تحت ضغط وانتقادات النشطاء ومنظمات حقوق الإنسان وقرارات محاكم بريطانية أدخلت حكومة ريشي سيناك تعديلات على مشروع قانون ترحيل المهاجرين الذي بات يعرف في أوساط سياسية بريطانية بـ "قانون أوقفوا القوارب".
حكومة سوناك أجبرت على إعادة النظر في قانون الهجرة الذي يُعدّ أحد أولوياتها، حيث دافع سوناك عن القانون وروج له في محافل دولية مختلفة، لكنه جوبه بمعارضة قوية وانتقادات لاذعة
وعلى الرغم من أنّ التعديلات التي أدخلتها الحكومة لا تصنف باعتبارها جذرية ولا تتضمن التراجع بوجه من الوجوه عن ترحيل المهاجرين نحو رواندا، فقد كانت التعديلات فرصة استغلها اليمين المتطرف لمهاجمة الحكومة.
وتصدرت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة بريتي باتيل حملة الانتقادات اليمينية بوصفها التعديلات الجديدة بـ "التنازلات المخيبة"، معتبرةً أن التعديلات الجديدة "تلغي الركائز الأساسية لمشروع القانون".
هذا ويعقد البرلمان البريطاني مساء الثلاثاء جلسة للتصويت على جملة التعديلات البالغة 20 تعديلًا التي أدخلت مؤخرًا على قانون "الهجرة غير النظامية"، مع الإشارة إلى أن مجلس اللوردات قد وافق على التعديلات "بعد تجريد مشروع القانون من جوانبه الأكثر إثارة للجدل" حسب أعضاء المجلس الذين أكدوا أن النسخة الجديدة ستمكن بريطانيا من الالتزام بتعهداتها الدولية.
وكانت وزيرة الداخلية البريطانية الحالية سويلا برافرمان المعروفة بمواقفها المتشددة ضد المهاجرين قد أعلنت عن بعض التعديلات على مشروع قانون "أوقفوا القوارب"، من أجل امتصاص حالة الغضب التي أثارها القانون المثير للجدل، حيث حدت التعديلات الجديدة "بعض الشيء من خطط احتجاز الأطفال والنساء الحوامل التي حددت في القانون الجديد بمدة أقصاها 72 ساعة بعد أن كانت 28 يومًا".
كما أسقطت التعديلات "الأثر الرجعي" لعمل القانون، بحيث لن يكون بمقدور الحكومة ترحيل الآلاف ممن وصلوا إلى المملكة المتحدة هذا الصيف. مع الإشارة إلى أن أكثر من ألف مهاجر "تمكنوا من عبور القناة يومي الجمعة والسبت الماضيين، ليرتفع إجمالي المهاجرين هذا العام إلى أكثر من 125 ألف".
لكنّ التعديلات لم تَطل خطة ترحيل المهاجرين إلى رواندا وتوقيف كل طالبي اللجوء وترحيلهم إلى بلدانهم في حال كانت آمنة، وهي خطة أثارت جدلًا كبيرًا، إلا أن حكومة سوناك تبدو متمسكة بها إلى آخر لحظة، إذ أعلنت عزمها التوجّه إلى المحكمة العليا للحصول على قرار نهائي بشأنها، بعد أن خسرت معركتها الأولى قبل أسبوع أمام محكمة الاستئناف حيث أجمع القضاة على أن الخطة "غير قانونية".
وفي تعليق لها على التعديلات الجديدة قالت وزير الداخلية البريطانية برافرمان إن من شأن هذه التعديلات أن "تسرّع تمرير القانون عبر البرلمان مع الاستمرار في توجيه رسالة واضحة حول عدم التسامح مع استغلال الأطفال والأشخاص المستضعفين من قبل عصابات التهريب الإجرامية"، على حدّ تعبيرها.
وكانت حكومة سوناك أجبرت على إعادة النظر في قانون الهجرة الذي يُعدّ أحد أولوياتها، حيث دافع سوناك عن القانون وروج له في محافل دولية مختلفة، لكنه جوبه بمعارضة قوية وانتقادات لاذعة، حيث وصفت اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان في مجلسي العموم واللوردات القانون بـ"غير الشرعي" و"المسيء لسمعة المملكة المتحدة"، ففي نسخته الأولى كان القانون يتيح للحكومة إيقاف كل طالبي اللجوء بمن فيهم الأطفال القصّر غير المصحوبين بذويهم، والنساء الحوامل وكبار السن المرضى وترحيلهم على الفور.
ودفعت الانتقادات حكومة سوناك إلى تعديل القانون "خوفًا من أن تفشل في تمريره في مجلس العموم البريطاني ومجلس اللوردات"، بالإضافة إلى إبطال القانون في المحكمة.
انتقادات من اليمين المتطرف للتعديلات
وصفت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة بريتي باتيل التعديلات على قانون الهجرة بالمخيبة، قائلةً في تغريدة على تويتر: "لقد قيل لنا إن مشروع قانون الهجرة غير النظامية سيوقف القوارب. إلا أن التعديلات الحالية تلغي الركائز الأساسية لمشروع القانون هذا".
وباتيل هي التي "اخترعت" خطة رواندا قبل عام ونصف العام متعهدة بترحيل كل طالبي اللجوء إلى البلد الأفريقي برغم الانتقادات والاحتجاجات.
وللمفارقة فإن وزيرة الداخلية السابقة باتيل والحالية برافرمان تنحدران من عائلتين مهاجرتين، لكنهما وعلى غرار سوناك المنحدر من أصول هندية، ينتميان لليمين المحافظ، كما تعرفان في الأوساط اليمينية البريطانية بولائهما المطلق لرئيس الوزراء السابق بوريس جونسون ولمتشدّدي حزب المحافظين الحاكم، كما تتهمان في دوائر حكومية بالتنمر والتعجرف.
يشار إلى أن قضاة محكمة الاستئناف البريطانية، يوم 29 حزيران/ يونيو، حكموا بأغلبية اثنين إلى واحد أنه من غير القانوني لحكومة المملكة المتحدة إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، حتى تتم معالجة طلباتهم.
التعديلات التي أدخلتها الحكومة لا تصنف باعتبارها جذرية ولا تتضمن التراجع بوجه من الوجوه عن ترحيل المهاجرين نحو رواندا
جاء الحكم بعد جلسة استماع استمرت أربعة أيام في نيسان/ أبريل ضد حكم المحكمة العليا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي والذي وجد أنه من القانوني إرسال بعض طالبي اللجوء، بما في ذلك القادمين بالقوارب الصغيرة، إلى رواندا، حتى معالجة طلباتهم بدلاً من التعامل مع طلباتهم للحصول على ملاذ في المملكة المتحدة.