خلافًا للسنة الماضية، لم تصدر السلطات المغربية أي رد فعل، حول التقرير السنوي للخارجية الأمريكية، والذي يقيم وضعية حقوق الإنسان عبر العالم، إذ وجه هذا التقرير مجموعة من الانتقادات للسلطات المغربية حول مدى احترامها لحقوق الإنسان في بعض المجالات.
قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن أكبر المشاكل المستمرة حول حقوق الإنسان بالمغرب، تتجسد في تفشي الرشوة وعدم استقلالية القضاء
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن أكبر المشاكل المستمرة حول حقوق الإنسان بالمغرب، تتجسد في تفشي الرشوة وعدم استقلالية القضاء، بالإضافة إلى التضييق على حرية التعبير والصحافة.
اقرأ/ي أيضًا: المغرب..إطلاق نار على عضو برلماني يثير التساؤلات
وأشار التقرير ذاته، إلى المعاملة التي وصفها بـ"السيئة" أثناء الاعتقال من طرف السلطات للمعتقلين، زيادة على قلة التحقيقات في قضايا تتعلق بفساد المسؤولين، مما يساعد على "نشر تصور الإفلات من العقاب". وأشار التقرير أيضًا إلى أن "السلطات المدنية، في بعض الأحيان، لم تحافظ على مراقبة فعالة تجاه قوات الأمن، وخرق الحق في تأسيس الجمعيات، وتقييد الحق في أداء الشعائر الدينية"، وتابع التقرير أن "الحكومة وضعت قيودًا على الجمعيات الحقوقية المحلية والدولية بناءً على توجهات هذه الجمعيات وحساسية القضايا"، كما ذكر التقرير "استمرار تجارة البشر وعمل الأطفال، خاصة بالقطاع غير المهيكل".
في هذا السياق، يقول عبد الله بقالي، مدير جريدة العلم، ورئيس النقابة الوطنية للصحافة بالمغرب، ضمن حديثه لـ"الترا صوت إن "تقرير وزارة الخارجية الأمريكية، يعد سلوكًا شاذًا"، قائلًا إنه "لا يحق لبلد كيفما كان، تنقيط مستويات حقوق الإنسان عبر العالم، فهذا التقرير يعد من الممارسات الغريبة التي تمارسها الولايات المتحدة"، حسب رأيه.
وأضاف عبد الله بقالي أن "الكل يعرف أن الجهات المخولة لها إصدار تقارير حول حقوق الإنسان، هي فقط المنظمات الدولية أو الإقليمية المختصة، لهذا فالولايات المتحدة هي نفسها تحتاج إلى تقارير لتقييم الوضع الإنساني داخلها". أما عن المعطيات التي تضمنها تقرير الخارجية الأمريكية، فيعلق عبد الله بقالي، أن "هذه المعلومات والانتقادات تعكس نظرة خاصة للولايات المتحدة، فضلًا عن أن هذا التقرير لا مصداقية له".
ومن جهة أخرى، اعترف المتحدث ذاته، أن هناك عراقيل وصعوبات فيما يخص صورة حقوق الإنسان بالمغرب، مؤكدًا أن "المغرب لم يصل بعد إلى المستوى المثالي في هذا الموضوع".
وعن حرية التعبير والصحافة، يرى عبد الله بقالي، أنهما في تطور مستمر، موضحًا "نتوفر على ألف موقع إلكتروني، وأعتقد أن هناك نوعًا من الانفلات أو التسيب فيما يخص هذا الجانب، لأن الحرية بدأت تفقد مصداقيتها، نتوفر أيضًا على قوانين جديدة تؤطر هذا المجال، لكن في المقابل، نعاني من بعض الصعوبات ومتاعب وتجاوزات فيما يخص حرية التعبير والصحافة بالمغرب، من بينها، عدم احترام الحق في الحصول على المعلومة، أيضًا نشاهد اعتداءات متكررة للشرطة تجاه الصحفيين أثناء تأدية واجبهم المهني، ونسمع أيضًا عن محاكمات في حق الصحفيين بين الحين والآخر".
إلا أن لعبد الإله بن عبد السلام، عضو في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، رأيًا مخالفًا حول تقرير الخارجية الأمريكية، فهو يرى أن هذا التقرير استمد معطياته من الجرائد المغربية ومن تقارير المنظمات غير الحكومية بالمغرب.
أشار تقرير للخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان في المغرب إلى المعاملة التي وصفها بـ"السيئة" من طرف السلطات للمعتقلين
وأكد بن عبد السلام ضمن حديثه لـ"الترا صوت" أن" كل المعلومات التي تضمنها التقرير لم تأت بجديد، فالقضاء معروف أنه غير مستقل، هناك تضييق على حرية الصحافة، أيضًا وضعية السجون تبقى مقلقة، ودائمًا نسمع عن إفلات من العقاب من طرف المسؤولين، وغيرها من التجاوزات من طرف السلطة".
اقرأ/ي أيضًا: جدل مغربي حول التعامل الأمني مع احتجاجات الحسيمة
وأوضح المتحدث ذاته، أن بعض وسائل الإعلام المغربية نقلت المعطيات الإيجابية فقط التي جاء بها التقرير، أما المعلومات "التي لم ترق لها"، اعتبروها غير منصفة، ومتحاملة"، وفقًا لتعبيره.
أما عن تحامل أمريكا ضد المغرب، أو ضد بلدان مغاربية أخرى، فقد أكد عبد الإله بن سلام، أن السؤال الذي يجب طرحه، هو "وضعية حقوق الإنسان بهذه البلدان، وهل المعلومات التي يتضمنها التقرير سليمة أم خاطئة؟، مشيرًا إلى أنه يجب مناقشة المعلومات التي يتضمنها التقرير وليس البحث عن المؤامرة.
وأوضح المتحدث ذاته: "قد يكون للولايات المتحدة خلفياتها الخاصة وهي عادة تستعمل هذه التقارير للضغط على الدول، لكن هذا لا يعني أن المعلومات التي تضمنها التقرير غير صائبة".
ويذكر أنه في السنة الماضية، كانت وزارة الداخلية المغربية ردت على التقرير الذي أصدرته الخارجية الأمريكية في منتصف نيسان/أبريل الماضي حول حالة حقوق الإنسان، والذي وصفه المغرب بـ"الافتراء واختلاق وقائع وفبركة حالات والكذب الموصوف"، متحدثة عن أن المغرب لا يقبل تلقي دروس من أي كان وإن لم يشعر قط بأي حرج من النقد البناء". وكان المغرب قد هدد في بلاغه حينها "باللجوء إلى السلطات العليا في مختلف المؤسسات الوطنية الأمريكية بسبب "الضرر الكبير الذي تتسبب فيه هذه التقارير".
اقرأ/ي أيضًا: