23-أكتوبر-2024
تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان

مدنيون نازحون من غرب دارفور في أغسطس الماضي (رويترز)

تواصل الأزمة الإنسانية في السودان تفاقمها مع استمرار الحرب التي تجتاح البلاد منذ ما يقارب سنة ونصف، فقد أعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، وفي بلاغ نشره، أمس الثلاثاء، عن قلقه البالغ إزاء تأثير النزاع المسلح المستمر على المدنيين، في أنحاء كثيرة من السودان. وجدد الدعوة للأطراف لوقف القتال، والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى الأشخاص المحتاجين للمساعدة أينما كانوا.

وقال المكتب الأممي في بلاغه، إن القتال لا يزال مستعرًا في ولايات شمال دارفور، وغرب دارفور، والخرطوم، وشمال كردفان، والجزيرة، على الرغم من الدعوات المتكررة للأطراف لخفض التصعيد، وضمان حماية المدنيين، وتسهيل الوصول الإنساني.

وبحسب ما أفادت المنظمة الدولية للهجرة، فإنه في شمال دارفور وحده، هناك حوالي 410 آلاف شخص نزحوا من محلية الفاشر في غضون ستة أشهر فقط، وكان العديد منهم قد نزحوا مرة واحدة على الأقل خلال هذه الحرب.

نزح من محلية الفاشر في شمال درافور حوالي 410 آلاف شخص في غضون ستة أشهر فقط، وكان العديد منهم قد نزحوا مرة واحدة على الأقل خلال هذه الحرب

وذكر مكتب "أوتشا"، أنه لا يزال يتلقى تقاريرًا عن وقوع إصابات بين المدنيين، وهجمات عشوائية تؤثر على البنية التحتية العامة والمناطق السكنية، في شمال دارفور وأماكن أخرى، مع انقطاع العديد من المناطق فعليًا عن المساعدة الإنسانية.

تفشي الأوبئة والمجاعة

وتتواصل الحرب في السودان على مدى الأشهر الـ18 الماضية، مخلفةً حصيلة كبيرة من الضحايا تتضارب الأرقام حولها. وفي شهر أيلول/سبتمبر الماضي، قدرت منظمة الصحة العالمية عدد القتلى بما يفوق الـ20 ألف شخص، بينما سبقتها الأمم المتحدة إلى الإعلان بأن هذه الحرب أودت بحياة 15 ألف شخص في إقليم دارفور لوحده.

وجراء هذا الوضع، يعيش السودان أزمة إنسانية كبيرة، حيث تتسع رقعة الجوع بشكل كبير، مهددة حوالي 25.6 مليون سوداني، بينما يعاني أكثر من 750 ألف منهم من مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، بحسب ما أفادت تقارير الوكالات التابعة للأمم المتحدة.

ووفقًا لأحدث بيانات التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) شهر حزيران/يونيو الماضي، أسفر التدهور السريع في الأمن الغذائي في السودان عن وصول 755 ألف شخص إلى أوضاع كارثية (المرحلة 5 في التصنيف)، حيث يلوح خطر المجاعة في 14 منطقة.

وتوجد أسوأ الظروف في المناطق الأشد تضررًا من القتال، والتي يتجمع فيها النازحون جراء المعارك. ويكابد قرابة 25.6 مليون شخص مستويات عالية من الجوع الحاد (المرحلة 3+ من التصنيف). وهذا يعني بالنسبة لنصف سكان السودان المتضررين من الحرب، أن عليهم الكفاح كل يوم لإطعام أنفسهم وأسرهم.

ووفق المعطيات التي نشرتها "اليونيسف"، هناك حوالي 13 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات غذائية، من بينهم ما يقارب 3.5 مليون قد يتعرضون إلى خطر المجاعة الحادة التي قد تقتلهم.

هذا وفقد أكثر من 60 بالمئة من السودانيين مصادر دخلهم، وتراجعت القدرة الشرائية بأكثر من 70 بالمئة في ظل تآكل الجنيه السوداني، والارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية، وصعوبة الحصول عليها في العديد من المناطق بسبب الظروف الأمنية.

وبالتزامن مع هذا، يواجه السودان خطر تفشي الأوبئة، وعلى رأسها الكوليرا. ومنذ تموز/يوليو الماضي، انتشر وباء الكوليرا في السودان إلى 11 ولاية، مع الإبلاغ عمّا يقارب من 26 ألف حالة إصابة و722 حالة وفاة مرتبطة به، وفقًا لمكتب "أوتشا".

وفي المؤتمر الصحفي اليومي، قال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، أمس الثلاثاء، إن شركاء الأمم المتحدة في العمل الإنساني والسلطات الصحية السودانية، يواصلون تكثيف الاستجابة لتفشي الكوليرا المستمر.

وقد انطلقت في أواخر الأسبوع الماضي المرحلة الأخيرة من حملة التطعيم ضد الكوليرا بهدف الوصول إلى حوالي 1.4 مليون شخص في ولايات كسلا، والقضارف، ونهر النيل.

دعوات دولية لتسهيل مرور المساعدات

وخلال إحاطته الصحفية، أمس الثلاثاء، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، السلطات السودانية إلى تمديد فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد إلى ما بعد 15 نوفمبر/تشرين الثاني. وذلك عقب دعوات وجهها المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، إلى مفوضية المساعدات الإنسانية السودانية، تطالب "ببذل المزيد من الجهود لتسهيل وصول الأمم المتحدة والجهات الإنسانية الأخرى إلى جميع أنحاء السودان، بما في ذلك ضمان بقاء معبر أدري الحدودي مفتوحًا".

وأعرب ميلر عن "قلق واشنطن إزاء التأخيرات البيروقراطية التي تمنع وصول المساعدات الإنسانية المهمة إلى ملايين السودانيين"، الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة، وأكد أن وصول المساعدات الإنسانية إلى السودان دون عوائق أمر بالغ الأهمية لإنقاذ الأرواح.

وفي منتصف الشهر الجاري، أطلقت نحو 10 دول، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، دعوات للطرفين المتحاربين في السودان، من أجل ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين الأشخاص الذين يحتاجون إلى "مساعدة عاجلة".

وكانت الحكومة السودانية قد أعلنت، السبت الماضي، فتح 6 مطارات و7 معابر برية أمام المنظمات الدولية من أجل إدخال المساعدات الإنسانية. وقالت الحكومة في بيان، إنها وافقت على فتح مطارات كل من مدينة كسلا ودنقلا والأبيض، بالإضافة إلى مطار كادقلي، الذي تم التوافق عليه بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس دولة جنوب السودان، سالفا كير ميارديت. وأكدت التزامها بـ"تقديم كافة التسهيلات لانسياب المساعدات الإنسانية للمحتاجين في كافة أرجاء السودان".