتها
تعرض برنامج حمصوود لمحاولات كثيرة لإيقافه منذ العام الفائت، حين بدأ مضمونه يجد صدى بين الناس. في هذا السياق، يقول عبدالرحمن دندشي لـ"الترا صوت": "تبين لنا أن التبليغات ضد قناتنا على يوتيوب ليست من شركات إنتاج سورية فقط، بل من شركات أخرى لا علاقة لها بالإنتاج التلفزيوني والسينمائي، بغية حشد جهات مختلفة للضغط على اليوتيوب". ويردف عبدالرحمن دندشي: "قمنا بمراسلة إدارة يوتيوب الذين فهموا أن ما نقوم له على علاقة بحرية التعبير، وإن كنا نعرض مقاطع من المسلسلات فهي مجرد ثواني قليلة للتعليق عليها". أمّا بخصوص الدعوى القضائية المرفوعة فيؤكد القائمون على البرنامج أن الغرض منها هو إيقافه عن العرض نهائيًا، وغايتها بعيدة عن الغطاء القانوني الذي يضعونه كحجة.
من جانب آخر، يرى عبد الرحمن دندشي أن "الأمر إيجابي"، بمعنى أن برنامج حمصوود استطاع أن يؤثر على متابعي الدراما ما أغضب شركات الإنتاج. ويتابع: "لم يتغير مستوى الدراما السورية، هناك الكثير من المشاكل، التي تعتبر من البديهيات في الإخراج والتمثيل وكتابة السيناريو ونرى أن العاملين في الدراما لم يتخطوها بعد. الأمر الذي جعلنا كفريق عمل برنامج حمصوود وبعد 97 حلقة من البرنامج، والعمل على 49 مسلسلًا مختلفًا، نجد آلية العمل أسهل من الموسم الأول، خاصة مع تطور فريقنا". ويذكر أن عبد الرحمن دندشي قد اختص بالإخراج السينمائي والتلفزيوني في أوكرانيا، واليوم هو متفرغ تمامًا لبرنامجه حمصوود.
اقرأ/ي أيضًا: كوميديا الثورة السورية
أما عن خطواتهم القادمة، أخبرنا عبدالرحمن دندشي أنهم تواصلوا مع إدارة يوتيوب لبيان أن الدعوى رفعت ضدهم في بلد عرفت محاكمه بأنها غير عادلة، ويكمل عبد الرحمن دندشي: "نحن بدورنا سنتوجه للقضاء أيضًا ولكن من مبدأ الدفاع عن النفس، فقد وجهت بحقنا دعوى قضائية ظالمة". والجدير بالذكر أن سياسة يوتيوب قد ازدادت تعقيدًا في الفترة الأخيرة ما أجبر الكثير من "اليوتيوبيين" ممن لديهم ملايين الاشتراكات في قنواتهم إلى اللجوء إلى مواقع أخرى بعد أن أوقفت قنواتهم على يوتيوب.
ويختم عبد الرحمن دندشي حديثه لـ"الترا صوت": "توقيف العمل ليس ضمن الخطة، سنحاول بالاتفاق مع يوتيوب أن نستعيد القناة وكل الفيديوهات، وإن لم نتمكن من ذلك، لن يوقفنا هذا الأمر عن متابعة العمل، لدينا خطط بديلة للعمل والنشر وقد قمنا مؤخرًا بتطوير البرنامج، أضفنا فقرات جديدة يمكن أن تمدد من وقته ليصبح حوالي خمس وعشرين دقيقة، سيكون هناك فرق كبير في الحلقة التي ستصدر بعد عيد الأضحى. ونتأمل خلال فترة قصيرة أن يحل موضوع المنع نهائيًا".
ويعتبر برنامج حمصوود أول برنامج كوميدي ساخر جمع حوله أعدادًا كبيرة من المتابعين، وحشد حملات تضامن واسعة النطاق، شارك فيها العديد من الفنانين السوريين أيضًأ، ممن رأوا بأن حرية التعبير والنقد حق. لذلك يعلق عبدالرحمن دندشي: "نرى أن هذا المنع وهذه المضايقات لن تكون إلاّ خطوة تجاه تكريس الفكر النقدي وممارسة النقد باعتباره وسيلة تطوير وإنتاج في المجتمع، سواء فيما يخص مواد درامية ترفيهية أو مشاكل اجتماعية وسياسية أكبر نعاني منها".
اقرأ/ي أيضًا: