عرفت تونس خلال الأيام الفارطة حملة تضامنية أحدثت زخمًا واسعًا في الشارع التونسي، وتتمثل في جمع تبرعات لبناء قسم استشفائي خاص بالأطفال مرضى السرطان بالعاصمة. وقد أطلقت هذه الحملة جمعية "مرام للأطفال مرضى السرطان" وتبناها الكوميدي والمنشط الشهير جعفر القاسمي ووسائل إعلامية محليّة.
حسب مصادر رسمية، تبلغ عدد حالات الإصابة بمرض السرطان لدى الأطفال في تونس 400 حالة سنويًا
وقد انطلقت الحملة بدعوة أطلقها الكوميدي التونسي جعفر القاسمي في برنامجه الإذاعي الصباحي، وهو من بين البرامج الأكثر شهرة في تونس، لتنظيم ماراثون من أجل "عدو التحدّي" بالعاصمة للتحسيس بإطلاق حملة جمع التبرعات. وقد واكب هذه التظاهرة مئات التونسيين إضافة إلى وجوه معروفة على الساحة الرياضية والسياسية والفنية والإعلامية على غرار أمين عام حزب التيار الديمقراطي وعضو البرلمان غازي الشواشي والبطل الأولمبي السابق محمد القمودي.
اقرأ/ي أيضًا: موت آلاء.. الصحة الجزائرية في قفص الاتهام
وشهدت الحملة طيلة أسبوعين زخمًا متصاعدًا في المجتمع التونسي بمختلف فئاته، ولاقت دعمًا حتى من رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي. وتم تخصيص حلقة خاصة في برنامج تلفزي أسبوعي لاختتام حملة التبرعات وإعلان المبلغ النهائي الذي تم تجميعه. حيث أعلن الممثل جعفر القاسمي في أجواء مؤثرة كسب التحدّي بتجميع مبلغ 1.2 مليون دينار (530 ألف دولار) وهو المبلغ المحدد حين انطلاق الحملة لبناء المركز الصحّي الخاص بأطفال السرطان. وبينت جمعية "مرام" لاحقًا على صفحتها على فيسبوك أن الحملة تلقت 869 ألف إرسالية تبرعات عبر الهاتف الجوال.
وبعد تجميع المبلغ المحدّد لبناء المركز، أعلنت الجمعية أن الدولة ستقوم باقتطاع قرابة ربع قيمة التبرعات وفق قوانين الضرائب، وذلك قبل أن تؤكد الجمعية الخيرية أنها تلقت وعودًا من جهات فاعلة بالدولة بعدم اقتطاع المبلغ حيث نشرت على صفحتها الخاصة على فيسبوك أن "جميع الجهود متضافرة لمناقشة إمكانية الإعفاء الضريبي وتحقيقها، وإننا على أمل كبير أن تتكلل هذه المحادثات بالنجاح".
وأعلنت الجمعية أن المركز الصحي الذي سيتم بناؤه بالتعاون مع وزارة الصحة يضم أكثر من 10 غرف بطاقة استيعاب تتراوح بين 34 و37 حالة يومية بالإضافة إلى قاعات علاج ومدرسة مصغّرة لكي يتمكن الأطفال من متابعة دراستهم فضلاً عن قاعة ألعاب خارجية وأخرى داخلية.
يكشف نجاح وزخم الحملة الإنسانية لبناء قسم استشفائي خاص بأطفال السرطان عن أهمية دور المجتمع المدني في تونس
وكانت قد تأسست جمعية "مرام" بمبادرة من والدة رضيعة مريضة بالسرطان اسمها "مرام"، توفّيت بسبب عدم قدرة عائلتها على علاجها ورفض صندوق التأمين الصحي دفع تكاليف الرحلة العلاجية إلى الخارج، التي تبلغ قيمتها مئات ملايين الدنانير وهو ما تعجز الصناديق الاجتماعية عن توفيره.
اقرأ/ي أيضًا: فتح النور بن إبراهيم.. اخرس أيّها السّرطان
وحسب مصادر رسمية، تبلغ عدد حالات الإصابة بمرض السرطان لدى الأطفال في تونس 400 حالة سنويًا، ويتميّز هذا النوع من السرطان بأنه سريع الظهور في أوقات قياسية وآثاره خطيرة وهو ما يستوجب سرعة التدخل الصحّي.
وقالت الجمعية إن تحدي بناء مركز خاص للأطفال مرضى السرطان يهدف لتقليص عناء الانتظار ومشقة السفر إلى الخارج من أجل تلقي العلاج كما يقلّص من مصاريف العلاج خاصة وأن التكلفة بالنسبة لطفل واحد يتلقى عملية زرع نخاع عظمي تتجاوز 500 ألف دينار (210 ألف دولار).
ويكشف نجاح هذه الحملة الإنسانية لبناء قسم استشفائي خاصّ بأطفال السرطان عن أهمية دور المجتمع المدني والمدّ التضامني الشعبي في مساعدة مرضى السرطان وإسنادهم. وتذكر هذه الحملة في تونس بالحملة الشهيرة في مصر التي انتهت ببناء مستشفى سرطان الأطفال أو مستشفى 57357، نسبة لرقم التبرعات، وهو أحد أكبر مستشفيات الأطفال في العالم المختصّة في علاج أطفال السرطان، وقد تمّ بناؤه عن طريق حملة تبرعات واسعة امتدّت لسنوات.
اقرأ/ي أيضًا:
غياب العلاج التلطيفي.. ألم المغاربة الصامت
الوقاية من سرطان الثدي:توعية نيوليبرالية استهلاكية