ألترا صوت - فريق التحرير
دخلت السعودية من وراء ولي العهد والحاكم الفعلي للبلاد، محمد سلمان، في أزمة دبلوماسية جديدة وفريدة من نوعها، بعد أن قامت باستدعاء سفيرها في كندا، وطلبت في الوقت ذاته من السفير الكندي لديها مغادرة أراضيها خلال 24 ساعة، ردًا على تصريحات وزارة الخارجية الكندية على تويتر، والتي أعربت فيها عن قلقها إزاء استمرار اعتقالات النشطاء داخل السعودية.
بعد تصاعد الأزمة بين السعودية وكندا، نشر حساب سعودي موثق على تويتر، تصميمًا يهدد فيه بتكرار هجمات 11 أيلول/سبتمبر لكن ضد كندا!
السعودية تستدعي إرهابها
وبعد ساعات من إعلان السعودية تجميد جميع التعاملات التجارية والاستثمارات الجديدة، وإيقاف برامج التدريب والابتعاث والزمالة وعلاج المرضى في كندا، قام حساب "إنفواغرافيك السعودية"، الموثق على موقع تويتر، بنشر تصميم لطائرة مدنية متجهة إلى برج "سي إن" في تورنتو، أكبر مدن كندا، مع كتابة الترجمة الإنجليزية للمثل العربي القائل: "من تدخل فيما لا يعنيه نال ما لا يرضيه"، وكتابة ثانية لمثل عربي آخر: "يحشر أنفه فيما لا يعنيه"، الأمر الذي اعتبره مغردون تهديدًا سعوديًا يذكر بالهجوم الإرهابي الذي استهدف برجي التجارة في نيويورك في الـ11 من أيلول/ سبتمبر 2001، والذي للمفارقة تتهم السعودية في الضلوع فيه.
اقرأ/ي أيضًا: أدلة إضافية ضد مملكة الإرهاب.. تدريبات على "غزوة مانهاتن" بأموال السعودية
واللافت في التصميم الأخير الذي نشر على الحساب السعودي، أنه أطاح بمحاولات ابن سلمان الطائشة لإرضاء إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدما هدد بتفعيل قانون جاستا الذي يسمح لعوائل ضحايا 11 أيلول/سبتمبر رفع دعاوى قضائية ضد الرياض تطالبها بتعويضات مالية، ومقابل صفقات تجارية تجاوزت الـ450 مليار دولار أمريكي، ما دفع الملياردير الأمريكي/ الرئيس لتعليق القانون، وتقديم الأمير السعودي على أنه الوجه الجديد لمنطقة الشرق الأوسط!
ويظهر واضحًا مدى تناقض الرياض مع سياستها الخارجية التي تروج من خلالها على أنها الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط التي تقف في وجه محاربة الإرهاب، لكن الظاهر أن ما أنفقته من أموال طائلة، كانت سببًا بارزًا بدفع ابن سلمان لاعتقال أبرز رجال الأعمال السعوديين، وابتزازهم في حادثة الـ"ريتز كارلتون" الشهيرة، سقطت سقطًة مدوية أمام تصميم إنفوغرافيك جعل المغردون يذكرون بأن من بين من نفذوا الهجوم الإرهابي على برجي التجارة العالمية، ثمة 15 سعوديًا وأدوار ملتسبة للمال والمخابرات السعودية في مجمل الحادث، عوضًا عن دور السعودية الكلاسيكي القديم في دعم تنظيم القاعدة، ماديًا ونظريًا!
الرياض تستدرك عواقب الطيش متأخرًا
وبعد نشر تصميم الإنفوغرافيك بساعتين، قامت الرياض بإغلاق الحساب على تويتر وفق ما رصد موقع "ألترا صوت" خلال بحثه على تويتر، حيث قالت وزارة الإعلام السعودية إنها أبلغت صاحب الحساب بإغلاقه لحين "انتهاء الإجراءات النظامية والتحقيق في الموضوع وفقًا للأنظمة الخاصة بالنشر الإلكتروني المعمول بها في المملكة"، فيما بدا كمحاولة متأخرة لاستدراك عواقب الطيش.
وبحسب ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر أن المسؤول عن الحساب هو المستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني، بعدما أعاد مغردون نشر تغريدة له يرجع تاريخها إلى 28 تموز/يوليو 2017 قال فيها: "جهد وطني وتثقيفي رائع يقوم به شباب الوطن القائمون على حساب انفوغرافيك السعودية، لأغراض غير ربحية".
مغردون غربيون: ما هذا الجحيم؟
وعلى الرغم من محاولة الرياض تدارك الموقف بإغلاقها الصفحة، فإن مغردون غربيون تفاعلوا مع الإنفوغرافيك، واعتبروا أن الرياض وجهت تهديدًا مباشرًا لكندا من خلال التذكير بهجوم 11 أيلول/سبتمبر الإرهابي عن طريق التصميم، حيث كتب أحد المغردين متساءلًا: "ما هذا بحق الجحيم؟".
أما الباحث توبياس شنايدر المختص بشؤون الشرق الأوسط فقد أعاد نشر التصميم مع تغريدة كتب فيها: "حذف الآن، هنا لقطة من إنفوغرافيك سعودي يتضمن طائرة ركاب متجهة إلى تورنتو".
كما نشر حساب "Meanwhile in Canada" تغريدة قال فيها إن التصميم يهدد كندا بشكل واضح بـ"عمل إرهابي"، مشيرًا إلى أنه قبل حذفه قد نشر على حساب رسمي للدعاية السعودية.
فيما كتبت مغردة أن الحساب الذي نشر التصميم "مرتبط بالعائلة الحاكمة" في السعودية. وأشارت إلى أن الصورة تحاكي في تصميمها هجمات 11 أيلول/سبتمبر ما يعتبر "تهديدًا" لكندا، بالإضافة لتسببه بضجة كبيرة أدت لحذف التصميم، وإغلاق الصفحة، دون أن تنسى مطالبة السعودية "تقديم اعتذار" لكندا.
العرب يغردون: "التهديد جريمة"
على الجانب الآخر فيما يخص المغردين العرب فقد حملت تغريداتهم انتقادات للطريقة التي يدير بها ابن سلمان الحكم في الممكلة، ما أبرز تناقضًا واضحًا على الصعيدين الخارجي والداخلي، بالأخص بعد التزام الرياض الصمت إزاء انتقادات واشنطن لحملة الاعتقالات التي شنها ابن سلمان العام الماضي ضد رجال أعمال ونشطاء حقوقيين.
وكتب المغرد "مستنير" تغريدة مقتضبة علق فيها على التصميم بالقول: "الحساب الرسمي (@Infographic_ksa) يهدد كندا بصورة طائرة كندية تتجه نحو برج تورنتو! وحسابات كندية تراه تهديدًا مبطنًا بعمل إرهابي".
ولم يتوقف تفاعل المغردين عند تحليل الرسالة التي أرادت الرياض إيصالها للحكومة الكندية، بل امتد لتوجيه انتقادات لاذعة لطريقة افتعال ابن سلمان للأزمات الدبلوماسية، فقد علق أحد المغردين على التصميم قائلًا: "الخطاب الدرباوي الوطنجي الجديد بهجوميته وعنتريته الغير منضبطة لن يكون كثير الأخطاء فحسب بل سيجر الويلات وسيخدم أكبر أعداء البلد".
واتفق مغرد آخر مع التغريدة السابقة، حين كتب على حسابه: "للأسف مثله كثير حسابات وخلفهم متابعين بالألوف وتغريدات العنتريه والعنصريه والتهديد جريمة بنظر العالم واسمها الاٍرهاب إلا عندنا ماخذينها وطنجيه".
تماشيًا مع سياسات الطيش، استدعت السعودية إرهابها الذي تحاول تنظيف صورتها منه، بتصميمها الذي يهدد كندا بهجوم إرهابي!
واستعاد مغرد آخر تدخلات السعودية في دول الربيع العربي التي أفضت لإفشال مشروع التحول الديموقراطي في المنطقة العربية بعد انتفاضة الشباب العربي، حين كتب عبر حسابه ملخصًا سياسات الرياض الحالية في المنطقة: "السعودية اللى مسابتش (التي لم تترك) بلد عربية إلا لما تدخلت في شؤونها، زعلانة من كندا لأن كندا انتقدتها! مجرد انتقاد! ولا خطفت رئيس وزرائها زي ما عملوا في الحريري، ولا دعموا انقلاب زي ما عملوا فى مصر مثلًا! إيه الفُجر دة!".
كذلك استذكر أحد المغردين بعد نشر التصميم، ما تناقلته الصحف العالمية عن تقديم الرياض الدعم لتنظيم القاعدة، فكتب يقول: "العالم يستغرب من حساب سعودي إنفوغرافيك السعوديةـ تحت إدارة مستشار بالديوان الملكي، يدعو صراحة إلى ضرب الأبراج في كندا على غرار ما حدث في 11 أيلول/سبتمبر في نيويورك، واستنكرت الواشنطن بوست الدعوة لممارسة الإرهاب علانية وأعلنت قناة فوكس تعاون القاعدة مع الرياض".
اقرأ/ي أيضًا: