ليس جديدًا أن تكون "دير شبيغل" أكثر مناداة بالحريات، ورأس حربة في حربها ضد القمع. المجلة اليسارية، التي خاضت معارك قاسية في وجه "محادل" الدكتاتوريات، وفضحت في تقاريرها "فاشية" رؤساء وشركات يدعون الديمقراطية كأحد أوجه رسالاتهم ومشاريعهم التي تبطن القتل وكم الأفواه وابتزاز البشر. وفي عددها الأخير، نشرت المجلة الألمانية المنتشرة عالميًا على غلافها رسمًا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يظهره وهو يقطع رأس تمثال الحرية، مما أثار انتقادات في أوروبا والولايات المتحدة. وأيضًا حقق للمجلة إيرادات بيع وشراء على الموقع الإلكتروني.
استعانت "دير شبيغل" برسام أمريكي لتنفيذ رسم كاريكاتوري يظهر ترامب يذبح تمثال الحرية على غلاف عددها الأخير
وعلى غلاف الأسبوعية اليسارية الألمانية، يظهر الرسم الذي نفذه الفنان الأمريكي الكوبي أيديل رودريغيز ترامب يحمل بيد رأس تمثال الحرية، وبأخرى سكينًا تقطر دمًا. وفي أسفل يمين الغلاف كتبت فقط عبارة "أمريكا أولًا"، شعار الرئيس الأمريكي الجديد. وليست المرة الأولى التي تهاجم فيها "شبيغل" ترامب، فقد تصدر غلافها في الشهرين الماضيين صور لترامب، أحدهما يظهره على شكل مذنب قادم لتدمير الأرض، وفي المرة الثانية وضعت صورة له وفي الخلفية علم الولايات المتحدة يحترق. وقال رئيس تحرير "شبيغل" كلاوس برينكباومر لوكالة "الأنباء الألمانية"على غلافنا، يقطع الرئيس الأمريكي رأس الرمز الذي يرحب بالمهاجرين واللاجئين في الولايات المتحدة منذ 1886، ومعه الديمقراطية والحرية".
اقرأ/ي أيضًا: "بريتبارت نيوز".. ترامب صحافيًا
وقارنت صحيفة "بيلد" الألمانية في شكل مباشر بين الرسم والبريطاني محمد أموازي أو "الجهادي جون" الذي شوهد في أشرطة مصورة عدة لتنظيم "داعش"، أظهرت قطع رؤوس رهائن. وردًا على سؤال للصحيفة، أبدى نائب رئيس البرلمان الأوروبي ألكسندر لامبسدورف عضو الحزب الليبرالي الألماني تحفظه عن الرسم معتبرًا أنه "يستهتر في شكل مقيت بضحايا الإرهاب. ورأت صحيفة "دي فيلت" المحافظة أن شبيغل "تقلل من قيمة الصحافة". في المقابل، عمد متظاهرون بعد ظهر السبت أمام بوابة براندبورغ في برلين في جوار السفارة الأمريكية إلى رفع غلاف المجلة احتجاجًا على مرسوم ترامب ضد المهاجرين.
صحيفة "نيويورك تايمز" وصفت الرسم بـ"المدهش" فيما وجدت "فوكس نيوز" أنه غريب وتفاعل مع الغلاف ملايين من مستخدمي السوشيال ميديا
وفي الولايات المتحدة، وصفت صحيفة "واشنطن بوست" غلاف "شبيغل" بأنه "مدهش"، في حين اعتبره موقع شبكة فوكس نيوز "غريبًا". وفي تشرين الثاني/نوفمبر، وبعد انتخابه المفاجئ رئيسًا، نشرت "شبيغل" ترامب على غلافها في صورة مذنب عنيف يهوي على الأرض. ويوم الجمعة الماضي، نشرت أسبوعية "ذي نيويوركر" الأمريكية على غلاف عددها الأخير رسمًا لشعلة تمثال الحرية مطفأة. وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الصورة، وتداولها العديد من الصحفيين والنشطاء.
وكان ترامب أمر، في السابع والعشرين من كانون الثاني/يناير، أمرًا تنفيذيًا يقضي بمنع دخول رعايا 7 دول إسلامية إلى الولايات المتحدة؛ هي سوريا، والعراق، واليمن، والصومال، والسودان، وليبيا، وإيران، مدة 3 أشهر، ومن ضمن ذلك من يحملون الإقامة الدائمة والجنسية المزدوجة. كما أن الأمر يوقف لمدة 120 يومًا العمل بالبرنامج الفيدرالي لاستضافة وإعادة توطين اللاجئين القادمين من دول تشهد حروبًا، أيًا تكن جنسية هؤلاء اللاجئين.
وفيما يخص اللاجئين السوريين، فرض الأمر التنفيذي حظرًا على دخولهم إلى أجل غير مسمى، أو إلى أن يقرّر الرئيس ترامب نفسه أن هؤلاء اللاجئين ما عادوا يشكلون خطرًا على الولايات المتحدة. وأثار هذا الأمر انتقادات حقوقية عالمية ودولية واسعة، كما اندلعت مظاهرات واسعة في أمريكا ضد قرار ترامب. وكان ترامب، انتقد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لانتهاجها سياسة منفتحة حيال اللاجئين، ما دعا المستشارة الألمانية إلى تذكير ترامب في أول مكالمة بينهما، أواخر الشهر الماضي، باتفاقيات جنيف، التي تنص بوضوح على ضرورة سماح الدول التي وقّعت عليها، ومن بينها الولايات المتحدة، بدخول اللاجئين بسبب الحروب ولأسباب إنسانية (دون شروط) إلى أراضيها.
وتدهورت العلاقات الألمانية الأمريكية في الفترة الأخيرة، منذ تولي ترامب مهامه في البيت الأبيض، الذي انتقد سياسة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وهاجم مساعد ترامب بشؤون التجارة مؤخرًا الحكومة الألمانية، قائلًا إنها حققت مكاسب تجارية مستغلة هبوطًا في عملة اليورو.
اقرأ/ي أيضًا: