قبل شهرين تقريبًا، تعاقد تشيلسي الإنجليزي مع المدرب الألماني توماس توخيل، خلفًا للمدرب فرانك لامبارد أسطورة الفريق السابق وهدّافه التاريخي، والمُقال بعد فشله في تحقيق طموحات إدارة النادي، التي ضخّت أموالًا طائلة في الميركاتو الصيفي الماضي، في محاولة لإعادة الفريق إلى مصاف الأندية المنافسة على لقب بطولة الدوري الممتاز، والتي توّج بها الفريق للمرة الأخيرة في موسم 2016 – 2017 بقيادة الإيطالي أنطونيو كونتي.
إقصاء أتلتيكو مدريد أوروبيًا والوصول إلى المكز الرابع محليًا
تحسّنت نتائج تشيلسي بشكل واضح مع توخيل خلال فترة قصيرة، وما وصول المدرب الألماني إلى اللائحة القصيرة للمرشحين بالحصول على أفضل مدرب في الدوري الإنجليزي لشهر آذار\مارس، سوى تأكيدًا على ذلك التطوّر الذي أحدثه توخيل، وانعكس في الشكل والأداء وأسلوب اللعب، كذلك في المضمون وفي الأرقام والنتائج التي حقّقها الفريق تحت إدارته.
بعد إقالة لامبارد، لم تتردّد إدارة تشيلسي في الإعلان عن الاسم الذي سيخلفه في قيادة دفة البلوز، فبالرغم من توفّر العديد من الأسماء والإحتمالات المتاحة، فإن توماس توخيل كان يمتلك كل المواصفات التي تخوّله قيادة مشروع تشيلسي المستقبلي، فالمدرب الذي خلف يورغن كلوب في تدريب كلّ من ماينز وبروسيا دورتموند، ليعود اليوم ويلحق به إلى إنجلترا، بعد محطة في العاصمة الفرنسية، لديه باع طويل في التعامل مع النجوم الكبار، ويمتلك شخصية قوية تمكّنه من السيطرة على غرفة الملابس.
اقرأ/ي أيضًا: سولشاير يقترب من التمديد مع اليونايتد.. قائمة المدرّبين الأعلى أجرًا في العالم
في مباراة الفريق في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا في العام الماضي ضد أتلانتا الإيطالي، أظهر توخيل رفقة باريس سان جرمان، قدرة كبيرة على قراءة المباريات وقلب النتيجة من خلال التبديلات في الأسماء، وفي الرسم التكتيكي في الشوط الثاني، وقد كان الفريق الباريسي قريبًا من الوصول إلى تتويجه الأوروبي الأول في تاريخه، لكن مانويل نوير حارس بايرن ميونيخ الذي يحتفل بعيده الـ35 هذه الأيام، كان له رأي آخر في المباراة النهائية.
شباك نظيفة في المباريات الست الأخيرة في كل المسابقات
بالحديث عن الأرقام والإحصائيات، تحسّن تشيلسي بشكل واضح مع توخيل خاصة من الناحية الدفاعية. لم يتعرض الفريق لأية خسارة معه في المباريات الـ14 التي خاضها حتى الآن في كل المسابقات، وهي أطول سلسلة عدم خسارة لمدرب جديد في تاريخ النادي. دفاعيًا، نجح الفريق في المحافظة على نظافة شباكه في المباريات الخمسة الأولى تحت قيادة توخيل على ملعبه، وهو أمر لم يحققه أي مدرب آخر في تاريخ الدوري الإنجليزي، كذلك خرج الفريق بشباك نظيفة في مبارياته الأربع الأخيرة في الدوري، بالرغم من أنه واجه فرقًا معروفة بالقوة الهجومية وهي ليدز، إيفرتون، ليفربول ومانشستر يونايتد.
استلم توخيل تدريب تشيلسي عند انتهاء المرحلة الـ19، كان الفريق اللندني يقبع يومها في المركز الثامن، متخلّفًا عن فرق متواضعة في الإمكانيات المادية كأستون فيلا وويستهام، سلسلة النتائج المتميزة التي حققها تشيلسي مع توخيل حملته إلى المركز الرابع، بعد تخطيه عدة فرق أبرزها توتنهام وليفربول، الذين تراجعت نتائجهما بشكل كارثي في هذه الفترة، مع الإشارة إلى أن الفريق يبتعد اليوم بست نقاط فقط عن مانشستر يونايتد صاحب المركز الثاني، قبل ثمانية مراحل من نهاية المسابقة.
اقرأ/ي أيضًا: تشيلسي يواصل إهدار النقاط.. تعادل مخيّب يقرّب لامبارد من مقصلة الإقالة
على الصعيد الأوروبي، قدّم توخيل درسًا تكتيكيًا لدييغو سيموني مدرب أتلتيكو مدريد، وفاز عليه ذهابًا وأيابًا فأخرجه من ثمن نهائي دوري الأبطال، في مبارتين فشل الروخيبلانكوس خلالهما في تسجيل أي هدف طوال180 دقيقة، وسيواجه الفريق بورتو البرتغالي في ربع نهائي المسابقة، وهو يمتلك كل المقومات اليوم لكي يتابع حلمه نحو الحصول على نجمته الثانية في المسابقة بعد بطولة 2012، وفي ظروف مشابهة لظروف الموسم الحالي ومع مدرب مؤقت أيضًا.
على المستوى الفني والخططي، يُحسب لتوخيل أنه استفاد من تجارب المدربين الذين سبقوه في تدريب تشيلسي، من خلال مراكمة النقاط الإيجابية التي بناها أسلافه، مع العمل على معالجة الثغرات ونقاط الضعف واستخدام أسلوب المداورة الذي امتدحه لاعبو الفريق، وقالوا أنه ييقيهم في أتم الجاهزة البدنية، وآخرهم كان ريس جيمس.
كما أعاد المدرب قائد الفريق أزبليكويتا إلى التشكيلة الأساسية كمدافع ثالث، مثلما كانت الحال في عهد كونتي، كذلك أعطى دورًا كبيرًا لماسون ماونت كما كان الحال تحت قيادة لامبارد، لكن النقطة الأهم التي تُحسب لتوخيل هي عدم ركونه للأفكار المسبقة والمعلّبة، على سبيل المثال، أعطى توخيل الفرصة مرة أخرى للظهير الأيسر ماركوس ألونسو، بعدما همّشه لامبارد تمامًا، وخلق منافسة على هذا المركز بينه وبين الدولي الإنجليزي بين تشيلويل، كما نجح توخيل في إعادة الثقة تدريجيًا للدولي الألماني اليافع كارل هافيرتز، الذي كان أحد أفضل لاعبي فريقه في مباراة الإياب ضد أتلتيكو مدريد، فيما كان الفرنسي أوليفييه جيرو المفاجأة السعيدة لمباراة الذهاب، مع تحسّن واضح في مستوى تيمو فيرنر صاحب البداية المتعثرة، وكانتي وكوفاسيتش الذان يقدمان مستويات أكثر من رائعة مؤخرًا.
يحتاج تقييم المدربين في العادة وقتًا طويلًا، وقد تظهر نتائج إيجابية سريعة لكنها تتلاشى سريعًا، إذ تكون هي مجرد ردة فعل من اللاعبين ضد المدرب السابق أو لإثبات الذات الذات مع المدرب الجديد، وهناك شواهد كثيرة على ذلك، لكن الحال يبدو أنه يختلف مع توخيل، من خلال شخصيته وحضوره ومرونته التكتيكية وقدرته العالية في التعامل مع الضغوط، وما تأكيده بأنه سينافس في العام المقبل على جميع المسابقات، سوى انعكاس لاندفاعه وروح التحدي لديه والتي يحتاجها الفريق.
أقال تشيلسي 11 مدربًا خلال السنوات الـ12 الأخيرة، وهو رقم كبير جدًا يظهر انعدام الاستقرار الفني، ومن بينها أسماء ذات وزن كبير كمورينيو، كونتي، رافا بينيتيز وجوس هيدينك، فهل سيجدّ الفريق الاستقرار أخيرًا مع توخيل، وهل سنرى تشيلسي يعود مرة أخرى إلى المنافسات، خاصة مع وعود من الإدراة بأنها ستعزّز صفوف الفريق بصفقات إضافية في الصيف القادم؟ المستقبل سيحمل لنا الإجابة.
اقرأ/ي أيضًا:
إشاعات تربط بقوة بين توماس توخيل وباريس سان جيرمان.. فهل يجتمعان؟
تكرار لنهائي النسخة السابقة.. مواجهات صادمة في ربع نهائي دوري الأبطال