كشف تقرير لموقع سيرفشارك أن الأردن جاء في المركز الأول على قائمة الدول العربية التي تراقب بيانات مستخدمي الإنترنت، فيما تصدرت الولايات المتحدة القائمة عالميا.
التقرير أشار إلى أن الأردن كان الأكثر طلبا لبيانات المستخدمين بين الدول العربية بواقع 19.05 حالة لكل 100 ألف مستخدم
التقرير أشار إلى أن الأردن كان الأكثر طلبا لبيانات المستخدمين بين الدول العربية بواقع 19.05 حالة لكل 100 ألف مستخدم وذلك من خلال طلب بياناتهم من كل من أبل وغوغل وفيسبوك ومايكروسوفت في الفترة منذ 2013 وحتى عام 2020.
تقرير آخر لفريدم هاوس صنف الأردن في المرتبة السابعة والأربعين من أصل مئة ووصف حرية استخدام الإنترنت فيه بأنه حر جزئيا، إذ قال التقرير إن الحكومة الأردنية تستمر في منع الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي في ظروف معينة، كما تستمر في التضييق على الصحفيين وملاحقتهم والحد من تغطيتهم لبعض القضايا الهامة على شبكة الإنترنت.
ويشير التقرير أيضا إلى استهداف ناشطين حقوقيين بأدوات تجسس وإلى مخاوف تتعلق بالرقابة على النشاطات على شبكة الإنترنت، فإلى أي درجة يستشعر الأردنيون تلك الرقابة؟ وما هي حدود المسموح والممنوع كما يراها الرقيب؟
حرمان بسبب "إساءة الاستخدام"
مطلع هذا الشهر، دعت نقابة مالكي الشاحنات إلى الإضراب عن العمل بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية للمرة الثامنة هذا العام. الاحتجاجات التي سرعان ما انضمت إليها نقابات واتحادات أخرى حتى شملت قطاع النقل كله، اتسعت رقعتها أيضا لتغطي مدنا أخرى وتشل حركة النقل وعددا من القطاعات الاقتصادية في البلاد.
الاحتجاجات التي انتقد الكثيرون تجاهل الحكومة لها، خفتت في يومها العاشر، لا بسبب ضعف التغطية الإعلامية إلى حد انعدامها في بعض الأوقات، بل بسبب استشهاد نائب مدير شرطة محافظة معان، العقيد عبد الرزاق الدلابيح، برصاصة في الرأس وجرح آخرين.
فالمحتجون الذين تجاهلتهم معظم وسائل الإعلام كانوا قد وجدوا في شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بديلا لتوصيل أصواتهم بل ولتنظيم الاحتجاجات السلمية.
إلا أن راديو البلد قال إن شبكة الإنترنت لا تزال منذ أيام وحتى صباح يوم الأحد مقطوعة عن مدينة معان، كما أبلغ ناشطون عن انقطاع خدمات الإنترنت وبطئها في مدن أخرى من بينها العاصمة عمان إلى وقت كتابة هذا التقرير، في حين كشف موقع نت بلوكس أن موقع تك توك منع في الأردن على خلفية الاحتجاجات.
ولم ينتظر الأردنيون كثيرا قبل أن تقر مديرية الأمن العام في بيان لها بأن وحدة الجرائم الإلكترونية قررت "إيقاف منصة تيك توك عن العمل موقتاً داخل المملكة، بعد إساءة استخدامها وعدم تعاملها مع منشورات تحرّض على العنف ودعوات الفوضى."
وأضاف البيان متوعدا أن الوحدة وفرق الجرائم الإلكترونية تتابع ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصاً فيما يتعلّق بخطاب الكراهية والحضّ على التخريب والاعتداء على أجهزة إنفاذ القانون والممتلكات وقطع الطرق."
الدرجات مقابل الترويج لقرارات حكومية
مطلع الشهر الجاري، اشتكى طلاب في الجامعة الأردنية من فرض أساتذة مادة الثقافة الوطنية لواجبات تلزمهم بنشر منشورات على حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تتناول إيجابيات قانوني الأحزاب السياسية والانتخاب لعام 2022 واشتراط حصول المنشور على ما لا يقل عن أربعين إعجابا من أجل الحصول على درجات الواجب.
فريق حقوق الإنسان في الجامعة أعلن عن حملة تدعو الطلاب إلى رفض الانصياع لطلبات الأساتذة، كما رفع كتابا إلى عمادة شؤون الطلبة للاعتراض على الواجب وحيثياته، إلا أن الجامعة لم تعلق على القضية.
ناشطون في الحملة ربطوا بين سلوك الأساتذة والجهود الحكومية المبذولة من أجل دفع الشباب إلى المشاركة في الحياة السياسية التي يراها كثيرون مقيدة ومشروطة، إذ يؤخذ على الحكومة أنها تدفع الشباب إلى الانخراط في بعض الأحزاب من جهة، وتلاحق من ينشطون في أحزاب أخرى من جهة ثانية.
شبكة مقيدة بأمر القانون
شكل قانون الجرائم الإلكترونية منذ إقراره عام 2015 وبعد إجراء العديد من التعديلات عليه، أحد أكثر القوانين إثارة للجدل في البلاد بسبب اتساع نطاق الممارسات المجرمة وفقه وتغليظ العقوبات فيه، كما ينتقد بسبب بعض بنوده الفضفاضة التي تسهل استغلاله لإسكات المعارضين، وبسبب انتهاك بعض بنوده لخصوصية المراسلات.
كل ما سبق دفع هيومان رايتس ووتش إلى اتهام الحكومة في أيلول/ سبتمبر من هذا العام بأنها "تسحق الحيز المدني" من خلال استخدام القوانين التي وصفتها بالغامضة من أجل أن تجرّم التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع، إذ "تحتجز السلطات الصحفيين، والنشطاء السياسيين، وأعضاء الأحزاب السياسية والنقابات العمالية المستقلة وأفراد عائلاتهم وتستجوبهم، وتضايقهم"، بل وتقيد حقوقا أساسية مثل العمل والسفر بهدف القضاء على المعارضة السياسية.
في السياق ذاته، كشف ناشطون وحقوقيون وصحفيون أردنيون مطلع هذا العام أن هواتفهم تعرضت للاختراق باستخدام أدوات تجسس ذكية مصنعة إسرائيليا، وأشاروا بأصابع الاتهام إلى "وكلاء لجهات رسمية."
تواجه الحكومة الأردنية اتهامات من منظمات عالمية بأنها "تسحق الحيز المدني" من خلال استخدام القوانين التي وصفتها بالغامضة من أجل أن تجرّم التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع
ولكن من جهة أخرى، أعلنت وسائل إعلام محلية في العديد من المناسبات عن التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين الأردن وكل من الولايات المتحدة وبريطانيا بهدف التعاون في مجال الأمن السبراني، وهو ما يؤكده قانون إقرار الدفاع الوطني الأمريكي للعام المقبل، إذ ينص على ضرورة تطوير التعاون في مجال الأمن السبراني بين البلدين ويصف الأردن بأنه "شريك هام للولايات المتحدة في مجال الفضاء السبراني."
الاتفاقيات تأتي بهدف "تعزيز التعاون وتبادل الخبرات" في هذا المجال، ويندرج ضمن ذلك إجراء بحوث مشتركة وتبادل الاستشارات والتدريب الفني، بالإضافة إلى تطوير برامج بالتعاون مع القطاع الخاص والشركات التقنية.