30-أكتوبر-2024
السودان

بعثة أممية توثق انتهاكات جسيمة وعنف جنسي واسع النطاق في السودان (رويترز)

وثّقت الأمم المتحدة انتهاكات جسيمة للأطراف المتصارعة في السودان بحق المدنيين، منها ارتكاب جرائم العنف الجنسي بشكل واسع، وذلك وفقًا لما جاء في تقرير مفصّل لبعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان.

وأكدت البعثة الأممية في تقريرها الذي صدر، أمس الثلاثاء، أن قوات الدعم السريع في السودان، مسؤولة عن ارتكاب عنف جنسي على نطاق واسع، أثناء تقدمها في المناطق التي تسيطر عليها، بما في ذلك حالات الاغتصاب الجماعي والخطف، واحتجاز ضحايا في ظروف تصل إلى مستوى "الاستعباد الجنسي".

وخلص التقرير إلى وجود "أسباب معقولة" للاعتقاد أن هذه الأفعال ترقى إلى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية بما في ذلك التعذيب، والاغتصاب، والاستعباد الجنسي، والاضطهاد على أسس إثنية وجنسانية.

التقرير الأممي قال إن قوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات تتضمن حالات الاغتصاب الجماعي والخطف، واحتجاز ضحايا في ظروف تصل إلى مستوى الاستعباد الجنسي

ونوّه التقرير إلى توثيق انتهاكات نُسِبت إلى القوات المسلحة السودانية والمجموعات المتحالفة معها، مبينًا أنها تتطلب مزيدًا من التحقيق لتحديد نطاقها وأنماطها، لكنه وجد أيضًا أن معظم حالات الاغتصاب والعنف الجنسي والجنساني ارتكبتها قوات الدعم السريع، بالتحديد في ولايات الخرطوم الكبرى ودارفور والجزيرة، كجزء من نمط يهدف إلى إرهاب ومعاقبة مدنيين بسبب صلاتهم المفترضة مع الطرف الآخر، وإلى قمع أي معارضة لتقدّمها.

وقال رئيس بعثة تقصي الحقائق، محمد شاندي عثمان: "لقد أذهلنا النطاق المهول للعنف الجنسي الذي نقوم بتوثيقه في السودان، إن وضع المدنييّن الأكثر حاجة، ولا سيما النساء والفتيات من جميع الأعمار، يبعث على القلق الشديد ويتطلّب معالجة عاجلة".  

وأشار التقرير إلى ارتكاب أعمال عنف جنسي "بقسوة ملحوظة" في دارفور، عبر استخدام الأسلحة النارية والسكاكين والسياط لترهيب أو إكراه الضحايا، مع إهانتهم بازدراء أو عنصرية أو تحيّز جنسي، والتهديد بقتلهم. كما استُهدف العديد من الضحايا على أسس جنسانية ولانتمائهم الإثني الفعلي أو المُفترض حتى تعرضوا في آن للضرب، أحيانًا باستخدام العصي، أو للجَلد.

ووفقًا للتقرير، كانت أفعال العنف هذه تتم غالبًا أمام أفراد العائلة، الذين كانوا هم بدورهم تحت التهديد. كما يشير التقرير إلى معلومات وصلت للبعثة الأممية، بشأن رجال وفتيان استُهدفوا أثناء الاحتجاز وتعرّضوا لأعمال عنف جنسي، تضمّنت الاغتصاب والتهديد بالاغتصاب والتعري القسري وضرب الأعضاء التناسلية.

وخلصت البعثة التابعة للأمم المتحدة إلى وجود "أسباب معقولة" للاعتقاد بأن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت الاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي، والتي ترقى إلى انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وشملت تلك الأفعال، استعمال العنف ضد الحياة والسلامة البدنية، ولا سيما التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية المهينة، والإساءة إلى الكرامة الشخصية، بالتحديد المعاملة المهينة والمحطة بالكرامة والاغتصاب، وأي شكل من أشكال الاعتداء المشين.

وأوضح البيان الأممي بأن اختطاف النساء والفتيات، وحبسهن واحتجازهن لأغراض جنسية، بما في ذلك الاغتصاب والاستغلال الجنسي، أوجد ظروفًا مكّنت فيها قوات الدعم السريع من ممارسة سلطة التملّك على الضحايا المسلوبة حرياتهن أصلًا، ووصف هذه الأعمال بـ"الاسترقاق الجنسي" المحظور.

وقالت الخبيرة، جوي نجوزي إيزيلو، وهي أحد أعضاء البعثة الأممية: "إن النساء والفتيات والفتيان والرجال في السودان، الذين يتعرضون بشكل متزايد للعنف الجنسي والجنساني بحاجة إلى الحماية. وبدون المساءلة، ستستمر دوامة الكراهية والعنف. يجب علينا وقف الإفلات من العقاب ومحاسبة الجناة".

وبيّن التقرير أن الانتهاكات والجرائم ذات الصلة في السودان تتزايد يومًا بعد يوم، منوهًا إلى أن ربع الشعب السوداني قد نزح داخليًا أو لجأ إلى البلدان المجاورة، وأضحى الغالبية العظمى منه من الفئات الضعيفة المعرضّة لانتهاكات وتجاوزات جسيمة، بما في ذلك العنف الجنسي.