أعدت وكالة أنباء أسوشيتد برس تقريرًا يُسلط الضوء على الانتهاكات السعودية بحق المهاجرين الإثيوبيين، خلال حملات الترحيل القسري التي وصفتها الوكالة بـ"الإجراءات القمعية"، مُستندةً إلى روايات العديد ممن رحلوا، عمّا تعرضوا له في السعودية قبيل ترحيلهم. في السطور التالية نعرض لكم التقرير مترجمًا بتصرف.
قال آلاف من المهاجرين غير الشرعيين الإثيوبيين، الذين رُحلوا من السعودية في حملة جديدة من الإجراءات القمعية، إنهم تعرضوا لسوء المعاملة من قِبل السلطات أثناء احتجازهم.
تعرض آلاف من المهاجرين الإثيوبيين الذين رحلتهم السعودية، للضرب والتعذيب والاحتجاز في معسكرات قذرة قبل ترحيلهم
وفي مقابلات مع وكالة أسوشيتد برس، عند وصولهم إلى بلدهم، وصف العائدون تعرضهم للضرب والسرقة والإقامة في معسكرات اعتقال قذرة. وقد سلطت روايتهم الضوء على واحدة من أكثر طرق الهجرة ازدحامًا وأكثرها خطورةً في العالم، ولكنها لا تزال مهملة في ظل الاندفاع الأكبر نحو أوروبا.
اقرأ/ي أيضًا: في سابقة فريدة.. خبراء أمميون يدينون قمع السعودية للنشطاء والحقوقيين
تُعتبر السعودية، شأنها في ذلك شأن غيرها من دول الخليج الغنية، مركزًا يجتذب مئات الآلاف من الأشخاص من دول شرق أفريقيا الفقيرة مثل إثيوبيا والصومال، الذين يدفعون للمهربين لمساعدتهم للركوب على متن قوارب والعبور إلى الجانب الآخر من البحر الأحمر وصولًا إلى اليمن، حيث يسلكون طريقهم برًا عبر منطقة حرب.
وفي آب/أغسطس، قام المهربون بتسهيل هروب العشرات من المهاجرين إلى البحر قبالة اليمن، تاركين وراءهم أكثر من 50 شخصًا ليغرقوا. وفي آذار/مارس الماضي، قُتل أكثر من 30 مهاجرًا صوماليًا بينهم أطفال، فيما بدا أنه هجوم شنته مروحية من قوات التحالف بقيادة السعودية في حرب في اليمن.
وذكرت الأمانة الإقليمية للهجرة المختلطة، إن أكثر من 111 ألفًا و500 مهاجرٍ وصلوا شواطئ اليمن العام الماضي، بعد أن كان عددهم يقرب من 100 ألف مهاجر في العام السابق. ويجد كثير من أولئك الذين يصلون إلى المملكة العربية السعودية فرص العمل المتاحة في الخدمات المنزلية وعمال في المزارع، ويرسلون الحوالات لدعم أسرهم في الوطن.
وبدأت موجة الترحيل الأخيرة في السعودية، في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد عدة أشهر من تحذيرات الحكومة. وتقول السلطات السعودية إنها اعتقلت ما يقرب من 250 ألف شخص في هذه الحملة، ممن قالت إنهم يقيمون بشكل غير شرعي، وأجبرت حوالي 50 ألفًا منهم على الترحيل خارج البلاد. علمًا بأنّ حوالي 72% من الذين دخلوا السعودية بصورة غير شرعية، جاؤوا من اليمن، و26% من أثيوبيا.
بدأت السعودية موجة ترحيل قمعية اعتقلت فيها ما يقرب من 250 ألف شخص، قال الكثيرون منهم ممن رحلوا إنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة
ووصف أولئك الذين يصلون إلى أوطانهم في إثيوبيا العملية بأنها "متناقضة وغير عادلة". وقال ستة من الذين تحدثوا إلى أسوشيتد برس في مطار العاصمة أديس أبابا، إن ممتلكاتهم سُرقت من قِبل ضباط الشرطة السعوديين الذين تقاسموا أموالهم فيما بينهم. وقال بعض العائدين إنهم رأوا أبناء وطنهم يتعرضون لإطلاق النيران وأصيبوا بجروح عندما حاولوا الفرار من مداهمات الشرطة.
اقرأ/ي أيضًا: اليمن.. قصص قتل وتعذيب الأفارقة
وقال صادق أحمد، معلم سابق ذهب إلى السعودية قبل خمس سنوات، واحتجز لمدة 11 يومًا قبل ترحيله: "كانت زنزانة السجن التي حُجزنا فيها قذرة جدًا، لدرجة أن بعضنا أصيب بالمرض الشديد"، مُضيفًا: "وكأن هذا لم يكن كافيًا، لقد سرقت أمتعتنا أيضًا. جئت إلى هنا بدون أي شيء. وأعرف الكثير من الناس الذين فقدوا عقولهم بسبب هذا التعذيب".
فيما قال آدم كوغل، الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش، إنه أثناء مقابلاته مع عشرات المهاجرين اليمنيين في حملة ترحيل قمعية سعودية سابقة في عام 2014، وصف العديد منهم ما تعرضوا له بـ"الانتهاكات الجسيمة" بما في ذلك أثناء الهجمات التي شنتها قوات الأمن السعودي عليهم.
من جانبها، تقول الحكومة الإثيوبية، إنه تم ترحيل أكثر من 14 ألفًا من مواطنيها منذ منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر، و70 ألفًا عادوا طواعيةً. ولكن منظمة الهجرة الدولية تقول إن العدد الذي غادر سواء قسرًا أو طواعيةً منذ انتهاء العفو في شهر حزيران/يونيو بلغ 96 ألف شخص.
وقالت إحدى السيدات ممن رُحّلوا قسريًا، وتدعى فوزية عمر: "بقيت في السعودية لمدة خمس سنوات لمجرد دعم أسرتي وأشقائي الآخرين"، مضيفةً أنها أمضت شهرًا في السجن.
تقدر منظمة الهجرة الدولية عدد الإثيوبيين الذين رُحّلوا قسرًا من السعودية منذ حزيران/يونيو الماضي بـ96 ألف شخص
ويُقدر أن 400 ألف مهاجر إثيوبي كانوا يعيشون في المملكة العربية السعودية، وقالت المنظمة الدولية للهجرة، إن "عدد العائدين يُمكن أن يرتفع أكثر في الأسابيع المقبلة"، مضيفةً أن هناك حاجة إلى حوالي 30 مليون دولار لتغطية احتياجاتهم الفورية، والتي تشمل تكاليف السفر إلى وجهاتهم النهائية وخاصةً للعديد من أشد الفئات ضعفًا مثل القُصر غير المصحوبين بذويهم، والأمهات العازبات، وأولئك الذين ادعوا أنهم تعرضوا لسوء المعاملة.
اقرأ/ي أيضًا:
أسواق نخاسة في ليبيا لبيع المهاجرين.. والثمن أقل من 400 دولار!
مسؤولة أمريكية تقرّ بانتهاكات السعودية في اليمن.. فهل يُحظر بيع السلاح لها؟