تستعد إسرائيل، حسب فايننشال تايمز، لاختبار نموذج تجريبي لإدارة غزة في مرحلة ما بعد الحرب، وذلك من خلال إنشاء سلسلة من الجيوب الفلسطينية المتعاونة، وهي مناطق بحسب المخطط الإسرائيلي خالية من حماس.
وأشارت فايننشال تايمز إلى وجود شكوك قوية في إمكانية تنفيذ المخطط، فبحسب خبراء اطلعوا على المخطط من المستبعد نجاحه، نظرًا لمعارضة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ونظرًا كذلك للصراعات داخل حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التفاصيل، وعدم حماس الدول العربية للخطة، وفق الصحيفة.
ومع ذلك سيتم قريبًا إطلاق المرحلة الأولى من المخطط التجريبي لـ "الجيوب المتعاونة"، في أحياء الشمال مثل بيت حانون وبيت لاهيا، ومن ثم الانتقال جنوبًا.
وأوضحت فايننشال تايمز أن هذه "الجيوب" جزء تكتيكي فقط، من خطة من ثلاثة مستويات لليوم التالي للحرب، مضيفةً أن مسؤولين من السلطة الفلسطينية وقادة محليين آخرين سيديرون المشهد، بينما ستكون الإدارة الفعلية لممثلين من التحالف الدولي والعربي، ومسؤولين من السلطة، ومقاولين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها إن هناك خططًا لتدريب قوة فلسطينية محلية من داخل غزة على يد أفراد أمن سابقين من السلطة، لتولي مسؤولية الأمن في الجيوب، وأنه جرى بالفعل ترشيح آلاف من العناصر المحتملين للتدريب على يد المنسق الأمني الأميركي الجنرال مايكل فنزل.
تخطط إسرائيل لإطلاق نموذج تجريبي لإدارة غزة بعد الحرب، وذلك من خلال إنشاء "الجيوب المتعاونة"، وهي مناطق تحت سيطرة إسرائيلية تكون خالية من حماس
وبموجب الخطة سيسلم الجيش الإسرائيلي المساعدات من معبر بيت حانون إلى المجموعات المحلية لتوزيعها، كما سيجري توسيع مسؤوليات هذه المجموعات تدريجياً لتولي الحكم في المنطقة.
وستتولى القوات الإسرائيلية، على الأقل في مرحلة أولية، ضمان الأمن. وفي حالة نجاحها، ستقوم إسرائيل بعد ذلك بتوسيع "الجيوب" جنوبًا، لتحل محل حكم حماس الذي استمر قرابة عقدين للقطاع.
كما ينظر إلى الخطة، حسب المطلعين عليها، على أنها وسيلة لممارسة الضغط على حماس في حال تعثر المحادثات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه بايدن.
وتأتي هذه الخطة الإسرائيلية بعد أشهر من الضغوط الدولية على حكومة نتنياهو لصياغة نظام بديل موثوق به لغزة ما بعد الحرب. لكن اثنين ممن اطلعوا على الخطة قالا إنها مجرد نسخة أخرى من المحاولات الإسرائيلية السابقة، والتي أحبطتها حماس بحكم الأمر الواقع.
ونقلت فايننشال تايمز عن أحدهم "لقد جربنا هذا بالفعل في ثلاثة أجزاء مختلفة من وسط وشمال غزة، بما في ذلك مع العشائر المحلية"، لكن النتيجة وفقًا لمسؤول إسرائيلي كبير سابق مطلع على المخطط كانت "تعرض جميع من نسقنا معهم للضرب أو القتل على يد حماس".
وأشارت فايننشال تايمز في هذا السياق إلى ما وصفتها باشتباكات دامية "اندلعت الأسبوع الماضي بين عشيرة بارزة في وسط غزة وأفراد أمن تابعين لحماس بعد أن أعدمت الجماعة المسلحة رب عائلة أبو عمرة بسبب "تقبلها" المزعوم للمبادرات الإسرائيلية، وفقًا لمصدر أمني في غزة".
🔴 قالت قبائل فلسطين وعشائرها، في بيان لها إنها تدعم المقاومة وإن إدارة غزة شأن فلسطيني، لافتة إلى أن حديث قادة الاحتلال عن تولي العشائر إدارة الحياة المدنية في غزة كلام مثير للسخرية "لن يتعاطى معه إلا من يدور في فلك الاحتلال وأذنابه وهو مرفوض جملة وتفصيلًا".
تابع التفاصيل في… pic.twitter.com/PHbOBNHXAT
— العربي الجديد (@alaraby_ar) January 6, 2024
وكانت حركة حماس قد قالت في بيان لها يوم الثلاثاء الماضي إنها لن تسمح لأي طرف "بالتدخل" في مستقبل قطاع غزة، وأنها "ستقطع أي يد للاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول العبث بمصير ومستقبل شعبنا".
وذكر مصدر آخر مطلع على المخطط الإسرائيلي لغزة ما بعد الحرب أن المحاولات الإسرائيلية لتحديد الفلسطينيين المحليين الذين يمكنهم إدارة غزة بدلًا من حماس مستمرة منذ تشرين الثاني/ نوفمبر، دون أي نجاح كبير.
كما أن إحدى العقبات الرئيسية، تتمثل حسب خبراء، في رفض نتنياهو المستمر لأي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، فضلًا عن رفض نتنياهو القطاع لأي "مسار يفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية" في الضفة وغزة والقدس الشرقية.
حيث كرر أكثر من مرة طيلة الأسابيع القليلة الماضية: "لست مستعدًا لإقامة دولة فلسطينية في غزة، ولست مستعدًا لتسليم غزة إلى السلطة الفلسطينية".
ومع ذلك، يواصل نتنياهو وكبار مساعديه الإصرار على أن الحكومات العربية ستلعب دورًا رئيسيًا في أي ترتيبات تتعلق بـ"ما بعد الحرب"، سواء من خلال توفير الدعم الدبلوماسي أو التمويل أو حتى قوات لحفظ السلام.
وكان تساحي هنغبي، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، قد دعا إلى "قيادة من مجموعة من الدول العربية المعتدلة، إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة" لإدارة غزة. وأضاف في مؤتمر أمني الأسبوع الماضي أنهم بالاشتراك مع "قيادة فلسطينية محلية" سيقودون "التحرك لخلق بديل لحماس".
ومع ذلك، رفض المسؤولون العرب لعب أي دور من هذا القبيل دون وجود السلطة الفلسطينية وإحراز تقدم ملموس نحو إقامة دولة فلسطينية، وفقًا لخمسة أشخاص مطلعين على المناقشات.
وقال أحد الدبلوماسيين العرب: "لن تدعم الدول العربية إعادة الإعمار في غزة أو خطط ما بعد الحرب ما لم تتخذ إسرائيل خطوات ملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية".