أعلنت السلطات الإيطالية توقيفها أحد أخطر وجوه المافيا الصقلية وزعيمها، ماتيو ميسينا دينارو، بعد 30 عاماً من الملاحقات. ووفق ما أعلنه نائب رئيسة الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني، في تغريدة صباح اليوم، أنه "بعد 30 عاماً من الهروب، انتهى الأمر بالزعيم الرئيسي (لمافيا صقلية) ماتيو ميسينا دينارو مصفَّد اليدين".
ظل دينارو لوقت طويل على رأس لائحة المطلوبين لدى العدالة الإيطالية، وكانت قد حكمت عليه غيابياً بالسجن مدى الحياة بعد إدانته في جرائم قتل
وأضاف سالفيني، شاكراً سلطات بلاده، قائلاً: "بعاطفة كبيرة، أشكر نساء السلطة ورجالها الذين لم يستسلموا أبداً، مؤكدين على القاعدة التي تفيد بأنه عاجلاً أم آجلاً، حتى أكبر المجرمين المتوارين لن يفلتوا من العدالة"، معتبراً إنه "يوم جميل لإيطاليا، ويمثل تحذيراً للمافيا بأن المؤسسات وأبطالنا في الزي العسكري لا يستسلمون أبداً".
وفي ذات السياق، غرَّدت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، معلنة اعتقال زعيم الـ "كوزا نوسترا"، بالقول:" في أعقاب ذكرى إلقاء القبض على توتو رينا، تم اقتياد ماتيو ماسينا دينيرو رأس آخر من رؤوس الجريمة المنظمة، إلى العدالة:. وأضافت محتفية: "إنه انتصار كبير للدولة يظر أنها لن تستسلم في وجه المافيا (...) أتوجه بأحر الشكر إلى الحكومة ورجال الشرطة، والمدعي العام لمكافحة المافيا والمدعي العام في باليرمو".
وشدَّدت ميلوني أيضاً على أن: "الوقاية ومكافحة المافيا، ونظام الاعتقال المشدد لأعضائها، كوسيلة أولى لأي حكومة مهتمة بمكافحة (تلك المنظمات)، سيبقى الأولوية المطلقة لهذه الحكومة".
ومن جانبه، كشف الجنرال في قوات الدرك الإيطالية باسكوالي أنجيلو سانتو لوكالة "آجي" المحلية، أنه في "اليوم، السادس عشر من كانون الثاني/يناير، أوقفت قوات الدرك (...) المطلوب الهارب ماتيو ميسينا دينارو داخل منشأة صحية في باليرمو حيث ذهب للخضوع لعلاجات سريرية".
ظل دينارو، الذي يلقبه أتباعه بـ "زعيم الزعماء"، لوقت طويل على رأس لائحة المطلوبين لدى العدالة الإيطالية، وكانت قد حكمت عليه غيابياً بالسجن مدى الحياة بعد إدانته في جرائم قتل. ومنذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ضاعفت الشرطة الإيطالية عمليات الاعتقال ومصادرة الممتلكات في محيطه، في استراتيجية عزل استغرقت قرابة 20 عاماً لتؤتي ثمارها اليوم، في دلالة على حجم شبكة الدعم التي كانت تحيط به.
وتولى دينارو قيادة الـ "كوزا نوسترا"، بعد وفاة الأبوين الروحيين للمافيا الإيطالية توتو رينا وبرناردو بروفنزانو في السجن عامي 2016 و2017. كما تم إلقاء القبض على خليفتهما ساتيمو مينيو، على إثر حملة اعتقالات شنتها الشرطة الإيطالية عام 2018، شملت أكثر من 45 من أعضاء هذه المافيا خلال مداهمة واسعة في مدينة باليرمو.
وتنشط مافيا "كوزا نوسترا" حالياً، بشكل أساسي، في تجارة الهيروين التي تدر على أعضائها أرباحًا طائلة. فيما يعود تاريخ نشأة هذه المنظمة الإجرامية إلى منتصف القرن الـ19 الميلادي، وخلال القرنين 20 و21 عملت على بسط نفوذها وتدعيم تنظيمها بشكل محكم، كما توسيع نشاطها في العالم مستفيدة من الثورة في وسائل النقل وتكنولوجيا المعلوميات. ويعد فرع الولايات المتحدة أقوى فروع المافيا الصقلية خارج منشئها الأصلي، غير أن مكتب التحقيقات الفديرالي يعتبر المافيا الأمريكية مستقلة عن نشاط نظيرتها الإيطالية.
وتملك "كوزت نوسترا" نفوذاً سياسياً مهماً، ووصل نشاطها إلى بعض المشاريع التي مولها الاتحاد الأوروبي في إيطاليا مثل مزرعة توليد الكهرباء بواسطة الرياح في صقلية. وحسب الباحث في أنشطة المافيا في جامعة أكسفورد البريطانية، فريدريكو فاريزي، فإن كوزا نوسترا تفرض في الوقت الراهن أتاوات على مراكز إيواء اللاجئين التي تمولها الدولة، إضافة الى الصراع بينها وبين عصابات المهاجرين حول السيطرة على شبكات الدعارة في ايطاليا.
هذا ويقدر مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي، أن عدد أفراد أهم ثلاث عصابات مافيا ايطالية، "كوزا نوسترا" و"كامورا" و"ساكرا كورونا"، بحوالي 25 ألف شخص بينما عدد الأفراد المرتبطين بها حول العالم يصل إلى ربع مليون شخص.