أعلى "كبري" وسط القاهرة، أطلقت شركة زيت طعام حملة إعلانية تحت عنوان "انتي عانس؟" أثارت حالة من الغضب لدى النسويات في مصر، والحقوقيين بشكل عام، اعتبروها إهانة صريحة، ليست الأولى من نوعها، للسيدات، خاصة أن لافتات أخرى تابعة للحملة حملت أكثر من مثل مصري قديم، مستهجَن اجتماعيًا، من بينها: "الست لو طلعت المريخ مالهاش غير الطبيخ"، و"يا مخلف البنات يا شايل الهم للممات"، و"اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24".
أطلقت شركة زيت طعام مصرية حملة إعلانية تحت عنوان "انتي عانس؟" أثارت حالة من الغضب لدى النسويات والحقوقيين بشكل عام
تداول، بشكل واسع، نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لإحدى اللوحات الإعلانية الخاصة بالحملة، التي تحمل صورة لسيدة حزينة، ويرقد بجانبها وَسْم "إنتي المَثَل"، وتطلب من السيدات إرسال القصص الخاصة بكل منهنّ، ومعاناتهنّ مع "العنوسة"، واسم الزيت الذي تروِّج له باعتبارها حملة تقدّمها الشركة تلبية للمسؤولية الاجتماعية، التي تحثّ عليها أخلاقيات الإعلان.
اقرأ/ي أيضًا: كيف يُحتفل بـ"عام المرأة" في مصر؟
أغلب التعليقات مسّت وترًا حسَّاسًا لدى شركة الزيت التي اعتبرت نفسها تقدّم خدمة اجتماعية، فطغى تساؤل حول علاقة العنوسة بزيت الطعام، إذ إنه لا رابط بينهما إلَّا محاولة الشركة إثارة الجدل لتحقيق دعاية مجانية. وبينما تحوَّل الأمر إلى معركة هزَّت أوساط الإعلام والإعلان في مصر، ظلَّت قصة كاملة كامنة وراء الإعلان لم يحلّ موعد الكشف عنها حتى الآن.
بدأت الحملة بخمسة أمثلة وفيديو على "فيسبوك"، وقال نادر خليل، صاحب شركة الإعلانات المنفذة للحملة، لـ"ألترا صوت"، إنّ الشعار الأساسي لها "انتي أقوى من أي مثل"، الذي يوضح الغرض من ورائها: "نشرت الأمثال المسيئة على 27 لوحة في القاهرة والمحافظات، ركزت على الطرق العامة والميادين، والإنترنت، بهدف نسف المعتقدات القديمة حول المرأة، وإبراز أنّ المرأة أقوى من الأمثلة الشعبية في المرحلة الثانية من الحملة".
لم تفهم الأمثلة الإعلانية على هذا النحو، ولهذا السبب ثارت أوساط النشطاء ضدها، لكن للحملة أمثال جديدة موازية ومناوئة للأمثال الشعبية القديمة، مستغلين تجارب الفتيات والسيدات، اللاتي أرسلنها عبر الصفحة الرسمية لـ"انتي عانس"، وتفاعل عدد كبير معها، منها: "بالصبر والثقة هتعدّي أي مشكلة"، و"انتي معنى كلمة الكمال.. فيكي قوة تهد جبال"، و"اوعي تتنازلي عن التعليم ده سلاحك.. وخلي ولادك هما سبب كفاحك"، و"حب جوزك صبّرك، وفعل الخير مش هيخسرك".
لكن ماذا وراء هاشتاج "انتي المثل" الذي استخدمته ذات الحملة على تويتر؟.
وفق خليل، فالهدف جذب السيدات والفتيات ولإرسال قصصهنّ الخاصة في المجتمع، الذي يواجههن بجلافة شديدة بمثل من الأمثال سالفة الذكر، أو سؤال: "انتي عانس؟". وبناء على كل قصة، يتم ابتكار مثل جديد "إيجابي" ينشر على فيسبوك نوعًا من الدعم النفسي لصاحبات القصص.
ردًا على الحملة، التي اعتُبرت مارقة وتهيل بآيات التخلف على رؤوس السيدات، انطلق هاشتاج آخر حمل عنوان "أزيلوا إعلانات الإهانة" على أيدي مجموعة فتيات، فقرر جهاز حماية المستهلك، التابعة للحكومة المصرية، وقف الحملة الإعلانية بعد تلقيه سيلًا من الشكاوى بحقها.
برَّرت الحكومة المصرية تعطيل الإعلان، على لسان عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، بأن الإعلان يحثّ على البغض والكراهية والعنف، ويخالف القانون. استلم نشطاء القرار بكثير من الغضب، وقليل من ردود الفعل، حيث اعتبروه تدخلًا حكوميًا لحظر الإبداع، أو العصف الذهني، إذ إن فكرة الحملة الإعلانية -بالنسبة لهم- كانت واضحة منذ اليوم الأول. يمكن أن يترتَّب على الوقف حَصْر سوق الترويج المصري في الإعلانات المباشرة، ما سيؤدي إلى تخلفه.
قرر جهاز حماية المستهلك وقف الحملة الإعلانية بعد تلقيه سيلًا من الشكاوى بحقها وباعتبارها تحث على البغض والكراهية والعنف
اقرأ/ي أيضًا: هل مصر مكان يصلح لتعيش فيه امرأة؟
"انتي عانس؟" ليست الحملة الإعلانية الأولى، التي اعتبرت مهينة للمرأة، فقد سبقتها حملات كانت مهينة فعلًا، وأبرز الحملات السابقة هي:
"جوزونا"
حملت الحملة، التي طرحت على فيسبوك، عنوان "أول رؤية شبابية متكاملة لتيسير الزواج في أنحاء الوطن العربي"، وناقشت السبب الذي يدفع المرأة لعدم إكمال الحياة الزوجية وصفات الرجل التي تدفعها إلى هجره، وتطور الأمر إلى مناقشة الصفات المطلوبة للرجال في الفتيات فانفجرت الأزمة، وثارت حملات أخرى تطالب بإغلاقها بحجة أنها "تسليع متعمَّد" للمرأة.
"جوزني الثانية"
أطلق عدد من شباب المنيا الحملة في إحياء للتقاليد الصعيدية، التي تشجع تعدّد الزوجات، وفي محاولة لـ"تهذيب" أفكار الحملة، ادَّعوا أن الهدف ليس "الرمرمة" إنما مواجهة ما يسمونه "العنوسة"، وإنقاذ الفتيات من الطلاق بعد ارتفاع نسبه مؤخرًا.
"هذا ليس شكلًا لفتاة"
صورة لكمثرى بجوارها جملة "هذا ليس شكلًا لفتاة" أثارت الحرب على "جولدز جيم" العالمية، بعد نشر فرع صالات الرياضة بمنطقة دريم لاند بالجيزة الإعلان في محاولة لتشجيع الفتيات على الاهتمام بلياقتهنّ البدنية. هاجمت مجموعات نسوية الإعلان. غضب الفرع الرئيسي المالك لمجموعة صالات الرياضة، وأعلن إنهاء تعاونه مع الوكيل الإعلاني له في مصر.
اقرأ/ي أيضًا: