كشفت وحدة التحقّق عبر المصادر المفتوحة في التلفزيون العربي عن الهوية الحقيقية لألسنةٍ صهيونيةٍ ناطقةٍ بالعربية تُشارك الاحتلال الإسرائيلي في نشر مزاعمه، بينما يتم الترويج لها على أنّها شخصيات عربية ومُسلمة داعمة للكيان الإسرائيلي.
انطلق التحقيق الخاص من رصد نقديّ للعبارات والمنشورات المضللة التي بدت أنها تندرج ضمن رسالة موحّدة وحملة منظّمة، على غرار "دواعش حماس لا تمثلني"، التي روّج لها الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على مواقع التواصل الإجتماعي ناسباً إياها إلى آراء شخصيات عربية ومسلمة، يرفضون حركة حماس، وجرى تضخيمها عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولاسيما تويتر.
وعليه قام فريق "العربي" بالتدقيق في الوجوه الواضحة في تغريدة أدرعي من خلال مطابقة الوجوه وملامحها وسجلات الصور الواردة في محرّكات البحث باستخدام أدواته الخاصة التي تستعين بتقنيات الذكاء الاصطناعي، لتحديد هوية الأشخاص.
فمن هم هؤلاء الأشخاص؟
من خلال مطابقة لون بشرته وشكل نظاراته الطبية، تمكن فريق "العربي" من تحديد هوية تامر مسعودين الواردة صورته في تغريدة أدرعي، واختار أفضل صورة له، وتتبّع مصدرها عبر محرّكات البحث، لتقود الفريق إلى ملخّص تعريفيّ له في موقع جامعة ريتشمان الإسرائيلية. إنه تامر مسعودين المولود في قرية وادي الأنعام البدوية عام 1997.
من هو تامر مسعودين؟
في المرحلة الثانوية، شارك مسعودين في عدة نشاطات اجتماعية وتعليمية غير رسمية لشباب إسرائيليين. كما شارك في برنامج كاف هازينوك وهو برنامج القيادة الوحيدة في إسرائيل، لمدة 10 سنوات، حيث قام مسعودين بتعليم مجموعات مختلطة من اليهود والعرب.
وبعد عامين من الخدمة الوطنية في الجيش الإسرائيلي، تطوّع في منظمة مكافحة معاداة السامية على الإنترنت، عقب التحاقه بجامعة ريتشمان.
وشارك مسعودين في وفود إسرائيلية لدول عربية، ويطمح أن يكون أول وزير خارجية عربيّ لإسرائيل، كما أنّ له العديد من المقالات في صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
يحيى محاميد
وفي تغريدة أدرعي ظهر وجه آخر، ظهرت له صور عدة من خلال أدوات "العربي" للتعرّف على الوجوه، وأهمها صورة يرتدي فيها الزيّ العسكري للجيش الإسرائيلي، والتي تقود إلى تعريف صوتيّ بنفسه إنه يحيى محاميد. ويقول في مقطع مصور له: "اسمي يحيى محاميد. عمري 21 عامًا. أنا إسرائيلي، عربي، مسلم".
يحيى محاميد هو عربيّ صهيونيّ مناصر لإسرائيل، ولد في أم الفحم، وتطوع بالجيش الإسرائيلي، وخدم لمدّة عامين كمدرّب رماية، ثمّ كضابط تأديب، قبل أن يتم تجنيده في وفد خاص في دبي للعمل على اتفاقيات السلام بين إسرائيل والإمارات.
جوناثان الخوري
وخلال عملية البحث عن هوية هؤلاء، توقف تحليل "العربي" عند حساب جوناثان الخوري، الذي سجل نشاطًا واسعًا في الترويج للروايات الإسرائيلية منذ اللحظة الأولى من العدوان الإسرائيلي.
والخوري هو لبناني الأصل، فر من لبنان بعد تحرير الجنوب عام 2000، ملتحقًا بوالده الذي تعاون مع الجنود الإسرائيليين وقت الحرب.
ويفخر بأنّه تعلم العبرية في ثلاثة أشهر، بعد تقدمه للالتحاق بالجيش الإسرائيلي، ودرس الخوري الإعلام والعلوم السياسية في المرحلة الجامعية، كما عمل لمدّة طويلة كناطق بلسان منتدى تجنيد الطائفة المسيحية، ويحاول اليوم من خلال ندواته جذب أبناء المجتمع العربي في الداخل المحتلّ للانضمام إلى دوائره.
ونشر الخوري صورة له مع الثنائي تامر مسعودين ويحيى محاميد، إلى جانب فتاة تدعى جلنار مودي، في تعليق يقول إنّهم فريقٌ يعمل ليلاً ونهارًا لنشر الأخبار باللغة العربية.
يظهر هذا الفريق أيضًا في منشور عبر حساب محاميد على إنستغرام، بتعليق يقول إنّهم أبطال الديجيتال، كما أن لديهم صورة بعد مقابلة تلفزيونية مع قناة مكان في حيفا.
جلنار مودي
انتقل فريق العربي للبحث عن جلنار مودي. ورصد التحليل مقابلة تلفزيونية تجمع جلنار مودي ويحيى محاميد، عبر القناة الثانية عشرة الإسرائيلية، في فقرة عن المؤثرين الذين يشاركون المحتوى الإسرائيلي بالعربية عبر منصّات التواصل.
مودي درزية من الشمال، تخرجت من جامعة تل أبيب بتخصّص الإعلام والعلوم السياسية.
وتدربت جلنار في قناة iNews 24 الإسرائيلية عام 2020، وتعمل حاليًا في مركز إدارة الأزمات التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، والذي التحقت به في أغسطس/ آب عام 2022.
وبعد العداون الإسرائيلي على قطاع غزة واستكمالاً لما يقوم به الاحتلال من بروباغندا إعلامية لحشد تأييد رأي عام تحديداً في الغرب، وضمن إستراتيجية عمله لإظهار الرفض العربي والفلسطيني لحركة حماس وتصويرها ب "الداعشية" تمّ تصدير هذه الوجوه للإعلام الغربي وللمنصّات الرقمية على أنّهم مؤثّرون من أصول عربية داعمة لإسرائيل خلال العدوان الحاليّ.
لكن عددًا من المؤسسات الإعلامية العربية والغربية، من ضمنها موقع "الترافلسطين"، وضمن تغطية المستمرة للمواجهة المفتوحة في فلسطين والعدوان على غزة، يعملون من خلال فرق التحقق لتفنيد الأخبار الزائفة والفبركات الإعلامية التي تناقلتها وسائل إعلام غربية تبنت رواية الاحتلال في مجريات العدوان على قطاع غزة وأبرزها الإدعاءات الإسرائيلية حول انتهاكات ضدّ الأطفال، أو تلك المتعلقة بقصف مستشفى المعمداني، والذي أكّدت عدة تحقيقات مستقلّة أنه جريمة بتوقيع إسرائيلي، راح ضحيتها زهاء 500 فلسطيني في قطاع غزّة.